
محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادرها، أن النيابات العامة بمحاكم الاستئناف، المختصة في جرائم الأموال، أحالت عشرات الملفات على المحاكم المتخصصة في البت في جرائم غسل الأموال بكل من الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس، تخص مسؤولين وموظفين بمؤسسات عمومية ورؤساء جماعات ترابية تمت إدانتهم أو يتابعون أمام هذه المحاكم من أجل تبديد واختلاس أموال عمومية أو الارتشاء.
وأفادت المصادر بأن النيابة العامة قررت فتح تحقيق مالي مواز في الاشتباه بوجود جريمة لغسل الأموال المختلسة، وذلك طبقا لمقتضيات القانون رقم 12-18 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، التي تنص على مصادرة متحصلات الجريمة.
وأكدت المصادر أن رئاسة النيابة العامة تولي لهذه التحقيقات أهمية بالغة، حيث عملت على حث النيابات العامة على تكليف الشرطة القضائية بإجراء الأبحاث المالية الموازية، وذلك عبر جرد ممتلكات المتهمين العقارية والمنقولة وحساباتهم البنكية وعلاقة تلك الممتلكات بالجريمة الأصلية المتعلقة بتبديد واختلاس أموال عمومية. ويمكن للنيابة العامة أن تستعين بمساعدة الهيئة الوطنية للمعلومات المالية بشأن جمع الأدلة والمعلومات التي قد تفيد في البحث، فضلا عن تفعيل إجراءات الحجز والتجميد بمناسبة قضايا غسل الأموال والجرائم الأصلية مع جعلها قاصرة على الأموال ذات الصلة بالجريمة واحترام حقوق الغير.
وتشتغل وزارة العدل على إخراج مشروع قانون يتعلق بإحداث الوكالة الوطنية لتدبير وتحصيل الأموال والممتلكات المحجوزة والمصادرة والغرامات. ويأتي هذا القرار في ظل ارتفاع أحكام مصادرة وحجز ممتلكات وأموال أشخاص تمت إدانتهم في ملفات الفساد من طرف الأقسام المتخصصة في جرائم غسل الأموال المحدثة بالمحاكم الابتدائية بكل من الرباط وفاس والدار البيضاء ومراكش.
ويندرج هذا المشروع في إطار تطوير آليات العدالة الجنائية، ويهدف إلى توفير البنية المؤسساتية الكفيلة بتحقيق النجاعة والفعالية في تدبير وتحصيل المحجوز والمصادر وتجاوز النواقص التي تعتري الممارسة العملية الحالية على مستوى رصد وتتبع العائدات الإجرامية والأموال والممتلكات التي استخدمت أو أعدت للاستخدام في أفعال جرمية وحجزها وتدبيرها ومصادرتها، وتحقيق النجاعة القضائية عن طريق تخفيف العبء على السلطات القضائية.
وتم إعداد صيغة جديدة للمشروع تضمنت مجموعة من التعديلات على ضوء الملاحظات التي توصلت بها وزارة العدل من مختلف القطاعات المعنية، مع إضافة اختصاصات جديدة إلى الوكالة من قبيل تحصيل الغرامات، وتمت إحالة مشروع هذا القانون على وزارة المالية للحصول على تأشيرتها في الموضوع، كما قدمت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية مجموعة من المقترحات لتضمينها في المشروع، خاصة تلك المتعلقة بجرائم غسل الأموال.
وكانت وزارة الاقتصاد والمالية تقدمت بمقترح لإخراج مشروع القانون المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية لتدبير وتحصيل الأموال والممتلكات المحجوزة والمصادرة إلى حيز الوجود وهي مؤسسة سيناط بها تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في جرائم الاختلاس والتبديد كما ستتولى حفظ وتدبير الممتلكات المحجوزة والمصادرة. ودعت الوزارة، كذلك، إلى تهيئ مشروع قانون لإعادة هيكلة وتنظيم وظيفة الوكالة القضائية للمملكة وتوسيع اختصاصاتها لمسايرة التحديات الراهنة المتعلقة بحماية المال العام وتقوية دورها في الدفاع عن الدولة وإدارتها في قضايا الاختلاس والتبديد بالنظر إلى التجربة التي راكمتها في معالجة هذا النوع من القضايا وتقديم الدعم القانوني والتنسيق مع مختلف الإدارات العمومية وذلك من منطلق موقعها كعضو باللجنة المركزية واللجان الجهوية لاسترداد الأموال.
وتقدمت الوكالة القضائية للمملكة، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، بطلبات إلى الجهات القضائية المختصة من أجل الحجز على أموال وممتلكات أشخاص محكومين في ملفات جرائم الأموال، ضمنهم برلمانيون ورؤساء جماعات وموظفون كانوا يتحملون مسؤوليات التسيير بإدارات عمومية وجماعات ترابية.
وتم إحداث لجنة مركزية على مستوى رئاسة النيابة العامة، يترأسها رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، ولجان جهوية على مستوى محاكم الاستئناف يشرف عليها الوكلاء العامون للملك بهذه المحاكم، وذلك بهدف تسهيل مأمورية استرجاع الأموال العمومية المختلسة، وتعتبر وزارة الاقتصاد والمالية عضوا رئيسيا بهذه اللجنة، من خلال الوكالة القضائية للمملكة والمديرية العامة لإدارة الجمارك والخزينة العامة للمملكة والمديرية العامة للضرائب ومديرية أملاك الدولة إلى جانب القطاعات المعنية باسترداد الأموال العامة والتي تفيد في البحث عن الممتلكات المنقولة والعقارية، وتهدف هذه اللجان إلى تذليل الصعاب إلى جانب البحث عن السبل الكفيلة بتنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة.
وتتولى الوكالة القضائية مراقبة المسطرة وتنتصب في الوقت المناسب مطالبة بالحق المدني نيابة عن الجهة المعنية، كما تقوم بمساطر احترازية موازية من قبيل البحث عن الذمة المالية للمتابعين بالاختلاس أو التبديد سواء كانت منقولات أو عقارات أو أسهما أو نقودا بالاستعانة بجميع المرافق الإدارية التي بإمكانها ضبط هذه الممتلكات بدءا بالمحافظات العقارية والسلطات المحلية وانتهاء بالأبناك والسجلات التجارية المحلية وأيضا السجل التجاري المركزي، وإن أثمر البحث يتم الحجـز على تلك الممتلكات حجزا تحفظيا أو حجز ما للمدين لدى الغير حسب الأحوال ضمانا لاسترجاع المبالغ المختلسة التي قد يحكم بها والحيلولة دون تفويتها من طرف المالك المختلس، ويتوخى في ذلك عنصر المباغتة والمفاجأة، وبعدما يصبح الحكم مكتسبا لقوة الشيء المقضي به تباشر الوكالة القضائية للمملكة مسطرة التنفيذ في الشق المدني من الحكم، فإن كانت هناك حجوزات تحفظية تحول إلى حجوزات تنفيذية تمهيدا لبيعها بالمزاد العلني واسترداد الأموال المختلسة والمبددة.