بقلم: خالص جلبي
في الخلية يكمن سر الحياة وخاصته في النواة، حيث ترقد الكروموسومات (الصبغيات) التي تحدد الجنس وصفات النوع إلى الأجيال القادمة، ولقد وجد أن النقلة من عالم الجماد إلى عالم الأحياء الذي يمتاز بالتكاثر والتغذي والتنفس والحس، إنما تتم عن طريق الخلية التي تظهر أوضح ما يكون في عالم الحمات الراشحة (الفيروسات)، كما في كورونا التي ضربت العالم من أقصاه إلى أقصاه هدية من الصينيين، حيث وجد أن بعض الحمات الراشحة تأخذ طورا صفات الجماد، فيدرسها الكيمياوي على أساس أنها مادة وليست حية، فهي تتبلور كما هي في صفات الجمادات وإن كانت ذرتها كبيرة ومعقدة، وطورا آخر يدرسها عالم الجراثيم على أنها حمات راشحة وأن فيها صفات الأحياء وهي التكاثر، ولذا فإنها مخلوقات عجيبة، والحمات لا تتطفل إلا على الأحياء، ولذا فهي لا تعيش إلا داخل الخلية، ولها أنواع متعددة مثل (فيروس كورونا) الذي فاجأنا عام 2019 م على غير موعد، هدية ثمينة من ووهان في الصين! وحمة (الجدري) وحمة (شلل الأطفال) وحمة (النزلة الوافدة) وحمة (فسيفساء التبغ) والعاثيات، وفيروسات الأنفلونزا والحصبة التي قضت على معظم ساكنة أمريكا مع الغزو الإسباني في حرب بيولوجية حقيقية، لعدم وجود المناعة عندهم. وهذه الأخيرة تسطو على الجراثيم خاصة، ولذا فإن هذا الانتقال من طور إلى طور وبشكل يدعو للتأمل والعجب من الجماد إلى الحياة وبالعكس، أن هذا قد يجعلنا نقول لعل سر الخليقة يكمن في هذا التحول عندما يقول الله كن فيكون!
تكوين الأعضاء والأجهزة
في جسم الإنسان في المتوسط 70 مليون مليون خلية [70.000.000.000.000] وهذه الخلايا تشكل مجموعة الأجهزة في الإنسان، مثل جهاز التنفس، وجهاز الهضم، والجهاز البولي، والجهاز التناسلي، والجهاز اللمفاوي، والجهاز الدموي، والجهاز العضلي، والجهاز العظمي، والجهاز العصبي، والجهاز الجلدي، والجهاز الضام، بالإضافة إلى الحواس كالسمع والبصر والذوق والشم والإحساس عن طريق الجلد، فمجموع هذه الأجهزة تتعاون معا لتشكل كينونة واحدة هي الكائن الإنساني، كما أن الجهاز الواحد بالذات ينقسم إلى أعضاء، مثل الجهاز الهضمي الذي ينقسم إلى الفم واللسان والحلق والبلعوم والمريء والفؤاد والمعدة والبواب والاثني عشر والأمعاء الدقيقة، ثم الأمعاء الغليظة، ثم السين الحرقفي، ثم المستقيم، ثم الشرج، وهو كما نرى يتألف من حوالي 12- 13 عضوا، وهذه الأعضاء تتعاون تعاونا وثيقا في ما بينها لتؤدي دورا بالغ الأهمية بالنسبة إلى الكائن الإنساني، وهو التغذية. ومثل آخر على ذلك جهاز التنفس، حيث يشترك الأنف أو الفم في أول مجرى التنفس، وخاصة مجرى الأنف، ثم الحلق، ثم الرغامي، ثم القصبات، ثم القصيبات، ثم الأسناخ الرئوية التي يبلغ عددها 750 مليون سنخ رئوي وتفرش سطحا مساحته 70 مترا مربعا وكله للتبادل الغازي بنظام محكم بديع، وهو كما نرى حوالي 5- 6 قطع أعضاء، وهذه الأعضاء تتعاون معا تعاونا وثيقا لتؤدي غرضا بالغ الأهمية بالنسبة إلى الكائن الإنساني، وهو عملية التنفس وتتلخص في نقل الأكسجين إلى الكرية الحمراء، حيث يرتبط بالهيموغلوبين الموجودة في الكرية الحمراء، وهذه تنقلها بدورها إلى الأنسجة العطشى، حيث تقوم عمليات الأكسدة والاحتراق واستنفاد الغذاء ونشر الطاقة والحرارة اللازمة الضرورية للإنسان حتى يتابع مسيرة الحياة، ثم نقل غاز الفحم الناتج من الاحتراق عبر الأوردة حتى يصب مجموعها العام في القلب الأيمن، أي الأذينة اليمنى، ثم البطين الأيمن، ثم ينتقل عبر الشريان الرئوي إلى الرئتين، حيث يجري طرح غاز الفحم إلى الخارج، حيث ينقلب الدم الفاسد الأسود إلى دم أحمر قانٍ يحمل الأكسجين بدلا من غاز الفحم، ثم ينتقل بدوره إلى القلب الأيسر، أي الأذينة اليسرى بواسطة الأوردة الرئوية الأربعة، حيث تصب في أعلى الأذينة اليسرى، وبالتالي إلى البطين الأيسر، ثم عبر الشريان الأبهر، أو ما يسمى بالوتين إلى جميع أجهزة الجسم، حيث تتغذى بواسطة الأكسجين والأغذية المنقولة إليها.
الأنسجة
ذكرنا في ما مضى أن الخلايا الموجودة والتي تشكل الإنسان تصل إلى حوالي 70 مليون مليون خلية، وهذه تتوزع إلى أجهزة متعاونة متفاهمة، وهذه الأجهزة تنقسم إلى أعضاء متعاونة متفاهمة متناسقة، يكمل بعضها عمل بعض، وتتساند في ما بينها، وكذلك فإن العضو نفسه ينقسم إلى أنسجة متعاونة متناسقة يكمل بعضها بعضا، ومثلا على ذلك المعدة فهي تنقسم إلى أربع طبقات من الناحية النسيجية، فلو تأملناها من الخارج لرأينا أنها تشبه القربة وهي مكونة من قطعة واحدة من اللحم، ولكن لو أخذنا جدار المعدة وحاولنا أن نتبين محتوياته تحت المجهر المكبر، لوجدنا أن هذا الجدار مكون من أربع طبقات فهو أشبه ما يكون بجدار يغلفه جدار ثان، والجدار الثاني يغلفه جدار ثالث، ثم جدار رابع، وهذا ما يعلل لنا لماذا تستطيع المعدة أن تهضم اللحم وهي لحم، ومع ذلك لا تنهضم مع الطعام، فأما الجدار الداخلي الأول فنراه مكونا من طبقة من الخلايا المخاطية التي تفرشه، حيث تقوم بإفراز حمض كلور الماء بنسبة معينة هي أربعة بالألف، ومن خلايا معينة وهي الخلايا المسماة بالخلايا الهامشية، بالإضافة إلى الخمائر وإلى ما يسمى بالعامل (كاسل) الداخلي، وهو الذي يقوم بالدور الأساسي في تكوين الفيتامين «ب 12»، الذي يلعب دورا هاما وحيويا في تكوين الكريات الحمراء ووقاية الإنسان من فقر الدم.
نافذة:
الحمات لا تتطفل إلا على الأحياء ولذا فهي لا تعيش إلا داخل الخلية ولها أنواع متعددة مثل فيروس كورونا الذي فاجأنا عام 2019 م على غير موعد