
يونس جنوحي:
شركة إنتاج أمريكية وضعت خبرا قصيرا، جدا قبل حوالي أسبوعين، مفاده أنها بصدد تصوير فيلم تدور أحداثه حول مغامرة عميل أمريكي في إيران، ثم سحبته.
هذه الشركة سبق لها أن صورت لقطات حرب وملاحقة العصابات في شوارع المدن المغربية، على أنها تدور في العراق وسوريا.
وسحبُ خبر من هذا النوع لا يمكن أن يتعلق مثلا بوفاة البطل، بل يتعلق بالحسابات السياسية التي تدخل فيها أخيرا إيران.
كما أن التصوير يستحيل أن يجري في إيران، ولا يمكن لفريق غربي أن يتحرك بحرية في طهران. والحمد لله على نعمة التعديلات البصرية المتطورة التي تزرع المآذن والسيارات على الخلفيات التي يتم فيها التصوير، غالبا، إن لم نقل دائما، في المغرب.
لم تتسرب معلومات عن سيناريو الفيلم، لكن كل القصص التي تتعلق بالشرق الأوسط غالبا ما ترتبط بالعملاء السريين، ويختارون الدار البيضاء أو مراكش لتصوير لقطات في الأحياء العربية، ولا يخسرون على المشاهد سوى وضع الطرابيش الحمراء فوق رؤوس أبناء المدينة القديمة، الذين تتحول مناسبات تصوير الأفلام الأجنبية إلى مواسم مُدرة للدخل بالنسبة إليهم، لا تختلف في شيء عن «تشويط» رؤوس الأضاحي في «العيد الكبير».
وعندما يتعلق الأمر بالتصوير في الصحراء، فإنهم ينتقلون إلى ورزازات. وإذا تعلق الأمر بتصوير لقطات على أنها في لبنان أو المنطقة الحدودية مع سوريا، فإنهم ينتقلون ببساطة إلى نواحي الحسيمة، بحكم توفر الإطلالة على البحر الأبيض المتوسط. وكل المغاربة الذين يتابعون الإنتاج العالمي للأفلام أخيرا، سوف يُدركون أن لقطات كثيرة صُورت في المغرب، وأحيانا لا تتم الإشارة إلى هذا الأمر.
وأخيرا أيضا، وضعت شركة إنتاج هولندية إعلانا تقول فيه إنها بحاجة إلى متعاونين في مجال السينما لكي يرتبوا معها إجراءات رخص التصوير، للعمل على قصة تجمع بين المغامرات والدراما، وتتعلق بسيدة مغربية تتورط مع عملاء سريين في عواصم أوروبية. ويُنتظر أن يتم التصوير في طنجة. وبما أن بعض الأحداث التي يتضمنها السيناريو تجري في مدينة دبي، فالتصوير بطبيعة الحال سوف يتم في المغرب، وسوف تُدمج لاحقا لقطات ناطحات السحاب وشوارع دبي وفنادقها، خلال المونتاج. فيما كل اللقطات الداخلية، والعُهدة على المصدر الذي يعمل في الإنتاج، سوف يتم تصويرها في المغرب.
أين المشكل إذن؟ إن البلد الذي يعرف هذه الطفرة في عالم السينما ويقصده أبرز وأشهر منتجي العالم لكي يصوروا أفلامهم في مدنه، لا يزال يمارس البيروقراطية في إجراءات التصوير ومنح الرخص. وقد يسهل على أشهر مخرج في العالم أن يُنهي التعاقد مع عمالقة السينما العالميين، لكنه سوف يعيش «فيلما» على الهامش قبل أن ينتهي فريق الإعداد من تحصيل رخص التصوير من الإدارات العمومية، سواء منها المرتبطة بالمركز السينمائي المغربي، أو التي تتعلق بالسلطات المحلية في المناطق التي يتم فيها التصوير.
لماذا لا يفكر البرلمانيون عندنا في اقتراح مشروع قانون يمنح بعض المرونة في قوانين ورخص استعمال الطائرات المُسيرة – الدرون- بدل القوانين الحالية، التي تجعل تشغيل طائرة صغيرة بحجم الكف يحتاج إلى إجراءات ورخص لا تختلف في شيء عن الموافقة التي تحصل عليها الطائرات التجارية من برج المراقبة.
هناك شبان مغاربة يشتغلون اليوم في مجال الإنتاج ويحتاجون إلى تصوير لقطات من المغرب، لصالح شركات أجنبية، باستعمال «الدرون»، لكنهم يعانون قبل إدخال هذه الكاميرات المُسيرة عبر الجمارك، ثم يعانون من جديد للحصول على رخص استخدامها في كل مرة يفكرون في تشغيل مراوحها.