شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

زعماء غرباء…عبد المجيد تبون رئيس يهدد بتجفيف مياه المتوسط

في نظام سياسي قام منذ الاستقلال على الدعاية الخطابية وإلهاء الشعب بالإنجازات الشفهية، ارتبط رؤساء الجزائر دوما بطرائف تضمنتها تصريحاتهم وخطبهم. فمنذ بومدين وصولا إلى تبون، مرورا بالشاذلي بن جديد، كانت الغرابة دوما حاضرة في مواقفهم وكلامهم، غرابة ضحك عنها كل العالم، إلا غالبية الجزائريين، والذين لا يملون في إيجاد تأويلات تنقذ هذا الرئيس أو ذاك من السخرية.

أغلب التصريحات والمواقف الغريبة كان المغرب جزءا منها، خصوصا وأن النظام البومدياني حرص منذ عقود على ترسيخ «عقيدة عسكرية» داخل الدولة، وتشمل كل القطاعات، وهي أن «المغرب عدو تاريخي»، الأمر الذي يفسر أن كل خطابات زعماء الجزائر، سواء مدنيين أو عسكريين، لا تخلو أبدا من إشارة، بل وإشارات إلى المغرب، سواء للمقارنة أو للنقد.

 

تبون يحمل حجرة في يده

تحولت كلمات من خطاب للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى مصدر شد وجذب على وسائل التواصل الاجتماعي في الجزائر كما في الخارج، بعدما استعمل لغة شعبية للتعبير عن سياسة البلاد. واختلف معلقون حول كلمات الرئيس، بين من يرى أنها كلمات عادية مصدرها الثقافة الشعبية المحلية التي دأب الرؤساء الجزائريون على استعمالها، ومن يرى أنها كلمات «شعبوية» لا يجب أن تصدر عن رئيس جمهورية.

وكان الرئيس الجزائري يتحدث عن جيش بلاده وكيف تمت عصرنته وأنه يبقى ركيزة من ركائز استقلال البلاد، إضافة إلى الاقتصاد، قبل أن يقول أمام حضور من المسؤولين السياسيين والعسكريين:  «تجيني بالكلام لحلو معليهش كلامك نحسبو عليك، بصح أني شاد حجرة في يدي تخرج من صف نعطيك». وتعني الجملة «إن تحدثت معي بكلام جميل، جيد أحسبه عليك، لكني مع ذلك ممسك بالحجر في يدي إن ابتعدت عن الصف، أضربك به».

ومن غير الواضح لمن كان تبون يوجه رسالته، هل هي للخارج أم للداخل، إلا أن استعمال كلمات من اللهجة الشعبية أثار المعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي والسياسيين. واعتبر البعض أن التهديد بالحجر بتلك الطريقة لا يليق برئيس دولة، فيما رأى آخرون أن الرئيس من حقه أن يتحدث بلغة يفهمها الشعب.

وكان الرئيس الجزائري يتحدث بمناسبة عيد العمال، وكشف أن الجزائر اليوم تعتبر «ثالث اقتصاد في إفريقيا، بعد كل من جنوب إفريقيا ومصر». وطمأن رئيس الجمهورية العمال الجزائريين بأن «الجزائر في مأمن، وأن المؤسسات الاقتصادية الدولية تعترف بقوة الاقتصاد الوطني»، غير أن رفض «مجموعة دول البريكس» التي حلم تبون بدخولها شكل ضربة قاصمة لهذا النظام، الذي أسس شرعيته على الدعاية الداخلية المجانبة للحقيقة، خصوصا مع تصريحات لوزير خارجية روسيا، والتي برر فيها اختيار بعض الدول لدخول المجموعة ورفض طلب الجزائر، بأن معايير الاختيار كانت هي «الهبة والمواقف والوزن»، وهي المعايير التي فهم منها الجزائريون رواية موضوعية مفادها بأن ما يسميه تبون بـ«القوة الضاربة»، إنما هي في الحقيقة بدون وزن ولا مواقف ولا هبة.

 

تبون وتحلية مياه البحر

موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي تلك التي خلفها عبد المجيد تبون، أمام ملوك ورؤساء الدول والحكومات الحاضرين خلال المناقشة العامة في الدورة الثامنة والسبعين من الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، حيث قال إن بلاده «تبنت خطة التنمية المستدامة وأدرجتها كأولوية وطنية ضمن كل الاستراتيجيات والبرامج المخططة الحكومية، ما مكن ذلك من قطع أشواط مهمة وتحقيق نتائج معتبرة في مسار أهداف التنمية المستدامة، سيما في قطاعات التربية والصحة والبناء والكهرباء والمياه».

الرئيس الجزائري، الذي وجه كل تركيزه إلى الأوراق التي كان يقرأ منها حين تحدث عن قضية الصحراء المغربية، ما إن وصل إلى نقطة استعراض المنجزات الجزائرية في علاقتها بأهداف التنمية المستدامة حتى حاول الارتجال والتخلص من الورقة التي تلازمه، مُصرحا بأن «الجزائر انطلقت ببرنامج تحلية مياه البحر، وسنصل مع نهاية سنة 2024 إلى إنتاج مليار و300 مليون متر مكعب يوميا»، على حد تعبيره.

رقم وصفه رواد مواقع التواصل الاجتماعي بـ«الخيالي»، متهمين الرئيس الجزائري تهكما بـ«محاولة تجفيف البحر الأبيض المتوسط»؛ فيما اعتبر خبراء أن هذا الرقم لا يستند إلى أي أساس واقعي وموضوعي، بالنظر إلى مجموعة من الاعتبارات، بينما شدد آخرون على أن «تبون أبان عن ضعف ثقافته السياسية العامة، وأضر بصورة دولته بهكذا تصريحات».

 

الجزائر استعمرت مصر

اعتاد الإعلام الجزائري بين الفينة والأخرى إطلاق تصريحات مثيرة للجدل، وتحتوي على قدر كبير من اللامهنية والمغالطات التاريخية. وهذه المرة كان الدور على مصر، وأحد الدعاة الجزائريين يقول نحن من بنى الجامع الأزهر، الأمر الذي أغضب عددا كبيرا من المصريين، باعتباره تزويرا وتزييفا للتاريخ وتعديا على حقوقهم الأدبية. ومن المعروف تاريخيا أن من بنى الجامع الأزهر الشريف هو «جوهر الصقلي»، وزير المعز لدين الله الفاطمي ومؤسس الدولة الفاطمية، وأن العمران في الجامع الأزهر استمر بعد ذلك في العهود التي تعاقبت على مصر. وكما يتضح أن «جوهر الصقلي» من جزيرة صقلية في البحر المتوسط، والمعز لدين الله ولد بالمهدية في تونس.

وهذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها إحدى الشخصيات الجزائرية معلومات مغلوطة عن مصر وعن دول أخرى، فقد سبقها تصريحات عن احتلال مصر زمن الفراعنة عن طريق الفرعون شيشنق!

لم تقف الغرابة عند تبون، بل وصلت إلى جميع محللي القنوات العمومية الجزائرية، حيث اندلعت منذ سنوات حمى حقيقية تتمثل في نَسْبِ كل شيء للجزائر، منها بأن الجزائر هي أول دولة تعترف بأمريكا، وأن أهرامات مصر بناها جزائريون وأن هم أيضا من بنى القاهرة، وامتد هذا الهوس الغرائبي ليشمل ثروات لا مادية مغربية، كالكسكس والطاجين والقفطان والزليج وغيرها.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى