
لم يمنع الطابع الشيوعي للنظام الكوري الشمالي، والمناهض لكل الأديان والعقائد من نسج العديد من الأساطير حول سلالة كيم الحاكمة، بدءا من الجد وصولا إلى الحفيد، وهذه الأساطير تبدأ بنسبة العائلة كلها إلى جبل مقدس هناك يحمل اسم «بايكدو»، بالإضافة إلى بلورة عقيدة تسمى بـ«الجوتشية»، بدأت ملامحها مع الجد، لكن ترسخت بشكل قوي مع كيم الأب، وفي سنة 2013 عمل الحفيد على تجديدها عبر دعمها بمبادئ جديدة تضمن استمرارية حكم السلالة «إلى الأبد».
ظهر نجم يوم ولادته
من الأساطير التي تحيط بكيم الأب، هي أنه ظهر نجم يوم ولادته، ومشى بعد ثلاثة أسابيع، وتكلم بعد ثمانية أسابيع، وألف 1500 كتاب، لا يتغوط ولا يتبول.
لا يعرف أحد بالتأكيد أين ومتى ولد الرئيس الكوري الشمالي الأب كيم جونغ إيل، بيد أن بعض الروايات (أو بالأحرى الأساطير الكورية الشمالية)، تقول إنه ولد في مونت بايكدو، أحد أقدس الأماكن في البلاد، عام 1942، ويوم مولده ظهر زوج من قوس قزح في السماء ونجم جديد ساطع، ورأى الناس طائر السنونو يحلق في السماء في الصباح الباكر، مؤذنا بقدوم الربيع على غير أوانه. ومن جانب آخر يدعي السوفيات أن سجلاتهم تقول إنه ولد في سيبيريا عام 1941، في قرية فياتسكوي.
ووفقا للسجلات الرسمية فإن كيم صار يمشي على رجليه عندما بلغ ثلاثة أسابيع من العمر، وتعلم الكلام وعمره ثمانية أسابيع، وتعكس سيرته الذاتية الرسمية أنه خلال دراسته في جامعة كيم إيل سونغ ألف أكثر من 1500 كتاب، ووضع ستة مؤلفات أوبرالية تعتبر «أجود من أي مؤلف أبرالي آخر في تاريخ الموسيقى». ووفقا لصحيفة شيوعية، فإن بذلة كيم تشكل موضة عالمية، وإن شخصيته بوصفه رمزا للموضة قد انتقلت إلى ابنه ووريثه، كيم جونغ أون، الذي أحدثت قصة شعره موجة من الجنون وسط الشباب في العاصمة الكورية بيونغ يانغ، ويظهر تأثره أيضا بالمغني الأمريكي الراحل، إلفيس بريسلي، من خلال لبسه طراز النظارات التي كان يستخدمها المغني.
منع مشاهدة الأفلام الغربية التي يدمن عليها
يحكي مرافقون روس عن كيم الأب أنه مولع بمشاهدة الأفلام، مع أنه سخر أجهزته الأمنية لمطاردة كل من يشاهدها من الشعب، ويقولون أيضا إنه أمر باختطاف أشهر مخرج سينمائي كوري جنوبي، شين سانغ – أوك سنة 1978، ويروي هذا المخرج أنه قبض الثمن ليخرج سبعة أفلام، من بينها فيلم إثارة على نمط «غودزيلا» بعنوان «بولغساري»، قبل أن يهرب سنة 1986. ويعشق تيم جونغ إيل أيضا أفلام جيمس بوند، ويحب أيضا «رامبو» و«يوم الجمعة الثالث عشر»، وأفلام هونغ كونغ المثيرة، ويقول شين: «إنه ينظر إلى تلك الأفلام كأنها حدثت في الحقيقة».
وله العديد من الهوايات، من بينها كرة السلة وركوب السيارات ومشاهدة الأفلام الأجنبية، ويقال إنه أنتج عددا من الأفلام، معظمها تاريخية ذات نبرة إيديولوجية.
وأكثر ما يشاع عن هذا الزعيم أن أي حبة أرز يتم تقديمها إليه تخضع لفحص متناه في الدقة، كما يروي طباخه السابق، كينجي فوجيموتو. ونادرا ما يسافر إلى الخارج، وإذا سافر فإنه يستقل القطار لخوفه من الطيران، وقد سافر عام 2001 بقطاره الفاخر إلى موسكو.
يقول المبعوث الروسي الرئاسي السابق، كونستانتين بوكوفيسكي، الذي ألف كتابا بعنوان «قطار الشرق»، خلال مرافقته كيم إلى موسكو: «إن قطار كيم الخاص الذي يتكون من 16 عربة فاخرة لا يخلو من النبيذ الفرنسي الفاخر، الذي يصله مقدما في كل محطة يتوقف فيها، وكان يتناول طعامه حمارا مشويا ولوبيستر نيئا». ويروي فوجيموتو، أن لدى الزعيم قبوا مليئا بـ10 آلاف زجاجة نبيذ، وأن كيم يتناول حساء زعانف القرش كل أسبوع، والتي تعتبر من الوجبات الغالية. ويضيف فوجيموتو أن «حفلاته تبدأ غالبا منتصف الليل ولا تنتهي إلا مع الصباح، وأن أطول حفلة استمرت أربعة أيام».
العائلة كلها مقدسة
عندما خلف كيم الأب والده عام 1994 حصل على أكثر من 200 لقب، من ضمنها «النجم المرشد للقرن الحادي والعشرين»، «الجنرال العظيم الذي هبط من السماء»، «السياسي المدهش»، «القائد المظفر دائما ذو الإرادة الحديدية»، «التجسيد الأعلى لحب رفاق الثورة». ابتكر كيم عام 2000 سندويتشا جديدا أطلق عليه «جوغغايوبانغ»، وهو عبارة عن خبز مزدوج مع قطعة من اللحم تأخذ شكل الهامبورغر.
وفي إطار مفهومه للدولة والثورة، فقد امتدت القداسة لتشمل كافة عائلته التي دبجت بالألقاب، فوالدته كانغ بان سوك صارت تعرف بلقب «أم كوريا»، وكذا شقيقه الذي لقب بـ«المقاتل الثوري»، وزوجته الأولى التي عرفت بـ«أم الثورة».
وخلفه في حكم كوريا الشمالية، ابنه كيم يونغ إيل المولود في 1941، وهو ابنه الأكبر، والذي لقب بـ«الزعيم العزيز»، وأيضا «الجنرال العظيم» في ما بعد.