شوف تشوف

الرئيسيةتقاريررياضة

“ظواهر” مثيرة تنخر جسد البطولة الوطنية

هروب النجوم  وغياب الاستقرار التقني وديون متراكمة ونزاعات بالجملة

خالد الجزولي

مقالات ذات صلة

 

شكل تراجع البطولة الوطنية المغربية لكرة القدم، في التصنيف السنوي الصادر عن الاتحاد الدولي للتاريخ والإحصاء لعام 2024، قلقا كبيرا لدى كل المهتمين بشأن كرة القدم المغربية، بعدما حلت في المركز 34 عالميا برصيد 459.5 نقطة، متراجعة بستة مراكز مقارنة بالتصنيف الذي أحرزه في عام 2023 عندما كان في المركز 28 عالميا، وباتت في وصافة ترتيب القارة السمراء، خلف الدوري المصري المتصدر إفريقيا وعربيا، والمحتل للمركز 16 عالميًا، بعد أن تقدم بأربعة مراكز عن العام الماضي.

 

وتعاني البطولة الوطنية الاحترافية، العديد من الإكراهات، حالت دون تطور المنتوج الكروي الوطني، إذ يتواصل مسلسل الإقالات في صفوف المدربين في مشهد مريب ومثير للجدل، تسبب في غياب الاستقرار التقني لدى عدد من الفرق الوطنية، وزادت هجرة جماعية نحو الدوريين الليبي والمصري من المخاوف، فضلا عن إكراهات أخرى زادت وضعية عدد من الفرق الوطنية تعقيدا على غرار الأزمات المالية المتكررة وتراجع الحضور الجماهيري وغيرها، ارتأت “الأخبار” تسليط الضوء عليها في أفق إيجاد حلول ناجعة، كفيلة بإعادة الريادة للبطولة الوطنية قاريا والسير على نفس التطور الحاصل على مستوى إدارة المنتخبات الوطنية..

 

 

 

“فزاعة” المال تفرغ البطولة من نجومها

 

يسير الدوري المصري على منوال الأندية الليبية لكرة القدم، بجذب أجود لاعبي البطولة الوطنية، وشكلت صفقة انتقال المدافع صلاح مصدق من فريق نهضة الزمامرة إلى نادي الزمالك المصري وتأقلمه السريع مع الأجواء، منعرجا هاما في تعامل الأندية المصرية مع صفقاتها المقبلة بشأن لاعبي البطولة الوطنية، إذ يرتقب أن تغير من نهجها بضم أجود لاعبي فرق المقدمة، والذي يتطلب مبالغ مالية كبيرة، كما كان الشأن مع رضا سليم مهاجم الجيش الملكي ومن قبله وليد أزارو وحميد أحداد ومحمد أوناجم وغيرهم، بعروض مالية أقل، بعد أن تحدثت تقارير إعلامية مصرية، عن ضرورة الاهتمام باللاعبين المتواجدين في فرق مغربية أخرى غير تلك التي تنافس على الألقاب، على اعتبار أن البطولة المغربية تضم لاعبين مهاريين ولا يجدون أية صعوبة في التأقلم مع الدوري المصري، بعروض مالية منخفضة..

فيما يواصل الدوري الليبي الممتاز لكرة القدم، خطف نجوم الكرة المغربية، خلال مرحلة الانتقالات الشتوية التي افتتحت في 21 يناير الماضي، وانتهت في 17 من شهر فبراير الجاري، ويعد الدوري الليبي من أكثر الدوريات العربية نشاطا في فترة الانتقالات الشتوية، بإنفاقه مبالغ مالية مهمة، لتعزيز أندية صفوفه تحسبا للاستحقاقات المقبلة، حيث خصصت أغلفة مالية مهمة لاستقطاب اللاعبين البارزين في الفرق العربية والإفريقية، حتى تسجل عودة قوية في المسابقات القارية.

ووجهت مجموعة من الأندية الليبية بوصلتها نحو البطولة الوطنية، إذ تعاقدت خلال “الميركاتو” الشتوي الماضي مع مجموعة من اللاعبين، بفضل سمعة اللاعبين المغاربة وتألقهم دفع الأندية الليبية إلى التعاقد معهم.، فضلا عن كون الدوري المغربي مصنف ضمن أقوى الدوريات في شمال إفريقيا والوطن العربي، ويملك لاعبين مهرة سواء كانوا مغاربة أو أجانب، ولن يقتصر التعاقد مع اللاعبين المغاربة على الانتقالات الشتوية فقط بل سيستمر الأمر حتى في فترة الانتقالات الصيفية المقبلة، وذلك بحكم أن الأندية المغربية تضم في صفوفها لاعبين مميزين.

 

 

 

“وباء” الإقالة يضرب 13 مدربا

 

يتواصل مسلسل إقالة المدربين في البطولة الاحترافية الأولى، بين صفوف عدد من الفرق الوطنية، بلغ عددها إلى حدود الجولة 22، 6 فرق فضلت سياسة التغيير أملا في استعادة الوازن، بينما حافظت 10 فرق المتبقية على استقرارها التقني ومواجهة موجات الانتقادات رغم تضارب النتائج وتفاوتها.

وعمدت 6 فرق وطنية إلى تغيير مدربيها لأكثر من مرة، أبرزهم الرجاء الرياضي، الذي حطم الرقم القياسي في عدد مرات تغيير المدربين، بعد أن استهل الموسم الكروي الجاري، بمعية البوسني “روسمير سفيكو”، ثم تلاه الإطار الوطني عبد الكريم الجيناني، فالبرتغالي “ريكاردو سابينتو”، فحفيظ عبد الصادق، ثم التونسي لسعد جردة الشابي، في مشهد غير معتاد بالنسبة لـ “الخضر”، ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول الأسباب الحقيقية التي تسببت في النهج الجديد لأحد أبرز ممثلي كرة القدم عالميا.

كما طال التغيير الأطقم التقنية لفريق الجيش الملكي المشهود له بالاستقرار التقني عبر تاريخه الكروي، إذ لأول مرة قام باستبدال ثلاثة مدربين في ظرف زمني لم يتجاوز 6 أشهر، وذلك بمعدل مدرب كل شهرين، وتعاقب على تدريب الفريق العسكري ثلاثة مدربين على التوالي، بداية بالبولندي “تشيسلاف ميشنيفيتش”، فالفرنسي “هوبير فيلود” ثم البرتغالي “ألكسندر سانتوس”.

وسار المغرب التطواني على المنوال نفسه، حيث تعاقب على تدريبه إلى غاية اللحظة 4 مدربين، بعدما بدأ موسمه الكروي الجاري، تحت إشراف المدرب الكرواتي “داليبور ستاركفيتش”، قبل أن يعوضه بالإطار الوطني عزيز العامري، ثم استعان بخدمات الإطار الوطني حمودة بنشريفة، فمواطنه جمال الدريدب، وبدوره غير فريق الدفاع الحسني الجديدي طاقمه التقني خلال الموسم الجاري ثلاث مرات، بعدما شرع في موسمه الحالي بإشراف من المدرب البرتغالي “روي ألميدا”، قبل أن يعوضه بالإطار الوطني زكرياء عبوب، ثم استقر من جديد على المدرسة البرتغالية من خلال التعاقد مع المدرب “جورج بيكساو”، بحثا عن طريق العودة إلى سكة الانتصارات.

بينما أطاح المغرب الفاسي بالمدرب أكرم روماني، بعد شهر واحد من تعيينه في منصبه خلفا للإيطالي “أرينا غليرمو”، وبات في طريقه للتعاقد مع مدرب ثالث، كما شملت آفة تغيير المدربين فريق النادي المكناسي، الذي تعاقد مع الإطار الوطني عبد اللطيف جيرندو قبل الجولة 14، خلفا للمدرب التونسي عبد الحي بنسلطان، وكان أولمبيك أسفي قريبا من تغيير مدربه بعد أن قدم مدربه أمين كرمة استقالته، قوبلت بالفرض، وتم الاحتفاظ به في انتظار ما سيؤول إليه الأمور مستقبلا.

 

 

 

غياب الحلول الآنية للمشاكل المتراكمة

 

انطلق الموسم الكروي الجديد بتطلعات مختلفة للفرق الوطنية، تتراوح بين المنافسة على اللقب، وضمان مقعد في المشاركات قارية، والاكتفاء بمركز في وسط الترتيب، وتفادي النزول إلى القسم الثاني، إلا أن مجموعة من الإكراهات حالت دون تحقيق المطلوب، وأدخلت عدد من الفرق الوطنية في مشاكل صعبة، امتدت وتفاقمت مع توالي الدورات.

وقد تسبب قرار منع عدد من الفرق الوطنية من دخول سوق الانتقالات، في ضياع الوقت بحثا عن الحلول، لرفع عقوبة المنع وتأهيل لاعبيها الجدد قبل ضربة البداية، لكن عددا مهما منهم لم ينجح في المهمة، واكتفى أغلب الوافدين الجدد بخوض التداريب فقط، ومتابعة المباريات من المدرجات في انتظار تأهيل ظل غامضا خلال النصف الأول من الموسم الكروي الجاري، لاسيما وأن الأزمات المالية والديون المتراكمة في ذمة الفرق الوطنية، دفعت بعدد كبير من اللاعبين إلى تفضيل عروض متواضعة من دوريات عربية أخرى، على أمل مواصلة مسارهم المهني.

كما شكل استمرار منع الجماهير من التنقل الجماعي خارج المدن لمساندة فرقها ضمن منافسات البطولة الاحترافية، في خطوة أمنية   للحد من تفشي ظاهرة الشغب التي نخرت جسد الكرة الوطنية في السنوات الأخيرة، في تسويق مؤثر للمنتوج الكروي المحلي، وذلك في إشارة واضحة إلى ضرورة التحلي بالروح الرياضية أكثر من أي وقت مضى للمساعدة على تطوير اللعبة، خاصة وأن المغرب مقبل على احتضان تظاهرات رياضية كبيرة.

ولطالما شكلت أزمة الملاعب إكراها حقيقيا لمجموعة من الفرق الوطنية خلال المواسم الأخيرة، قبل أن يتفاقم المشكل مع إغلاق بعض الملاعب للإصلاح تأهبا لتنظيم المملكة كأس إفريقيا 2025 ومونديال 2030 المشترك مع البرتغال وإسبانيا.

 

 

 

تدخل “عاجل” للجامعة لإعادة الأمور إلى نصابها

 

حرص فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، على عقد اجتماع طارئ مع عبد السلام بلقشور، رئيس العصبة الوطنية الاحترافية، بحضور رؤساء أندية القسمين الأول والثاني، لمناقشة مجموعة من الملفات التي تهم مستقبل الكرة المغربية.

أبرزها تسليط الضوء على الهجرة المكثفة للاعبين إلى الدوريات العربية، التي شكلت أبرز القضايا المطروحة، حيث تم استعراض الحلول الممكنة لضمان تنافسية البطولة الوطنية والحفاظ على أبرز المواهب داخل المنافسة المحلية، كما ناقش الحضور آليات تنظيم انتقال اللاعبين الشباب إلى الخارج، بهدف تأطير العملية بشكل قانوني يحفظ حقوق الأندية المغربية.

 

وفي إطار تعزيز البنية التحتية للأندية، تمت الدعوة إلى زيادة الاستثمار في التكوين، مع ضرورة إشراك مؤسسات اقتصادية كبرى في دعم الأندية ماليا لضمان استقرارها، وتفادي المشاكل المالية التي تعد من أبرز القضايا التي تهدد استقرار الفرق الوطنية ومواصلة تألقها، كما شدد الاجتماع على أهمية فرض نظام داخلي صارم داخل الفرق الوطنية، لضبط العلاقة بين اللاعبين وإدارات الفرق، خاصة فيما يتعلق بالجوانب الانضباطية والسلوكية.

ومع قرب افتتاح ملاعب جديدة في المغرب، تمت مناقشة إجراءات تنظيمية جديدة للجماهير، من بينها توحيد أسعار التذاكر، اعتماد نظام “بطاقة المشجع”، وتحديد نسبة 5 في المائة من سعة الملاعب لأنصار الفريق الضيف في معظم المباريات، بهدف تحسين أجواء المباريات وضمان تنظيم أكثر احترافية، وختم الاجتماع بضرورة مواصلة العمل لتطوير الكرة المغربية إجمالا على جميع المستويات خاصة مع التحديات التي تنتظر المغرب خلال السنوات المقبلة، من خلال العديد من التظاهرات القارية والعالمية التي تستضيفها المملكة أبرزها كأس أمم إفريقيا لسنة 2025 ومونديال2030، الذي سيستضيفه المغرب رفقة إسبانيا والبرتغال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى