شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرسياسية

رحو يحاكم 10 سنوات من تدبير وزارة الطاقة لقطاع المحروقات

اتهمها بعدم الشفافية والتأثير في عدم تنافسية القطاع بمنح تراخيص بناء على العلاقات الشخصية

محمد اليوبي:

تضمن رأي مجلس المنافسة الصادر مؤخرا حول أسعار المحروقات، معطيات مثيرة تؤكد مسؤولية وزارة الطاقة، خلال العشر سنوات الأخيرة، عن مجموعة من الاختلالات، واتهمها بعدم الشفافية، والمساهمة في عدم تنافسية القطاع ومنح تراخيص بناء على العلاقات الشخصية والسلطة التقديرية.

وسجل المجلس، أنه في ما يتعلق بشروط الحصول على رخصة الاستيراد تتمثل أحد الشروط الواجب استيفاؤها للحصول على رخصة الاستيراد، وفقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل، في التوفر على القدرات التقنية والمالية الكافية، وأكد المجلس أن كيفيات تطبيق هذا المعيار تفتقر إلى الدقة والوضوح، حيث تحتفظ الوزارة المعنية بسلطة تقديرية في البت في الطلبات وتقييمها.

وفي الواقع، لا تحدد النصوص التنظيمية بدقة الشروط التقنية والمالية التي يتعين على المستثمرين الجدد استيفاؤها للحصول على الرخصة، وهو ما يمنح الوزارة سلطة تقديرية واسعة في تحديد نطاق هذه الشروط، ومن تم، قد تفضي عناصر الغموض سالفة الذكر إلى شخصنة عمليات معالجة الطلبات، حسب كل حالة على حدة، وهو ما قد يفضي إلى حالات من انعدام الشفافية، حيث لن يتم تطبيق القواعد بنفس الطريقة إزاء طالبي الرخص، والتسبب، بالتالي تحريف سير المنافسة الحرة في هذه السوق. وأشار المجلس إلى أن الوزارة الوصية أتاحت منذ 2010 فجوة صغيرة، تمثلت في منح تراخيص مؤقتة لطالبيها الذين يدلون ب 10 عقود للتوزيع، شريطة الالتزام بتوفير العدد المتبقي من محطات الخدمة، أي 20 محطة، خلال فترة تمتد من سنتين إلى أربع سنوات ابتداء من تاريخ توقيع الرخصة المؤقتة للتكفل بالتكرير حتى يتسنى نيل الرخصة النهائية.

وعبر المجلس من حيث المبدأ عن تفهمه رغبة الوزارة في تشجيع الاستثمار في هذا الفرع، غير أنه يتساءل حول جدوى الاستمرار في العمل بتدبير لا يستند إلى أي أساس قانوني يحدد بوضوح الشروط الضرورية الواجب استيفاؤها، في حين أنه يمكن إصدار قرار وزاري بسيط يوضح الشروط الواجب استيفاؤها، ويمكنه أن يحل محل القرار الوزاري القديم رقم 1282.06 المحدد لهذه المقتضيات.

ورصد المجلس غياب الشفافية في هذه المقاربة، ما يثير إشكالية تنافسية مزدوجة. أولا، لا تساهم هذه المقاربة في إمداد المستثمرين، الراغبين في الولوج إلى هذه السوق، برؤية واضحة عنها، مما قد ينطوي على خطر ثنيهم عن الاستثمار. وثانيا، قد تتسبب في وضعيات معاملة تمييزية وتفاضلية، من شأنها التأثير على قواعد المنافسة النزيهة.

وتقتضي المسطرة المعمول بها منح الترخيص للفاعلين، بصفتهم موردين أو موزعين، على مرحلتين. أولا، يتعين عليهم التوفر على رخصة بناء مسلمة من الجماعة. وثانيا، يجب عليهم الحصول على الترخيص من قبل الوزارة المكلفة بالطاقة، وفي هذا الصدد، يرى المجلس أنه من غير الملائم تطبيق هذا الإجراء العملي لسببين على الأقل، حيث يصطم المستثمر بمسطرتين مستقلتين تستنفدان منه الكثير من الوقت، وتتسببان، بالتالي، في تأخير إصدار قرار الترخيص بإنجاز الاستثمار، وقد يستغرق حصول المستثمر نفسه على رخصة البناء من الجماعة وقتا، وحين يقوم بإيداع طلب الترخيص بإحداث محطة الخدمة لدى الوزارة، ترفض هذه الأخيرة منحه إياه. وأوصى مجلس المنافسة بمنح الأولوية لإعادة النظر، بصفة استعجالية ومعمقة، في الإطار وكيفيات تقنين أسواق الغازوال والبنزين، قصد التخفيف من شروطه وجعله أكثر توافقا مع إكراهات الأسواق وواقعها، مع الحرص على الحفاظ وتعزيز الوظائف السيادية للبلاد في مجال المراقبة والسلامة.

وسجل المصدر ذاته أن الدراسة كشفت أن الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بأسواق الغازوال والبنزين يؤطرها بشكل مستمر قانون ونصوص تنظيمية متقادمة، حيث يرجع تاريخها إلى سبعينيات القرن الماضي، وذلك بالرغم من الاضطرابات التي طبعت أسواق هذه المنتجات.

وتابع بأنه “في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن الدولة قامت، سنة 2015، بمحاولة لإعادة النظر في هذا الإطار عن طريق إصدار قانون جديد. ويتعلق الأمر بالقانون رقم 15.67 الذي ظل غير نافذ بسبب غياب النصوص التطبيقية المرتبطة به. غير أن الإطار القانوني والتنظيمي المذكور أعلاه يظل المرجع الذي يحدد آليات تقنين هذه الأسواق عبر تحديد ليس فقط شروط الولوج، وإنما الطرق العملية الضامنة لسيرها، انطلاقا من الاستيراد ووصولا إلى التخزين والتسليم بمحطة الخدمة”.

وبالموازاة مع ذلك، أوصى مجلس المنافسة بتخفيف أكبر شروط الولوج إلى أسواق الغازوال والبنزين في المراحل الابتدائية والنهائية لسلسلة القيمة من خلال التسريع من وتيرة تفعيل التوصيات الصادرة عن المجلس سنة 2019، ويتعلق الأمر أساسا بتقليص عدد المتدخلين في عملية منح الرخص والتراخيص اللازمة، لاسيما الوزارة المكلفة بالطاقة والجماعات، عن طريق إرساء شباك وحيد، مما يمكن من تفادي ازدواجية عملية منح التراخيص.

كما يهم التنصيص بوضوح، في التصاميم المديرية للتهيئة الحضرية، على المناطق التي يمكن تخصيصها حصرا لأنشطة تخزين هذه المنتجات النفطية بهدف إمداد المستثمرين المهتمين برؤية أفضل، وتفادي اللجوء المتكرر إلى مسطرة الاستثناء لدى السلطات المحلية المختصة، وشدد المجلس أيضا على إلغاء نظام منح الرخص لمحطات الخدمة الجاري به العمل وتعويضه بنظام سهل للتصريح، وبالتالي إلغاء نظام المراقبة القبلية لنشاط محطات الخدمة ليحل محله نظام للمراقبة البعدية لهذه الأخيرة، فضلا عن تشجيع أغيار مستقلين على الاستثمار أكثر في قدرات التخزين، والذين تكمن وظيفتهم الرئيسية في تخزين المنتجات النفطية، عن طريق إلزامهم بوضع بنياتهم التحتية تحت تصرف الموزعين بالجملة أو مستوردي المنتجات المكررة مقابل تقاضي أجرة عن الخدمات المقدمة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى