شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

شبح القرعة

حسن البصري

في مشهد روتيني يتكرر قبل كل المنافسات، يتجدد في دواخلنا السؤال حول القرعة، أهي قاسية، أم رحيمة بنا؟

رغم إيماني بأن الفريق الراغب في ركوب صهوة البطولات لا يجب أن ينشغل كثيرا بخصومه، بقدر ما يفترض أن يركز على قوته قبل ضعف منافسيه.

لكن «حفلات» القرعة تشغل الناس وتشعل النقاش، قبل خوض المباريات، بل هي مباريات للجدل القبلي الذي يبدأ بالتصريحات وردود الأفعال.

حفل قرعة «الكان» مجرد «بروفة»، لهذا احتضنها مسرح محمد الخامس، أما الحسم فسيكون فوق رقعة الملعب. قال مدرب منتخب مصر حين طوقته الميكروفونات:

«بالنسبة إلي صاحب الحظ السيئ هو من سيواجه مصر، هذه قاعدة ثابتة»، ثم اختفى عن الأنظار.

قبل حفلات القرعة تحرص الاتحادات الإفريقية أن تبعث دائما رجل سعد لحضور القرعة، كي لا يعود إلى بلاده بمجموعة أشبه بمثلث بيرمودا.

حكاية منتخبنا المغربي مع القرعة اللئيمة بدأت مع أول منتخب تم تكوينه في عهد الاستقلال، وتم إرساله إلى لبنان للمشاركة في الدورة الرياضية العربية سنة 1957، حيث حط الرحال في لبنان.

في هذه البطولة التي نظمتها جامعة الدول العربية، سيتعادل المنتخب المغربي مع نظيره السوري في نصف النهائي، بهدف في كل شبكة، وحين كان مدرب المنتخب الوطني يرتب في ذهنه أسماء اللاعبين الذين سيخوضون المباراة الفاصلة، فوجئ بإقصاء المغرب بالقرعة التي جرت في المقصورة «الشرفية».

ضرب المدرب كفا بكف وردد لازمته «حسبي الله ونعم الوكيل»، وفي الفندق قرر المسؤولون مقاطعة مباراة الترتيب ضد لبنان، فجروا عليهم غضب الأمير مولاي عبد الله الذي كان في بيروت يهيئ لخطبة لمياء الصلح.

حين عاد المنتخب المغربي إلى الرباط، تلقى مسؤولوه عتابا من ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بسبب المغادرة الطوعية.

لكن بعد أقل من شهر سيجرى أول نهائي لكأس العرش في تاريخ الكرة المغربية، بين الوداد الرياضي والمولودية الوجدية، انتهى بالتعادل هدف في كل مرمى، فتراقص أمام اللاعبين سيناريو بيروت، حيث سيفاجأ لاعبو الوداد ومدربهم بقرار يقضي بفوز مسجل هدف السبق وهو المولودية الوجدية، وهزيمة من تأخر في التسجيل.

في سنة 1961 سيعود شبح القرعة من جديد، حين واجه المنتخب المغربي نظيره التونسي وتعادلا في تونس وفي الدار البيضاء بالحصة نفسها، هدفان مقابل هدف واحد، فقرر «الفيفا» إجراء مباراة فاصلة، في ملعب «فافوريت» بمدينة باليرمو الإيطالية.

دعي عميدا المنتخبين المغربي والتونسي إلى المنصة لحضور القرعة، فابتسمت هذه المرة للمغرب، ومنذ ذلك الحين اعتبر العميد حمان عنوانا للحظ، خاصة وأن القرعة أخرجت منتخبنا من السباق نحو أولمبياد روما سنة 1960.

سيعود شبح القرعة من جديد لينهي رحلة منتخبنا في أول مشاركة بـ«الكان»، وكانت بالكاميرون سنة 1972، لم يخسر المنتخب الوطني أيا من مبارياته الثلاث، لكنه في المقابل لم ينتصر في أي منها، ليغادر الدور الأول بتعادلات ثلاثة، بسبب القرعة اللئيمة التي دعي إليها الكولونيل بلمجدوب، وحين وصل إلى الفندق كان القائمون على القرعة يستعدون لنقل «بشرى» الإقصاء لممثل الجامعة المغربية، الذي كان قد دعا اللاعبين إلى تحضير حقائبهم استعدادا لرحلة العودة.

بعد سنوات سيعترف جوزيف بلاتر، رئيس «الفيفا» السابق، بأن القرعة غالبا ما تكون محشوة بإن وأخواتها، وقال إن بعض الكرات الصغرى التي يتم استخدامها في القرعة تكون أكثر دفئا من غيرها، «تلك الكرات توجه من يجري القرعة، بحيث يختار الأكثر سخونة».

في كثير من الفرق المغربية لاعبون ومدربون حملوا أسماء توحي بالفأل، كاللاعب الحظ والمدرب الزهر والمسير الميمون، فضلا عن لاعبين عصفت بهم قرعة الكرة فاحتضنتهم قرعة أمريكا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى