أسرت مصادر جد مطلعة لـ«الأخبار» بأن فضيحة من العيار الثقيل تفجرت، أخيرا، بمستشفى الاختصاصات بالرباط، أسفرت عن اعتقال ثلاثة أشخاص، (ممرض متقاعد من مواليد سنة 1960، وحارسا أمن خاص بمستشفى التخصصات من مواليد الثمانينيات).
وأكدت مصادر الجريدة أن شخصا أربعينيا تقدم، بداية غشت الماضي، بشكاية رسمية إلى مصالح النيابة العامة المختصة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، تفيد بتعرضه لعملية نصب وصفت بالخطيرة من طرف الموقوفين الثلاثة، بعد إخضاعه لعملية جراحية على عينه من طرف طبيب مزور نتج عنها فقدان البصر.
التفاصيل المثيرة والصادمة التي استنفرت المحققين بمصلحة الشرطة القضائية بمنطقة حسان أكدال، ومسؤولي المستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط، انطلقت من مدخل مستشفى التخصصات بالعاصمة، عندما صادف حارس أمن خاص رجلا أربعينيا وهو في وضعية إحباط، بعد فشله في الحصول على موعد مناسب لإجراء عملية مستعجلة بعينه، بسبب مرض «الجلالة»، حيث بادر إلى استغلال الوضع من خلال اقتراحه عرضا مغريا على المريض، يتعلق بجاهزية طبيب متخصص في أمراض العيون لإجراء العملية، دون انتظار الموعد الذي حدده له الأطباء بعد استقباله وفحصه.
حارس الأمن، وهو صاحب سابقة قضائية بتهمة خيانة الأمانة، طمأن المريض وأخبره بإمكانية الخضوع للعملية في أقرب وقت، بمساعدة زميل له يشتغل بقسم المستعجلات بالمستشفى نفسه، وهو ما تم بالفعل، حيث اتصل به، بعد يومين، وأخبره بأن كل الترتيبات اتخذت لاستقباله بغرفة العمليات وإجراء العملية الجراحية.
ومباشرة بعد وصول المريض إلى مستشفى التخصصات، شرع الحارسان والطبيب المزور في تنفيذ السيناريو الخطير، حيث ولج الممرض المتقاعد إحدى القاعات بالمشفى، وارتدى وزرة بيضاء وأمر الحارسين بإدخال المريض وتجهيزه للعملية، وسلم هذا الأخير مبلغا ماليا إلى أحد الحارسين بناء على طلبه، بدعوى أنه تكلفة «الخيط» المستعمل في العملية، قبل أن يمنح مبلغا مماثلا للطبيب الجراح المزور، بعد انتهائه من العملية.
وأكدت مصادر مقربة من الضحية أن الطبيب الجراح المزور سلمه وصفة طبية غير مختومة، وأخبره بأن يزوره من أجل «الكونترول»، بعد شهر ونصف الشهر، إلا أنه اكتشف قبل انصرام هذه المدة أنه لم يعد بمقدوره الرؤية وفقد بصره بالكامل، وهو الأمر الذي دفعه إلى الاتصال فورا بحارس الأمن الخاص بمستشفى التخصصات وزميله بقسم المستعجلات، اللذين ورطاه في إجراء هذه العملية الجراحية الخطيرة، التي تسببت له في عاهة مستديمة، حيث هددهما باللجوء إلى القضاء ومقاضاتهما رفقة الطبيب الجراح، بدعوى تعريضه لخطأ طبي جسيم أفقده بصره، قبل أن يفطن إلى أنه تعرض لمؤامرة أكثر خطورة من الخطأ الطبي، بعد إخضاعه لعملية جراحية من طرف طبيب مزور، انتحل صفة جراح في طب العيون، بإيعاز من حارسي الأمن الخاص.
ومن أجل استدراك الفضيحة حاول حارس الأمن طمأنة الضحية مجددا، حيث حجز له موعدا في اليوم الموالي لدى طبيبة عيون متخصصة بالمستشفى ذاته، قامت بفحصه رفقة طاقم طبي، قبل أن يؤكدوا له بكل مسؤولية أنه لم يعد بمقدوره الرؤية بالعين التي أجريت عليها العملية الجراحية.
وأكدت مصادر «الأخبار» أن المتهمين الثلاثة، وهم ممرض متقاعد وحارسان للأمن الخاص بمستشفى التخصصات أحيلوا، أول أمس السبت، على أنظار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الذي أحالهم بدوره على قاضي التحقيق، ملتمسا منه إخضاعهم لتحقيقات تفصيلية في وضعية اعتقال، وقد أمر قاضي التحقيق بإيداعهم السجن بتهم ثقيلة، تتعلق بانتحال صفة طبيب جراح، وإجراء عملية تسببت في عاهة مستديمة، والمشاركة.
وحسب مصادر خاصة، يرتقب أن تفتح مديرية المستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط تحقيقا إداريا موازيا للمسطرة القضائية، من أجل ترتيب الجزاءات الإدارية والقانونية اللازمة في حق المسؤولين الإداريين بمستشفى التخصصات، بسبب التقصير في المراقبة وحالة التسيب المفترضة، التي سمحت لحارسي الأمن الخاص والطبيب المزور بالعبث بصحة المواطنين، واستعمال فضاءات المستشفى وقاعاته لإجراء عمليات جراحية. ويسود تخوف كبير من تفجير التحقيقات التفصيلية التي يباشرها قاضي التحقيق لاحقا، فضائح أخرى تتعلق بإنجاز عمليات مماثلة بالمستشفى نفسه وبالأسلوب الإجرامي ذاته من طرف الطبيب الجراح المزور، ومعاونيه المكلفين بحراسة مدخل المستشفى وقسم المستعجلات.