شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

صناعة الاحتقان

صناعة الاحتقان الاجتماعي لا تتطلب أكثر من تحول المجالس الجماعية إلى عبء على الدولة، نتيجة الفشل في تسيير الشأن العام المحلي، وتراجع الصرامة في مراقبة الأسعار ومحاربة المضاربات والاحتكار من قبل لجان اليقظة، والتساهل مع فوضى نشر الشائعات، خاصة من يكررون ارتكاب الجرم نفسه ويشكلون قدوة لغيرهم للسير على الدرب ذاته، والتلاعب من قبل لوبيات مستفيدة في العرض والطلب، والتغطية على الأزمة واستغلالها والاتجار فيها لمضاعفة هامش الأرباح، دون اعتبار للصالح العام ولا أي شيء آخر سوى المال.

إن البحث عن الحلول الاستباقية لحفظ السلم الاجتماعي، يتطلب الانتباه إلى دق ناقوس الخطر في الوقت المناسب تماما، والتفاعل مع التقارير الإعلامية التي نبهت مرات متعددة إلى أزمة لهيب الأسعار الذي أحرق مشتملات أساسية في قفة المغاربة، والصراعات الانتخابوية وتصفية الحسابات على حساب الصالح العام، فضلا عن خطر التقارير الإدارية المطمئنة، في حين يستمر الواقع الاجتماعي في الغليان.

يجب أن يعرف الجميع أن الأثمان التي يتم إشهارها بالمواقع الاجتماعية ليست مرجعا رسميا، كي يتم تناقلها وإلزام الباعة بالأسواق باحترامها، في حين هناك لوائح الأسعار بأسواق الجملة التي يتم عرضها للعموم بشكل يومي، وواجب الجماعات الترابية هو التواصل بشأنها، عوض ترك الأمر لفوضى النشر التي أصبحت هاجسا أمنيا حقيقيا وتبعاتها الكارثية على السلم الاجتماعي وخلق غموض لدى فئة العوام.

ما يقع من أحداث احتجاجات داخل الأسواق كان متوقعا، لأنه بعد تدخل الجهات المعنية لمراقبة الأسعار أصبح التلاعب في خفضها ورفعها يخضع لمعايير شعبوية غير واضحة ومرتبطة بضجيج المواقع الاجتماعية، الذي يبقى خطر ركوبه من الداخل والخارج واردا، عوض الواقعية والرسمية في التواصل والدقة في تتبع هامش الربح والتموين.

ليس هناك انخفاض مفاجئ للأسعار بوصولها إلى درهم واحد للكيلوغرام من سمك السردين، ودجاجة مقابل عشرة دراهم وقس على ذلك، والمطالب المعقولة بتوافق الأسعار مع القدرة الشرائية يجب أن تبقى بعيدا عن التمييع وخلط أرباح «الأدسنس» بالمواقع الافتراضية، مع واقع السوق الملموس الذي يخضع لمعايير وتوازنات الحفاظ على الاقتصاد الوطني، ودعم القدرة الشرائية للمواطنين والأخذ بعين الاعتبار الفئات الفقيرة والتي تعيش الهشاشة.

يجب الانتباه إلى أن الركوب الانتخابوي للملفات الاجتماعية الحارقة يزيدها تعقيدا، وهناك جهات تصطاد في الماء العكر وتستثمر في الأزمة لخدمة أجندات خاصة، علما أن واقع اختلالات قفة المغاربة ليس جديدا وتم التنبيه إلى ذلك سابقا، والدولة تدخلت لتنزيل إجراءات متعددة يجري تعقبها وتفعيل المحاسبة، وإثارة الفوضى والتدخل العشوائي بالأسواق لتحديد الأسعار يمهد لقانون الغاب، وهو ما لا يمكن القبول به قانونيا وأخلاقيا من المغاربة.

لا يختلف أحد على أن القطع مع فوضى وارتباك الأسعار يتطلب استراتيجية واضحة، ومستمرة لتتبع الإنتاج والتموين والتسويق والتوازن في هامش الربح، ودعم القدرة الشرائية للمواطنين، وتشجيع الإنتاج الوطني لتحقيق الاكتفاء الذاتي، والتقليص من نسبة الفقر.

لا يمكن القبول بالفوضى وتبريرها، لذلك صدرت تعليمات مركزية مستعجلة باستنفار القوات العمومية وتأمين الأسواق وعقد اجتماعات أمنية، وضمان السير العادي للأنشطة التجارية والتموين بكافة التراب الوطني، مع الحذر من المساس بالأمن العام والصرامة في التعامل مع كل محاولات إثارة الفوضى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى