دوليون بأسماء مستعارة
حسن البصري
لا يعرف الكثير من محبي المنتخب الوطني الأسماء العائلية الحقيقية للاعبين، ويكتفون بما تروجه الصحافة من أسماء تصر دفاتر الحالة المدنية وأصول سجلات الولادة على رفضها. في واقع الأمر، نادرا ما يهتم المشجعون بأسماء اللاعبين والمدربين وأوضاعهم الاجتماعية، ما يهمهم هو السخاء في العطاء أكان اسمه لطيفا أو خشن النطق عصي الفهم.
لكن لا بأس من حصة لتقريب المشجع من دفاتر الحالة المدنية للاعبين، رغم أن الحصة تندرج في باب «معرفة الأشياء خير من جهلها».
اللاعب مبارك بوصوفة، أحد ركائز المنتخب المغربي، الصحراوي الأصول، اعتاد على اسم بوصوفة بالصاد، والحال أن اسمه الحقيقي هو «بوسوفة» بالسين وكثير من أبناء كلميم يحملون هذا الاسم الذي لا علاقة له بالصوف الذي يحاول البعض لف جسد لاعبنا به.
أما اللاعب بوفال، مهاجم المنتخب المغربي، صاحب المراوغات، فقد راوغ المغاربة أجمعين حين قبل اسما ليس اسمه، لأن الاسم العائلي المدون في الوثائق الرسمية لهذا اللاعب هو «بوفحل»، وهو ما عجز اللسان العجمي عن نطقه فتحول أبو الفحل إلى «بوفال»، وفي نهائيات كأس أمم إفريقيا الأخير تبين أن الفحولة تتعطل عندما يقترب لاعبنا من شباك الخصوم.
أما عميد المنتخب سابقا، عبد السلام وادو، فقد سجله والده في قسم الحالة المدنية بقيادة أنيف، وفق الاسم العائلي الخاص بشجرة العائلة، لكن الاسم طاله تعديل في فرنسا، حيث تحول واعدو إلى وادو. غادر عبد السلام المغرب وهو في سن الثالثة من العمر مع أسرته، وظل «واعدو» يلازمه دون بقية أفراد أسرته، حين تعرض في فرنسا لتعديلات أسقطت حرف العين.
من غرائب الصدف أن الاسم المدون في جواز سفر عميد المنتخب الحالي بن عطية يختلف عن اسمه المتداول إعلاميا، فالاسم الحقيقي هو مهدي أمين بن عطية المتقي، لكن في جواز سفره وأوراقه الثبوتية تسلل اسم آخر «مدهي» بدل «مهدي»، ويبدو أن والدته الجزائرية اختارت له اسما متداولا في الجارة الشرقية. لا يهم مادام الجميع يناديه بابن عطية، ومادامت التشوهات التي طالت الاسم لا تؤثر على أدائه ولا تجعلنا عرضة لاعتراض تقني. بل يبدو أن الخلل يعود للتسجيل لحظة الولادة ذات يوم من أبريل 1987 في منطقة إيفري ضواحي باريس. أما حكيم زياش فلا أحد من مشجعي أجاكس يعترف بالشين، لأن اسمه المتداول في الأراضي المنخفضة هو «زياخ».
ليس اللاعب المحترف هو الذي يتعرض اسمه لعوامل التعرية كلما هاجر إلى الخارج، بل هناك أسماء عديدة طالها التعديل ومن شدة التكرار حفظها الشطار، كاللاعب لحسن أبرامي مدافع المنتخب الوطني سابقا، الذي يحمل اسم «عبرمي»، ومع مرور الأيام اختفى حرف العين عن الأنظار وأصبح حرف الألف نائبا عنه دون أن يفسد للود قضية.
يبدو أن المشكلة في حرف العين، فكلما تسللت لاسم لاعب إلا وسقطت من الكلمة وركلتها الألسن في المدرجات وفي استوديوهات التحليل، وكأن الحرف لا مكانة له في عالم الكرة، لذا تغيرت ملامح الاسم العائلي للاعب الجيش الملكي السابق جواد واعدوش، انسحبت العين وكأنها في تسلل وتحول الاسم إلى «وادوش» لسهولة تداولها.
في البحث عن أصول الأسماء العائلية للاعبين الدوليين، نصطدم بالقول المأثور: «خطأ مشهور خير من صواب مهجور»، لذا سيكون من باب الفضول تقليب أوراق سجلات الحالة المدينة، خاصة وأن صحافة الكرة تنسج كل يوم أسماء «حركية» للمنتخبات، تجعلنا أسراها طوعا أو كراهية.
من سخرية القدر أن يظهر منتخب «الأولاد» عقوقه فيغضب أم الدنيا، مصر التي تضامنت مع أب الدنيا المغرب والتحقت به فتشتت شمل «الكان».