شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

دراسات ومشاريع وهمية تكلف الملايير

تلاعبات تجر رؤساء الجماعات إلى محاكم جرائم الأموال

محمد اليوبي

 

رصدت تقارير أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية وجود تلاعبات في صفقات إنجاز الدراسات، حيث يعمد رؤساء جماعات إلى تخصيص مبالغ مالية لإنجاز دراسات على الورق تخص مشاريع وهمية، تكلف خزينة الدولة ملايير الدراهم، ومن المنتظر أن تحيل وزارة الداخلة عشرات الملفات على محاكم جرائم الأموال.

وكشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات وجود اختلالات وتلاعبات خطيرة في صفقات تفوتها الجماعات الترابية من أجل إنجاز الدراسات التقنية. وسجلت المجالس الجهوية للحسابات عدم الدقة في تحديد المشاريع المعنية بالدراسات التقنية ومكوناتها والكلفة التقديرية لهذه الدراسات قبل الإعلان عن طلبات العروض، كما أن عمليات اختيار مكاتب الدراسات تشوبها عدة نقائص، تتجلى خاصة في اعتماد معايير غير موضوعية تمس بمبدأ المنافسة، كاشتراط الإدلاء بشواهد اعتماد تخص مجالات لا تتعلق بموضوع الدراسة المزمع إنجازها، بالإضافة إلى تركيز الطلبيات العمومية المتعلقة بالدراسات التقنية على عدد محدود من مكاتب الدراسات، حيث تبين أن نسبة 7% فقط من المكاتب التي نالت صفقات عمومية متعلقة بالدراسات.

وسجلت تقارير افتحاص أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية عدم إعداد الدراسات الضرورية قبل الشروع في إنجاز المشاريع، حيث لوحظ، من خلال افتحاص العديد من ملفات المشاريع، عدم اللجوء إلى إنجاز الدراسات القبلية والتقارير المتعلقة بالمشاريع، وذلك من أجل حصر تكلفتها بالدقة اللازمة وتركيبة تمويلها وطرق تنفيذها، مما يؤدي، في معظم الأحيان، إلى تعثر إنجاز هذه المشاريع وتأخر انطلاقها، هذا بالإضافة إلى مشاكل على مستوى الاستغلال والتنسيق مع الجهات المعنية بالاستثمار. ويرجع تعثر انطلاق هذه المشاريع بالأساس إلى تأخر الجماعة في إنجاز الأعمال الطبوغرافية وتسليم الرخص، ناهيك عن عدم إشراك أطراف أخرى في تمويل المشاريع المعنية.

وأكدت التقارير وجود اختلالات وتلاعبات تشوب الصفقات المتعلقة بالمشاريع المبرمجة في إطار برامج التأهيل الحضري للمدن والمراكز الحضرية من طرف رؤساء الجماعات الترابية، وهي البرامج التي تخصص لها مبالغ مالية بالملايير. وسجلت تقارير التفتيش والافتحاص أن أبرز هذه اختلالات تتجلى في إقصاء متنافسين بدون مبرر، ومنح صفقات أشغال لمقاولات مراجعها التقنية غير كافية، والأداء مقابل أشغال غير مطابقة للشروط المطلوبة، وعدم تطبيق الغرامات في حق المقاولات التي لا تحترم التزاماتها التعاقدية، وظهور عيوب في الأشغال المنجزة والمستلمة، كما سجلت التقارير اختلالات في تدبير سندات الطلب، من خلال إسناد سندات الطلب لشركات بعينها والإشهاد على تنفيذ الخدمة قبل الالتزام بالنفقات وقبل الإنجاز الفعلي لها.

من جهة أخرى، تعاني جل الجماعات اختلالات في التوازنات المالية، حيث يتم «النفخ» في النفقات مقابل تقصير في تحصيل المداخيل الجماعية. وفي هذا الصدد، سجل تقرير للمجلس الأعلى للحسابات غياب رؤية استراتيجية لتنمية وتدبير الموارد، وأوضح التقرير أن غالبية الجماعات التي تمت مراقبتها، لا تتوفر على رؤية استراتيجية واضحة لتدبير وتنمية مداخيلها، بحيث لا تبذل جهودا فعالة لمعرفة الإمكانات الحقيقية والممكنة من الموارد، وكذا لضبط الوعاء الضريبي وعدد الملزمين المعنيين. كما لا تعمل، في هذا الصدد، على وضع آليات للتنسيق بين مصلحة الجبايات والمصالح الأخرى ذات الصلة (الداخلية والخارجية) من أجل تدبير ناجع لموارد الجماعة. بالإضافة إلى عدم توفير الموارد البشرية الضرورية والقادرة على السهر على عملية تحصيل الجبايات ذات الصلة وتتبعها ومراقبتها. كما رصد تقرير المجلس وجود قصور في عملية ضبط الملزمين والتحقق من إقراراتهم، حيث لا تحرص المصالح الجماعية على ضبط جميع عدد الملزمين المفترضين بخصوص معظم الرسوم والضرائب المستحقة، ولا تقوم كذلك بالتحقق من صحة المعطيات المتوفرة لديها حول الأشخاص والمؤسسات الخاضعة للرسوم المعنية، وكذا ضبط الوعاء الضريبي لضمان استخلاص أشمل للمداخيل المستحقة لفائدتها.

ولوحظ أن العديد من الجماعات لا تقوم بإحصاء سنوي للعقارات والعناصر الخاضعة للرسم المهني ورسم السكن ورسم الخدمات الاجتماعية والرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية والرسم على شغل الأملاك الجماعية العامة مؤقتا والرسم على استخراج مواد المقالع وغيرها، كما تكتفي بعض الجماعات الترابية المعنية بالمراقبة بتلقي إقرارات الملزمين المصرح بها واستخلاص الرسوم والواجبات المستحقة عنها، دون إعمال حقها في مراقبة الإقرارات المدلى بها قصد التحقق من صحة المعطيات المضمنة بها، وتصحيح الأسس المطبقة لتصفية الضرائب والرسوم المستحقة عند الاقتضاء.

وأكد التقرير أن عدة جماعات تعاني من قصور في فرض واستخلاص رسوم وواجبات مستحقة لفائدتها، حيث تم الوقوف، في العديد من الحالات، على عدم فرض استخلاص معظم الرسوم والواجبات المستحقة للجماعات، كالرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية، وواجبات التعويض عن الاحتلال غير القانوني للملك العمومي، والرسم على النقل العمومي للمسافرين، وكذا الجزاءات عن عدم التصريح بالتأسيس، والرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، والرسم المفروض على محال بيع المشروبات، والرسم على الذبح في المجازر والرسم على عمليات البناء، كما لوحظ أن عددا كبيرا من مكتري المحلات التجارية والدور السكنية الجماعية، لا يؤدون الواجبات المستحقة عليهم لفائدة الجماعات المعنية، وبالمقابل لم تقم هذه الأخيرة باتخاذ الإجراءات اللازمة في حق المتقاعسين من الملزمين من أجل استيفاء تلك المستحقات، ما ينتج عنه تقادم العديد من المداخيل الجماعية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى