
محمد اليوبي
شرع قضاة المجالس الجهوية للحسابات، بتعليمات من رئيسة المجلس، زينب العدوي، في إجراء افتحاص للمشاريع الممولة من قروض صندوق التجهيز الجماعي التابع لوزارة الداخلية، وذلك بعدما رصدت تقارير التفتيش تلاعب رؤساء جماعات في أموال الصندوق، وكذلك توقف وتعثر عدد كبير من المشاريع الممولة من الصندوق.
وأفادت المصادر بأن صندوق التجهيز الجماعي يمنح قروضا للجماعات الترابية بمعدل سنوي يقارب ملياري درهم، حيث تجاوزت القروض الممنوحة للجماعات ما مجموعه 60 مليار درهم على مدى 65 سنة، وتخصص هذه القروض من حيث المبدأ لتمويل مشاريع تدخل في إطار برامج التنمية المحلية، وتجاوز عددها 6 آلاف مشروع تنموي، كما أن دور صندوق التجهيز الجماعي لا يقتصر على منح القروض، بل يتمثل في تقديم المساعدة التقنية ورصد وتقييم وتتبع تنفيذ مشاريع الجماعات الترابية وتمويل الدراسات المتعلقة بها، وتنفيذ كافة مخططاتها وبرامجها التنموية في مختلف ربوع المملكة.
ويشمل تدخل الصندوق مجالات حيوية تتعدى البنيات التحتية والخدمات الأساسية (الطرق والكهرباء والنقل، والصرف السائل والصلب) إلى المرافق الاجتماعية (تجهيزات رياضية، وسياحية وترفيهية) والتجهيزات التجارية (الأسواق والمجازر) وعمليات التهيئة (الصيانة وإعادة التأهيل وإنجاز المناطق الصناعية). ويمثل صندوق التجهيز الجماعي رافعة أساسية في مجال تطوير عمل الجماعات الترابية، لما يسديه من خدمات، أبرزها تسهيل ولوج هذه الجماعات للقرض من أجل تمويل مشاريعها التنموية.
وقررت وزارة الداخلية تغيير اسم صندق التجهيز الجماعي إلى «بنك للتنمية الترابية»، كما أصدرت لجنة مراقبة المالية بمجلس النواب، خلال الولاية البرلمانية السابقة، توصيات بخصوص صندوق التجهيز الجماعي، وذلك بعد سلسلة من الاجتماعات عقدتها اللجنة بحضور وزير الداخلية، والمدير السابق للصندوق. وكشف برلمانيون، أثناء المناقشة، جملة من الاختلالات تعرفها عملية صرف الأموال التي تحصل عليها المجالس الجماعية من الصندوق لتمويل بعض المشاريع التنموية.
وأوصت اللجنة بتحيين الإطار القانوني والاستراتيجي للصندوق بما يتلاءم مع القوانين التنظيمية للجماعات الترابية والمتطلبات الجديدة المتعلقة بالتنمية الترابية، واعتماد تسمية جديدة للصندوق كمؤسسة بنكية فعلية متخصصة في التنمية الترابية، وخضوعها للقانون المنظم لمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وإحداث اللجان التي يوصي بها البنك المركزي، وتطوير وتوسيع تغطية خدمات الصندوق على صعيد كل جهة استجابة لمتطلبات الجهوية الموسعة، بغاية تقريب خدماته من الجماعات الترابية لتشمل أكبر عدد منها وفي كل مجالات اختصاصاتها، كما أوصت اللجنة بمطالبة الجماعات المعنية بتقديم وضعيات تنفيذ المشاريع المدعومة بكشوفات الحسابات موقعة ومؤرخة طبقا للمقتضيات التعاقدية، مع إحداث آلية متخصصة في مواكبة وتتبع المشاريع خلال مرحلة التنفيذ وتقييم المشاريع الممولة.
ويساهم الصندوق بفعالية، بصفته مؤسسة تمويلية، في تمويل المشاريع المحلية ومواكبة البرامج والمخططات التنموية للجماعات الترابية وكذا دعم مختلف المبادرات الرامية إلى اعتماد آليات التخطيط الاستراتيجي لضمان تنمية مندمجة ومستدامة تتماشى مع البرامج الوطنية، وقام الصندوق بإنجاز دراسة بمساهمة من مجموعة مكاتب الدراسات الدولية بهدف بلورة مخطط التنمية الاستراتيجية لصندوق التجهيز الجماعي، وانصبت هذه الدراسة الاستراتيجية على الارتقاء بدور الصندوق إلى بنك للتنمية الترابية، وإعداد مشروع قانون منظم للصندوق مع اعتماد تسمية جديدة للمؤسسة، وإصلاح مساطر عمله من أجل تبسيطها، والتحكم في كلفة تعبئة الموارد المالية للمؤسسة وتنويع مصادرها، وتعزيز المساعدة التقنية لفائدة الجماعات الترابية من أجل إعداد مشاريعها التنموية. وبالموازاة مع ذلك يحرص الصندوق على تطوير نظامه المعلوماتي، حيث إنه بصدد إعداد المخطط المديري لنظامه المعلوماتي من أجل تطويره وملاءمته مع أهدافه الاستراتيجية الرامية أساسا إلى تعزيز الحكامة وتبسيط المساطر والتحكم في الآجال والرفع من آليات المواكبة لفائدة الجماعات الترابية بالإضافة إلى تعزيز نجاعة عمل الصندوق.
وتسعى وزارة الداخلية، من خلال القانون المتعلق بإصلاح صندوق التجهيز الجماعي، إلى توسيع قاعدة المستفيدين من خدمات الصندوق لتشمل شركات التنمية المحلية وباقي الفاعلين على المستوى المحلي، ويتعلق الأمر بالشركات التي عهد لها بالتدبير المفوض وحتى المؤسسات العمومية التي تنشط على المستوى الترابي للجماعات؛ وكذا ملاءمة مجالات تدخله مع اختصاصات الجماعات الترابية كما تحددها القوانين التنظيمية؛ وتنويع عروضه المقدمة من خلال الانفتاح على تمويل قطاعات جديدة بالاعتماد على حلول مالية مبتكرة؛ وأيضا تعزيز سبل مواكبة الفاعلين على المستوى الترابي، خصوصا الجهات، بشكل يمكنها من لعب دورها كاملا كما تحدده القوانين التنظيمية كفاعل تنموي ومحرك للاستثمار، وهي مواكبة تشمل على الخصوص كل ما يتعلق بطرق إعداد وتمويل المشاريع التنموية، تعزيز الحكامة المالية وتمكين الجماعات من تقنيات وأسس الهندسة المالية، كما يهدف القانون إلى تطوير سبل الشراكة مع باقي مؤسسات التمويل بشكل يساهم في تعزيز مصادر تمويل التنمية المحلية؛ وتنويع وترشيد سبل تمويل الصندوق بما يسمح بالخفض من كلفة تمويل مشاريع الجماعات الترابية والهيئات التابعة لها، دون المساس بالتوازنات العامة للصندوق.