شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريروطنية

 سياحة «الفقايص»

تعيش هذه الأيام، ومنذ بداية العطلة الصيفية، الكثير من العائلات المغربية، سيما المنتمية للطبقة المتوسطة، على إيقاع جشع أرباب الفنادق والمنشآت السياحية، أسعار ملتهبة للحجز في الفنادق المصنفة وغير المصنفة، وأثمان خيالية لتناول بعض المأكولات بالمطاعم. وفوق كل ذلك، سوء خدمات وتعامل حاط من الكرامة، فبدل أن يكون الزبون كما يقول المنطق التسويقي ملكا يتم تحويله إلى مثل المتسول الذي يلتمس صدقات ولا يسمع حتى كلمة شكرا، عندما يسدد الفاتورة.

فلا يعقل أن يتم تشجيع السياحة الداخلية بثقافة العبث والجشع وتحقيق أرباح خيالية، على حساب ميزانية مواطن متوسط الدخل، الذي يسعى فقط إلى الترويح عن النفس مع أسرته وأهله وأصدقائه، بعد طول سنة مكلفة في العيش، ومتعبة تقريبا في كل شيء.

إن واقع السياحة الداخلية في ظل غلاء الأسعار وتدني مستوى الخدمات، دفع الكثير من العائلات المغربية إلى البحث عن وجهات سياحية بديلة، بشروط أفضل وأسعار أقل وجودة أكثر، وفي مقدمتها الجارة الشمالية إسبانيا وتركيا التي يقصدانهما الملايين من مغاربة، بعدما يكونوا قد حولوا مئات الملايين من العملات الصعبة، وبدل أن يستفيد بلدنا من نشاط سياحي كامل يقبل بإخراج نصيب كبير من العملة الصعبة لدول أخرى، لسبب بسيط أن سياحتها تقدم أفضل العروض.

والحقيقة أن أصحاب الفنادق يريدون تعويض الخسارة التي لحقت بهم، جراء تراجع عدد السياح الأجانب في زمن كورونا، عبر رفع الأسعار في وجه السائح الداخلي والجالية المغربية بالخارج. والمثير في الأمر أن هذه الفوضى في الأسعار تجري أمام مرأى ومسمع السلطات العمومية، صحيح أن الحكومة، سيما وزارة السياحة، لا تتوفر على آليات للتدخل المباشر في تسعير الخدمات الفندقية والخدمات المطعمية، وفق قانون المنافسة وحرية الأسعار، لكن لا ننسى أن هذه الحكومة هي من خصصت 225 مليار سنتيم كدعم عمومي للقطاع السياحي في زمن الأزمة، لذا يجب عليها الضغط على جميع الفنادق، والشقق الفندقية بالالتزام بالأسعار المناسبة للمواطنين، وإيجاد حل لمعوقات ومشاكل السياحة الداخلية، وجعل المواطن يقتنع بالسياحة المحلية ليس بالكلام ووصلات الإشهار بالقنوات والمحطات الإذاعية، بل بالقرارات الملموسة التي توفر للمواطن ما يناسبه من العروض السياحية التي تلبي احتياجاته، وتتناسب مع دخله، وخاصة ذوي الدخل المحدود، والمتوسط من المواطنين.

هناك مسؤولية تقصيرية واضحة لدى وزارة السياحة، على تجاوز كل التحديات، والمشاكل التي تواجه السياحة المحلية وتقف في طريق خدمة المواطنين، وتوفير سياحة مناسبة لهم، ولعائلاتهم تتناسب مع دخلهم المالي، ويفترض من هذا القطاع السياحي بما يوفره من امتيازات ضريبية لأرباب القطاع، وما يقدمه من دعم عمومي من أموال دافعي الضرائب لإنقاذه، أنه يمتلك سلطة التدخل للتخفيف من أسعار الخدمات السياحية التي يحتاجها السائح المحلي داخل المملكة، وتلبية كافة احتياجات المواطنين، بدلا من سفرهم خارج بلدنا، وجعل السياحة المغربية فقط للأغنياء أو لمن استطاع إليها سبيلا.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى