الداخلية توصلت بتقارير سوداء حول خروقات واختلالات في تحصيل الموارد الجبائية
محمد اليوبي
كشفت دورات المجالس الجماعية التي انعقدت بداية هذا الشهر، وجود اختلالات خطيرة في تدبير هذه المجالس، خلال الولاية السابقة، ومنها عدم تحصيل الموارد الجبائية، ما يجعل العديد من رؤساء الجماعات السابقين في موضع شبهة تبديد أموال عمومية، الأمر الذي يستدعي تدخل المجلس الأعلى للحسابات لإجراء عمليات افتحاص وإحالة الملفات ذات صبغة جنائية على القضاء.
وتوصلت المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية والمديرية العامة للجماعات المحلية، بتقارير تتضمن خروقات واختلالات في تحصيل الموارد الجبائية بالمجالس الجماعية، وخاصة بالمدن الكبرى التي كان يترأسها قياديون بحزب العدالة والتنمية، وعلى إثر ذلك فتحت المفتشية تحقيقا حول هذه التقارير، مع مراسلة الولاة والعمال من أجل التدخل لتطبيق القانون.
وقامت المديرية العامة للجماعات المحلية بإنجاز دراسات تهم تعبئة القدرات الجبائية لمجموعة من الجماعات الترابية التي أفضت إلى أن هذه الجماعات تتوفر على مادة جبائية كامنة وغير مستغلة تمكن الاستفادة منها بالوسائل المتاحة وبتحسين طرق تدبير الشأن الجبائي المحلي، كما أنجزت المديرية دراسات حول تشخيص وإعادة هيكلة الإدارة الجبائية المحلية للجماعات الترابية، كما قامت المديرية العامة بإعداد مخطط عمل يهدف إلى مواكبة الجماعات في تنمية مواردها الذاتية من خلال توسيع الوعاء الجبائي، وتصفية الباقي استخلاصه، وتحيين القرار الجبائي، وتأهيل الإدارة الجبائية، ولتفعيل هذا المخطط على أرض الواقع، تم القيام بزيارات ميدانية وعقد جلسات عمل مع جميع المتدخلين في مجال الجبايات المحلية.
وأفاد تقرير لوزارة الداخلية بأنه في إطار مواكبة الإصلاح الجبائي، قامت المديرية العامة للجماعات المحلية من خلال مديرية المالية المحلية بعدة تدابير من شأنها النهوض بمالية الجماعات الترابية، والعمل على تعبئة جميع الموارد الذاتية المتاحة من جبايات وحقوق وواجبات في إطار التطبيق الأمثل للمقتضيات القانونية المنظمة لتدبير الجبايات المحلية، وتمكين الإدارات الجبائية المحلية من التوفر على موارد بشرية كفؤة ووسائل تقنية تمكنها من بلوغ الغاية المنشودة. ومن بين هذه التدابير، حث الجماعات الترابية على اعتماد تنظيم هيكلي جديد للمصالح الجبائية، وتدعيم برنامج التكوين لفائدة الأطر والأعوان العاملين في المصالح الجبائية للجماعات الترابية، وخاصة «شسيعي» المداخيل، والعمل على إيجاد السبل لتحفيز الموظفين والأعوان المكلفين بتدبير الجبايات المحلية، ومواصلة إعداد مشروع اتفاقية بين مصالح وزارة الداخلية ووزارة المالية، ترمي بالأساس إلى وضع إطار مشترك للتعاون بين مصالح الوزارتين قصد تحسين الجبايات المحلية.
وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن رصد اختلالات على مستوى تدبير المداخيل الجماعية، وسجل المجلس غياب رؤية استراتيجية لتنمية وتدبير الموارد. وأوضح التقرير أن غالبية الجماعات التي تمت مراقبتها، لا تتوفر على رؤية استراتيجية واضحة لتدبير وتنمية مداخيلها، بحيث لا تبذل جهودا فعالة لمعرفة الإمكانات الحقيقية والممكنة من الموارد، وكذا لضبط الوعاء الضريبي وعدد الملزمين المعنيين. كما لا تعمل، في هذا الصدد، على وضع آليات للتنسيق بين مصلحة الجبايات والمصالح الأخرى ذات الصلة (الداخلية والخارجية) من أجل تدبير ناجع لموارد الجماعة. بالإضافة إلى عدم توفير الموارد البشرية الضرورية والقادرة على السهر على عملية تحصيل الجبايات ذات الصلة وتتبعها ومراقبتها. كما رصد تقرير المجلس وجود قصور في عملية ضبط الملزمين والتحقق من إقراراتهم، حيث لا تحرص المصالح الجماعية على ضبط جميع عدد الملزمين المفترضين بخصوص معظم الرسوم والضرائب المستحقة، ولا تقوم كذلك بالتحقق من صحة المعطيات المتوفرة لديها حول الأشخاص والمؤسسات الخاضعة للرسوم المعنية، وكذا ضبط الوعاء الضريبي لضمان استخلاص أشمل للمداخيل المستحقة لفائدتها. فعلى سبيل المثال، لوحظ أن العديد من الجماعات لا تقوم بإحصاء سنوي للعقارات والعناصر الخاضعة للرسم المهني ورسم السكن ورسم الخدمات الاجتماعية والرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية والرسم على شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا والرسم على استخراج مواد المقالع… إلخ، كما تكتفي بعض الجماعات الترابية المعنية بالمراقبة بتلقي إقرارات الملزمين المصرح بها واستخلاص الرسوم والواجبات المستحقة عنها، دون إعمال حقها في مراقبة الإقرارات المدلى بها قصد التحقق من صحة المعطيات المضمنة بها، وتصحيح الأسس المطبقة لتصفية الضرائب والرسوم المستحقة عند الاقتضاء.
ومن بين الاختلالات، عدم فرض وتحصيل الرسوم والواجبات المستحقة، وأكد التقرير أن عدة جماعات تعاني من قصور في فرض واستخلاص رسوم وواجبات مستحقة لفائدتها، حيث تم الوقوف، في العديد من الحالات، على عدم فرض استخلاص معظم الرسوم والواجبات المستحقة للجماعات، كالرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية، وواجبات التعويض عن الاحتلال غير القانوني للملك العمومي، والرسم على النقل العمومي للمسافرين، وكذا الجزاءات عن عدم التصريح بالتأسيس، والرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، والرسم المفروض على محال بيع المشروبات، والرسم على الذبح في المجازر والرسم على عمليات البناء،… إلخ. كما لوحظ أن عددا كبيرا من مكتري المحلات التجارية والدور السكنية الجماعية، لا يؤدون الواجبات المستحقة عليهم لفائدة الجماعات المعنية، وبالمقابل لم تقم هذه الأخيرة باتخاذ الإجراءات اللازمة في حق المتقاعسين من الملزمين من أجل استيفاء تلك المستحقات، ما ينتج عنه تقادم العديد من المداخيل الجماعية.