أثار بلاغ للفريق الطبي الملكي، والذي كشف عن خضوع الملك محمد السادس لعملية جراحية ناجحة على القلب بمصحة القصر الملكي، جدلا واسعا في الوسط الطبي، خاصة وأن العملية أجريت في عيادة القصر دون الحاجة إلى التنقل نحو مستشفيات عالمية. صحيح أن الظرفية التي يعرفها العالم استثنائية بسبب كورونا، إلا أن نجاح العملية أنهى أسطورة مستشفى الزعماء «فال دوغراس»، الذي كان مقصدا لمعظم الرؤساء والقادة العرب والأفارقة كلما داهمهم المرض.
يعتبر مستشفى «فال دوغراس» في العاصمة الفرنسية باريس، «الصندوق الأسود لصحة الرؤساء»، حيث يخضع المستشفى لإمرة وزارة الدفاع الفرنسية وقائد القوات المسلحة الفرنسية، وهو ما يؤكد الحرص على سرية المرض والمرضى، لكن المغرب حطم هذه القاعدة منذ سنوات إذ لم يعد مرض الملك سرا يتداوله الناس همسا، بل أضحى مكشوفا من خلال بيانات بأدق تفاصيل التدخلات الطبية.
صحيح أيضا أن الملوك والرؤساء يمرضون كما يمرض عامة الناس إلا أن مرض المواطن يدخل في إطار الشأن الخاص، أما مرض القادة فيندرج ضمن الشأن العام، ولذلك تحرص بعض دول العالم المتقدم على إطلاع الرأي العام على الحالة الصحية للرئيس أو الملك أو الزعيم سدا لأبواب الإشاعة. وهذا عكس ما يحدث في مجمل المنطقة العربية وبلدان دول العالم الثالث التي يعد فيها مرض الرئيس أو الملك سرا من أسرار الدولة.
منذ أمد بعيد، ظل المغرب قبلة لعدد كبير من الرؤساء والملوك والقادة العرب والأجانب، حيث يفضلون قضاء إجازاتهم المرضية في ربوعه، ومنهم من اختار العلاج طوعا أو إلزاما في مصحاته، نظرا لما يتمتع به من كفاءات طبية واستقرار أمني بالدرجة الأولى والقرب من أوربا وتنوع مقوماته الطبيعية والحضارية.
في هذا الملف نتوقف عند زعماء تحولوا إلى نزلاء استثنائيين في مستشفيات المملكة، أغلبهم اختاروا المغرب بلدا ليس للعلاج فقط بل للنقاهة أيضا.
بانغو.. من المستشفى السعودي إلى المستشفى العسكري بالرباط
قضى الرئيس الغابوني على بونغو فترة طويلة في المغرب حيث اختار بلادنا للنقاهة الصحية بناء على توصية من فريقه الطبي، على الرغم من أنه قضى في مستشفى الملك فيصل بالعاصمة السعودية الرياض فترة علاج نتيجة إصابته بوعكة صحية، بعدها اختار العلاج وقضاء فترة نقاهة بالمغرب، وذلك بدعوة من الملك محمد السادس.
وكانت مجلة «جون أفريك» قد كشفت استنادا إلى «مصدر قريب من عائلة الرئيس الغابوني»، اختياره العلاج بمستشفى عسكري بالمغرب بدل برشلونة أو لندن، علما أن والده عمر بانغو قد توفي في إحدى مصحات برشلونة.
وأشارت المجلة إلى أن الرئيس الغابوني، صديق الطفولة بالنسبة للملك محمد السادس، قد فضل مقترح المغرب، مؤكدة أن علي بونغو، أصيب بوعكة صحية أثناء مشاركته في مؤتمر «مستقبل الاستثمار/ دافوس الصحراء» بالعاصمة السعودية الرياض.
وقام الملك محمد السادس بزيارة لرئيس جمهورية الغابون، علي بونغو أونديمبا بالمستشفى العسكري الدراسي محمد الخامس بالرباط، واطلع الملك محمد السادس، خلال هذه الزيارة، على الحالة الصحية لصديقه علي بونغو الذي كان يمضي مقاما طبيا بالمغرب من أجل إعادة التأهيل الطبي والنقاهة. جدد الملك محمد السادس متمنياته بالشفاء العاجل لرئيس جمهورية الغابون، الزيارة جسدت عمق العلاقات التي تجمع المملكة المغربية وجمهورية الغابون، وكذا روابط الصداقة والتضامن القوية القائمة على أخوة عميقة وتاريخية بين الشعبين وبين قائدي البلدين.
تحول المستشفى إلى نقطة جذب لشخصيات بارزة في الحزب الحاكم بالغابون، فضلا عن أعضاء في الحكومة، وتضم قائمة الضيوف أيضا رئيسة المحكمة الدستورية، ماري مادلين مبورانتسيو، ومدير ديوان الرئاسة، بريس لاكريش أليهانغا، سيما وأن غياب الرئيس وخضوعه للعلاج في السعودية قد أثار جدلا واسعا في الغابون، وصل إلى حد انتشار إشاعات مغرضة كالنار في الهشيم.
اللجنة الاستشارية للحزب الديمقراطي الغابوني طالبت بتوضيح حول مصير الرئيس الغابوني لطمأنة الشعب. ومن جهته قال إيك نغوني المتحدث باسم الرئيس الغابوني إن الأطباء أوضحوا إصابته بإرهاق شديد وطلبوا منه ملازمة الفراش.
وقالت زوجة الرئيس الغابوني سيلفيا بونغو عبر وسائل التواصل الاجتماعي إنها وعائلتها متأثرة بشكل كبير بالعدد الهائل من الصلوات والدعوات، وقامت بتغيير صورتها في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي من صورة ملونة مشتركة مع زوجها الرئيس إلى أخرى بالأبيض والأسود، خاصة بعد أن أكدت «فرانس بريس» أن الرئيس بونغو أصيب بسكتة دماغية، وهو ما تبين أنه مجرد افتراء.
في نهاية مارس من العام الماضي، غادر علي بونغو أونديمبا المغرب، في ختام مقام طبي، في صحة جديدة وبدا في كامل لياقته وهو يهم بمغادرة مطار الرباط- سلا، رفقة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
الرئيس المالي في مصحة دولية بمراكش
أصيب الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا بوعكة صحية عند وصوله إلى مدينة مراكش، للمشاركة في قمة المناخ، وقد نقل على الفور إلى المصحة الدولية في مراكش لتلقي العلاج، بعد أن انتابته حالة غيبوبة منذ أن وطأت قدماه مطار المنارة.
وحسب مصادر إعلامية مغربية فإن الملك محمد السادس انتقل على الفور لمعايدته والاطمئنان على حالته الصحية، وأصدرت رئاسة الجمهورية في مالي بيانا جاء فيه: «نتيجة لتراكم التعب فقد أصيب فخامة الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا بوعكة صحية غير محددة فور وصوله يوم الاثنين 14 نونبر 2016 للمغرب، حيث خضع للراحة بناء على نصائح الأطباء».
افتتحت قمة المناخ 22 في مراكش، في غياب الرئيس المالي الذي كان يتابع أشغالها من غرفته، علما أن الفريق الطبي الذي حل من مالي ومن فرنسا مباشرة بعد تعرض الرئيس للوعكة، قد منعه من متابعة القضايا السياسية ودعاه لتفويض أمره لأقرب مساعديه، فيما وضع المغرب أطباء القصر الملكي رهن إشارة الزعماء الذين حلوا بمراكش كضيوف للملك إذ فاق العدد عشرين رئيس دولة.
علاقة بالمسألة الطبية، تجدد الحديث بين الرئيس المالي والعاهل المغربي حول الجوانب الطبية، خاصة في ظل جهود مكافحة كورونا فيروس، إذ طلب الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر من الملك محمد السادس وضع المستشفى متعدد التخصصات «سيبينين كورو» رهن إشارة الحكومة المالية، فكانت الاستجابة فورية. إذ أعرب رئيس مالي عن امتنانه للمغرب ملكا وحكومة وشعبا.
جاك شيراك.. حصص علاج بين تارودانت وأكادير وباريس
حين أعلنت وكالة الصحافة الفرنسية عن وفاة الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، شعر المغاربة بغيمة حزن تجثم على أنفاسهم لما يربط الرجل من وشائج مع المغرب، خاصة وأن صديق المغرب الذي كان مقيما بتارودانت قد توفي بإحدى مصحات أكادير عن سن يناهز 86 سنة، حيث كان يعاني من التهاب رئوي حاد.
علاقة جاك شيراك بالملوك الثلاثة محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس بدأت من باريس وانتهت في تارودانت، فعلى امتداد المهام السياسية التي عهدت إليه، ظل يحجز للمغرب مساحة في عقله وقلبه، ويتنقل بين باريس وأكادير باستمرار.
ظل الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك يعالج في سرية تامة، إذ نقل مرات من أكادير حيث كان يقضي عطله الصيفية إلى مستشفى بمدينة باريس، بعد إصابته بالتهاب رئوي، بعد أن خضع للعلاج في مقر إقامته وفي مصحة بأكادير، نقل جاك شيراك البالغ من العمر 83 سنة إلى مطار المسيرة في سيارة إسعاف قبل أن يركب طائرة خاصة من مدينة أكادير، ليدخل غرفة العناية المركزة في مستشفى «لابيتيي سالبيتريير»
وتجمع رئيس الجمهورية الفرنسية الأسبق لولايتن متتاليتين من سنة 1995 إلى غاية 2002، علاقات قديمة بالمغرب، وقد تعود شيراك على قضاء جزء مهم من وقته، منذ خروجه من قصر الإيليزي في إقامة خاصة به بمدينة تارودانت.
حين أوردت صحيفة «لوموند» الفرنسية خبرا يقول إن جاك شيراك يقضي عطلته الصيفية بالمغرب، اعتبر الخبر مستهلكا لأن الرجل الطاعن في السن ظل يقضي إجازاته في الجنوب المغربي بين تارودانت وأكادير وورززات. لكن جاك كان أحوج إلى لحظات استجمام خاصة بعد أن أكدت الصحافة الفرنسية مروره بـ «أزمة نفسية صعبة وحالة صحية حرجة، أعقبت وفاة ابنته لورانس نتيجة إصابتها بنوبة قلبية».
يبدأ جاك عطلته الصيفية بالمغرب عادة في شهر يوليوز، إذ يعول عليها لاسترجاع لياقته النفسية و»استعادة طعم الحياة بدعم من عائلته وأصدقائه»، خاصة وأنه غاب عن الساحة السياسية منذ شهر نونبر من سنة 2014، بعد أن مر بفترة عصيبة في الأشهر الأخيرة، إثر معاناته مع مرض ألزمه الجلوس على كرسي متحرك إضافة لمضاعفات الوفاة المفاجئة لابنته.
وكشفت مجلة فرنسية عن تواجد الرئيس الفرنسي السابق دوما في مدينة أكادير، بإحدى المنتجعات الصيفية التي وضعها الملك محمد السادس رهن إشارته، حيث يصل إلى مطار أكادير على متن طائرة خاصة رفقة زوجته وأفراد أسرته وبعض أعوانه، الذين يراهنون على استرجاع المسؤول الفرنسي عافيته واسترجاع ما أسموه بـ «طعم الحياة».
وكان شيراك قد دأب على قضاء عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة في المغرب، وبالتحديد بمدينة تارودانت حيث يملك مزرعة كبيرة، ظل يتردد عليها منذ أن كان عمدة لباريس، ولطالما خاطب العالم حين كان رئيسا لفرنسا من هذه المدينة الصغيرة.
حرم المختار ولد داده تخضع للعلاج في الرباط
عندما وصل إلى الحكم في موريتانيا حقوقي شاب يدعى المختار ولد داده، كانت برفقته سيدة من أصول فرنسية تدعى مريم داده وهي زوجته، التي ارتبط بها عام 1958 وأم أولاده الثلاثة (ولدان وبنت). ولم تكن هذه السيدة التي تعرف عليها في فرنسا أثناء تكوينه، مجرد رقم، كما يقول الباحث في تاريخ موريتانيا الشيخ نور: «وإنما كان لها حضورها السياسي والإعلامي البارز، لدرجة أنها كانت تظهر مع الرئيس في المقابلات التلفزيونية، وتجيب على بعض الأسئلة المتعلقة بالطموح لإنشاء كيان سياسي في أرض صحراوية قاحلة، تقطنها مجموعات من البدو الرحل والقبائل». كانت السيدة الأولى مريم داده على جبهات القتال خلال حرب موريتانيا والبوليساريو في نونبر 1977، فقد آمنت بقضية المغرب بعد أن قضت شهورا بين نواكشوط والرباط.
اعتنقت مريم داده أرملة الرئيس الراحل المختار ولد داده، الإسلام في السبعينات وأحبت موريتانيا من قلبها. خلال مقابلة أجرتها معها الوكالة الموريتانية للأنباء في منزلها تحدثت أرملة أول رئيس للبلاد، عن نشأة علاقتها مع المختار وحياتها في المغرب.
«كنت طالبة في كلية الحقوق الوحيدة في فرنسا والموجودة بالقرب من بانتليوه، وأنتمي للمجموعة الكاثوليكية بالجامعة. قررنا ذات يوم تنظيم محاضرة ينعشها الأستاذ ماسينو الذي كان على دراية واسعة بديننا، وكنت مكلفة بتوجيه الدعوة لمجموعة طلاب فرنسا ما وراء البحار لحضور هذه التظاهرة، تحدثت مع المختار ولد داده دون أن أعلم هل هو مغربي أو تونسي أو جزائري».
تحدث المختار ولد داده، الرئيس الموريتاني السابق، في مذكراته عن المفاوضات العسيرة التي جمعته بملك المغرب الراحل الحسن الثاني، وخصص حيزا لدور مريم فيها، خاصة قضية تقسيم الصحراء المسترجعة بين المغرب وموريتانيا، واصفا لقاء فاس في شهر دجنبر من سنة 1974، بـ «اللقاء العسير والمتشعب». خلال هذه الفترة أصيبت مريم بمرض طارئ فأعطى الحسن الثاني تعليماته لأطبائه كي يشرفوا على صحتها، وهو ما جعلها تفضل العلاج في المغرب بدل بلدها فرنسا. بل إن زوجها المختار كان يعالج في المغرب بين الفينة والأخرى ويخشى من خصومه كلما نصحهم طبيب بالعلاج في نواكشوط.
في دجنبر 1976 وقع المغرب وموريتانيا اتفاقية تقسيم الصحراء، كانت مريم حاضرة برأيها في الكواليس، وبعد ثلاث سنوات وتحديدا في 1979 توافد على عاصمة المملكة علماء وأعيان وشيوخ سائر قبائل إقليم وادي الذهب، بعد أن تخلى المختار تحت التهديد الجزائري عن المنطقة، حينها تحققت رغبة الحسن الثاني الذي ظل عشقه للداخلة مكشوفا. بل إن الطريقة التي تخلى بها الرئيس الموريتاني عن الإقليم كشفت عن ضعف ظاهر عجل بانقلاب ضد المختار الذي عاش لاجئا في فرنسا.
بعد الانقلاب الذي قاده مصطفى ولد محمد السالك في يوليوز 1979، والذي أطاح بالمختار، اختارت مريم الانتقال لفترة إلى باريس، وبدأت تتردد على المغرب حيث نسجت علاقات صداقة مع زوجات شخصيات مغربية تعرفت عليها خلال تواجدها بالقصر الرئاسي.
ظل التوجس حاضرا عند كثير من رؤساء موريتانيا كلما اقترح عليهم الخضوع للعلاج في المغرب، فقد كشفت مصادر طبية على إطلاع بوضع الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز إن الفريق الطبي اقترح أن يتم نقله للمغرب أو إسبانيا وليس فرنسا بسبب إصابته بطلق ناري، نظرا لأن وضعه الصحي لا يحتمل نقله لمسافة طويلة حيث هناك بقايا نزيف يخشى من تطورها في أية لحظة، لكنه رفض المقترح المغربي.
حين دخل الهواري بومدين إلى المستشفى باسم مغربي
كشف البشير الهسكوري، المستشار الدبلوماسي في صندوق النقد العربي، وشقيقه صالح، أستاذ الرياضيات في جامعة الأخوين، سيرة والدهما، أحمد بن البشير الهسكوري، الرجل الثاني داخل قصر الخليفة، مولاي الحسن بن المهدي، في حوار صحافي عن قضاء الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين فترة علاج في المغرب باسم مستعار.
كان ذلك في منتصف الخمسينات حين تم إنزال شحنة السلاح الذي حملتها الباخرة المصرية «دينا» إلى مكان قرب الناظور، وكانت الشحنة تضم كمية كبيرة من الذخيرة. وقد كان ثلثا هذه الشحنة موجهة إلى الجزائريين فيما كان الثلث الباقي موجها إلى المغاربة. وقد كان المشير محمد عبد الحكيم عامر، وزير دفاع جمال عبد الناصر، هو المسؤول على نقل تلك الأسلحة إلى المغرب، ومن جملة الذين وفدوا إلى المغرب على متن الباخرة كان هواري بومدين واسمه الحقيقي محمد بوخروبة كما كان ضمنهم أيضا محمد بوضياف الذي كان هو من نسق مع الوطنيين المغاربة، وأساسا المقاوم أحمد زياد.
أثناء تواجده في المغرب تعرض الهواري الذي سيصبح رئيسا للجزائر في منتصف الستينات، لوعكة صحية، واضطر إلى الاتصال بالهسكوري الذي ساعده على دخول مستشفى في تطوان باسم مستعار على اعتبار أنه مغربي كي لا يلفت نظر السلطات الإسبانية التي كانت تراقب الموقف، في ظرفية كثف فيها الوطنيون ضغطهم من مصر وأمريكا على الإسبان والفرنسيين، كما نجح مكتب المغرب العربي بالقاهرة في فك العزلة عن شمال المغرب، عندما ربط مصير المغرب ككل باستقلال باقي الأقطار المغاربية.
في كتاب «هؤلاء المرضى الذين يحكموننا» الصادر بالفرنسية وترجمت بعض فصوله صحيفة «الوطن» الكويتية، أشار إلى أن بومدين كان يعيش كثيرا من التناقضات، والسبب في ذلك يعود إلى المرض الذي أصيب به وهو «والدنستروم»، الذي بدأت أول آثاره تظهر عليه في نهاية الخمسينات، وزادت منذ أواخر 1973، واتخذت شكل عياء وإرهاق تام غير مفهوم. وظلت وفاته في 27 دجنبر 1978 لغزا محيرا .
رئيس غينيا ووزيره يعالجان بالمغرب بعد محاولة انقلاب
في عام 2009، صدر بلاغ طبي موقع من الجنرال علي عبروق، مفتش مصالح الصحة للقوات المسلحة الملكية المغربية، قال فيه إن الوضع الصحي للرئيس الغيني موسى كامارا يبعث على الارتياح، بعد إجراء عملية على مستوى الجمجمة لإصابتها برضوض، وذلك في أول إعلان عن وضع كامارا بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها من قبل عدد من جنوده.
وكان النقيب موسى داديس كامارا، رئيس المجلس الوطني للديمقراطية والتنمية بجمهورية غينيا، قد أدخل إلى المستشفى العسكري بالرباط وخضع لعملية جراحية على مستوى الجمجمة. وأكد المتحدث باسم رئيس المجلس العسكري الحاكم في غينيا أن محاولة اغتيال الكابتن كامارا كانت محاولة انقلاب، نفذها مساعده الذي كان يريد تولي السلطة، وأكد أحد الحراس الشخصيين ألقى بنفسه لحماية الرئيس، فقتلوه وضربوه واقتلعوا عينه، وقتل السائق أيضا، ومن جهة أخرى أكد المتحدث أن الوزير المكلف بمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة تييغبورو كامارا موجود هو أيضا في المغرب للعلاج.
وقالت صحيفة «لوسوار» الغينية، استنادا إلى مصادر متطابقة بأن وفدا غينيا يضم مسؤولين كبيرين وصل إلى الرباط، للقاء زعيم النظام العسكري في غينيا موسى داديس كامارا، الذي يعالج بعد إصابته برصاص أطلقه عليه مساعده.
وقالت المصادر ذاتها إن هذا الوفد كان يضم وزير الخارجية ألكسندر تسيتسيه لوا ووزير الإسكان بابكر باري، فيما أكد سفير غينيا في الرباط مامدوبا دياباتيه لوكالة «فرانس برس» مجيء الوفد الرسمي مرفوقا بأفراد عائلة كامارا.
في 23 دجنبر 2008 وإثر وفاة الرئيس لانسانا كونتي (الذي حكم البلاد بقبضة من حديد منذ 1984) أعلن كامارا في بلاغ تلفزيوني استيلاء الجيش على السلطة وحل الحكومة وجميع مؤسسات الدولة وتعليق العمل بالدستور. وبعد سنة فقط من استيلائه على الحكم تعرض كامارا لمحاولة اغتيال إثر إطلاق الرصاص عليه من قبل أحد الجنود. وبعد علاجه في المغرب سافر إلى بوركينا فاسو واستقر بها.
موبوتو.. مات بالسرطان بعد طول علاج في المغرب
في السابع عشر من شهر ماي من سنة 1997، أطاح زعيم المتمردين في جمهورية الكونغو الديمقراطية (الزايير سابقا)، بالرئيس الأسبق موبوتو سيسي سيكو وأعلن نفسه رئيسا لتلك الجمهورية. احتفل الكونغوليون بنهاية سيسي، المتهم بتبديد وسرقة ثروة الزايير من مناجم الماس، فيما اختار الرئيس المطاح به منفاه في المغرب قبل أن يوارى الثرى في العاصمة الرباط، أما الرئيس كابيلا، الذي كان وراء الانقلاب فقد اغتيل على يد أحد أفراد حرسه، وتولى بعده ابنه جوزيف مقاليد الحكم في البلاد.
بعدما طرد لوران كابيلا موبوتو سيسي سيكو من السلطة في الزايير، بعد حكم دام 32 عاما، اختار الاستقرار مع أسرته بالمغرب، حيث توفي متأثرا بمرض السرطان بعد وقت قصير من إطاحة المتمردين بحكمه في 16 ماي. بادر لوران إلى تغيير اسم البلاد فأصبحت جمهورية الكونغو الديمقراطية، لكن كابيلا اغتيل قبل أن ينعم بالحكم كما مات موبوتو قبل أن ينشئ حكومة في المنفى ويستعد للرد على الانقلاب بانقلاب عن بعد، سيما وأن سيسي استولى بدوره على السلطة سنة 1966 بدعم من بلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية، بعد الإطاحة بالرئيس جوزيف كاسا فوبو أول رئيس للكونغو المستقلة.
علاقة موبوتو بالمغرب ترجع لبداية السبعينات، حيث ظل يتردد على العاصمة الرباط ويقضي فيها فترات طويلة، بل إنه في عام 1977 تدخلت القوات المغربية لمواجهة انتفاضة مسلحة في هذا البلد.
نجح لوران كابيلا في اقتحام كينشاسا وتنحية موبوتو الذي هرب إلى الطوغو ثم توجه إلى منفاه بالمغرب، وفي إحدى مصحات العاصمة ظل يخضع سرا لحصص العلاج الكيماوي ضد السرطان، فغاب عن الأنظار إلا من لقاءات متنافرة مع الملك الحسن الثاني الذي كان يعاني بدوره من إجهاد. في 7 شتنبر 1997 أعلنت المصحة نبأ وفاة موبوتو متأثرا بمرض السرطان ودفن في مقبرة مسيحية بالعاصمة المغربية الرباط. وفي 2007 أوصى المجلس التشريعي في جمهورية الكونغو الديمقراطية باستعادة رفات موبوتو سيسي سيكو ودفنه في ضريح في الكونغو.
الحسن الثاني يكلف البصري بإرسال بخور لمصحة الملك حسين
في شهر أبريل من سنة 1998 كتب المفكر الأردني محمد داودية مقالا في صحيفة «الزمان» اليومية اللندنية، نوه فيه بالعقل الملكي المغربي المرن الرحب، الذي اختار الماركسي اللينيني المحكوم بالإعدام المحامي عبد الرحمن اليوسفي رئيسا للوزراء.
استحضر الرجل في المقالتين تجربة سياسية جريئة واثقة مماثلة، عندما اختار الملك الأردني الحسين، السياسي المعارض رئيس الحزب الوطني الاشتراكي سليمان النابلسي رئيسا للوزراء، كان ذلك في عام 1956 فشكل حكومة ضمت أبرز القيادات السياسية والاجتماعية.
تلقى محمد داودية اتصالا هاتفيا من عبد الحميد الكتاني، السفير المغربي في الأردن، مهنئا بمناسبة تعيينه سفيرا في المغرب وقال: «يبدو أن لكتاباتك، حول التجربة السياسية المغربية، صلة بهذا التعيين الملكي في المغرب».
حل السفير الأردني بالمغرب في صيف 1998. وبعد فترة قصيرة مرض الملك الحسين وأدخل مستشفى «مايو كلينك» في الولايات المتحدة الأمريكية. «في المناسبات الملكية كان الملك الحسن الثاني يناديني باسمي ويقول لي: سعادة السفير. إنني أضرع إلى الله في كل صلواتي أن يلطف بأخي وابن عمي الملك الحسين. وقال لي الملك العظيم إنه أمر إدريس البصري وزير الداخلية بأن يرسل الورود والبخور والحلوى المغربية وخاصة «كعب الغزال» التي يحبها الملك الحسين بانتظام إلى جناحه في «مايو كلينك»، وهو ما حرص الوزير على تنفيذه بتنسيق مع مصالح السفارة المغربية في واشنطن.
توفي الملك الحسين صباح يوم الأحد 7 أبريل 1999 وكان ذلك بعد وصول السفير إلى الرباط بأقل من ستة شهور، «اتصل بي صاحب السمو الملكي الأمير سيدي محمد ولي العهد المغربي قائلا: «سعادة السفير أنقل إليك تعازي جلالة الملك وتعازي الشعب المغربي. أجبت: سيدي سمو الأمير ولي العهد، أنا من يعزيك برحيل عمك الملك حسين».