شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقارير

دبلوماسية حزبية

لا يمكن إلا التنويه بالعمل الدبلوماسي الموازي الذي يقوم به قادة حزب الاتحاد الاشتراكي في مدريد بمناسبة انعقاد مؤتمر الأممية الاشتراكية، والذي انتهى بكسب الحزب لمنصب نائب رئيس الأممية الذي ليس سوى بيدرو سانثيز، الرئيس الحالي للحكومة الإسبانية.

ومع ذلك فهذا الإنجاز الحزبي يعيد الجدل، من  جديد، حول ملف الدبلوماسية الحزبية التي تعيش عطالة رهيبة منذ سنوات، وبدل أن تكون دبلوماسية موازية تسهم في ضخ السياسة الخارجية بمزيد من عناصر القوة تحولت إلى دبلوماسية سلبية لا أثر لها ولا جدوى منها.

ما ينبغي أن يفهمه قادة الأحزاب السياسية، سيما أولئك الذين تربطهم علاقات إيديولوجية وفكرية خارجية، أن الدبلوماسية الحزبية ليست ترفا، فالعمل الدبلوماسي للدولة، سواء الرسمي أو الموازي، مثل سكة الحديد بخطَّين متوازيين متساويين بالطول ومتشابهين بجميع المواصفات، وبالتالي البلد الذي يرنو للوصول إلى نجاعة على مستوى الدبلوماسية الرسمية، عليه الاستعانة بدبلوماسية برلمانه وأحزابه وجاليته ونقاباته ومجتمعه المدني لكي يحقق المصالح الاستراتيجية للوطن.

وما هو مؤكد، اليوم، أن الديبلوماسية الحزبية في حاجة لنفض الغبار عن علاقاتها الخارجية الجامدة منذ سنوات طويلة، بسبب صراعات سياسية داخلية أو بسبب اتكالية الأحزاب على الديبلوماسية الرسمية التي، بدون شك، حققت إنجازات واختراقات مهمة لكنها في حاجة إلى دعم من الفاعلين الوطنيين.

إن الدبلوماسية الحزبية هي الرهان الجديد لمواجهة التهديدات الجيوستراتيجية والمخاطر والأزمات الإقليمية التي تواجهها بلادنا، وعلى رأسها الدسائس والمكر المصطنع ضد الوحدة الترابية والهجرة غير الشرعية والتطرف والإرهاب.

وإذا لم تستوعب أحزابنا أدوارها في السياسة الخارجية إلى جانب نظرائها في الأحزاب الحاكمة أو المعارضة في دول العالم، والابتعاد قدر الإمكان عن صرف كل مجهوداتها في التجاذبات السياسية الداخلية والأجندة الحزبية الضيقة، فإن نجاعة دبلوماسيتنا الرسمية ستكون محدودة، فهذه الأخيرة، مهما اجتهدت وانتصرت، لن تستطيع سد الفراغات الكبيرة التي تتركها الدبلوماسية الحزبية على وجه الخصوص والدبلوماسية الموازية بشكل عام.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى