شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

خطة الحكومة لإنعاش التشغيل

إحداث 1.45 مليون منصب شغل وتقليص البطالة إلى 9 في المائة

أعدت الحكومة خارطة طريق لتنفيذ سياستها في مجال التشغيل، تنضاف إلى البرامج والمبادرات القطاعية، وتروم عكس المنحى التصاعدي للبطالة وتقليصه بشكل ملموس، وذلك من خلال تنزيل ثماني مبادرات تهدف إلى تحفيز إحداث مناصب شغل جديدة والتغلب على معضلة فقدان مناصب الشغل القائمة. وسيتم تنزيل خارطة الطريق هاته عبر جملة من التدابير بناء على منهجية ترتكز على ضمان الالتقائية بين جهود مختلف المتدخلين. وأصدر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، منشورا موجها إلى الوزراء، يتضمن مجموعة من التدابير تهدف إلى الحد من تفشي البطالة وتوفير الشغل اللائق، وذلك بهدف تقليص معدل البطالة إلى 9 %، وإحداث 1.45 مليون منصب شغل إضافي في أفق سنة 2030.

مقالات ذات صلة

 

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

 

أكدت الحكومة أنها جعلت من التشغيل أولوية وطنية كبرى، اعتبارا لدور الشغل الأساسي في صيانة كرامة المواطن، وضمان العيش الكريم للأسر وفي دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تنشدها البلاد. وأوضح منشور رئيس الحكومة أنه، بالرغم من الظرفية الصعبة المتسمة بارتفاع معدل البطالة كنتيجة مباشرة لتداعيات جائحة «كوفيد 19»، واستمرار فقدان مناصب الشغل في القطاع الفلاحي، بسبب توالي سنوات الجفاف، فإن الحكومة عازمة على المضي قدما في تنفيذ سياستها الرامية إلى الحد من تفشي البطالة وتوفير الشغل اللائق، وذلك بهدف تقليص معدل البطالة إلى 9%، وإحداث 1.45 مليون منصب شغل إضافي في أفق سنة 2030، في حال عودة التساقطات إلى مستوياتها العادية.

وفي سياق تعزيز دينامية التشغيل، عبأت الحكومة في قانون المالية لسنة 2025 غلافا ماليا إضافيا يقدر بحوالي 15 مليار درهم، موزعة على 12 مليار درهم موجهة لتحفيز الاستثمار، عبر مواصلة تنزيل منظومة الدعم المنصوص عليها في ميثاق الاستثمار، والتي تجعل من إحداث مناصب الشغل أولوية لها، ومليار درهم موجهة للحفاظ على مناصب الشغل بالوسط القروي، وملياري درهم موجهة لتحسين نجاعة برامج إنعاش الشغل.

 

إنعاش استثمارات المقاولات

 

تتجلى المبادرة الأولى في إنعاش استثمارات المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، ويتمثل الهدف من هذه المبادرة في تحفيز خلق القيمة وإحداث مناصب الشغل عبر محورين رئيسيين، يتعلق الأول بتفعيل مقتضيات ميثاق الاستثمار، من خلال اعتماد وتنفيذ نظام الدعم المخصص للمشاريع الاستثمارية التي تتراوح قيمتها ما بين مليون واحد و50 مليون درهم، مع توضيح كيفيات التنزيل والحكامة. أما المحور الثاني فيتعلق بدعم الشركات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، من خلال تعزيز قدرتها للولوج إلى أنظمة الدعم، وتحسين كفاءتها التدبيرية والعملية، وتيسير ولوجها إلى الصفقات العمومية وإلى التصدير.

وفي هذا الإطار، شدد المنشور على أن الوزارة المنتدبة المكلفة بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، بتنسيق مع القطاعات المعنية، سيما وزارة الداخلية، وزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ووزارة الصناعة والتجارة بالإضافة إلى الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، مدعوة إلى التسريع باعتماد مقتضيات ميثاق الاستثمار الموجهة إلى المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، مع مراعاة خصوصية هذه المقاولات واستحضار أهمية البعد الجهوي في تنزيل المقتضيات المذكورة.

وبمجرد اعتماد هذا النظام، فإن القطاعات المعنية مدعوة إلى إعداد دليل للإجراءات يحدد كيفيات تنزيل وحكامة هذا النظام، وتحديد أدوار كل طرف معني، كما يتعين عليها أن تحدد بشكل توافقي الأنشطة والمهن ذات الأولوية حسب الجهات من أجل تكييف المنح المرصودة لدعم الاستثمار مع مهن المستقبل، فضلا عن أن هذه القطاعات مدعوة إلى تعزيز مواكبتها للمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة لتيسير ولوجها إلى أنظمة الدعم وتحسين كفاءاتها التدبيرية وفعاليتها العملية.

وفي هذا السياق، دعا رئيس الحكومة، من خلال المنشور، الوزارة المنتدبة المكلفة بالاستثمار بتنسيق مع وزارة الاقتصاد والمالية وباقي القطاعات المعنية، علاوة على الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، إلى ضمان نجاعة منظومة الدعم من خلال توضيح اختصاصات كل المتدخلين والسهر على ضمان انسجام البرامج ووضوحها، ومن جهة أخرى، طالب رئيس الحكومة جميع القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية بتسهيل ولوج المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة إلى الصفقات العمومية من خلال تفعيل مقتضيات المرسوم رقم 2.22.431 المتعلق بالصفقات العمومية، سيما تلك المتعلقة بالنسبة المخصصة لهذه الفئة من المقاولات.

وفي إطار تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، دعا رئيس الحكومة الوزارة المنتدبة المكلفة بالاستثمار، بتنسيق مع الوزارة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، إلى مواصلة العمل على تبسيط القرارات الإدارية ذات الصلة بالاستثمار، سيما عبر تسريع استكمال رقمنة المساطر والإجراءات الإدارية، وتوسيع نطاق إعمال مبدأ سكوت الإدارة بمثابة موافقة. وحسب المنشور، يتعين على المراكز الجهوية للاستثمار تعزيز مواكبتها للمستثمرين وتقديم المساعدة لهم في القيام بالمساطر والإجراءات الإدارية التي يستلزمها إحداث مقاولاتهم، وكذا في إنجاز مشاريعهم الاستثمارية والحصول على التراخيص والقرارات الإدارية المرتبطة بذلك.

 

تعزيز السياسات النشيطة للتشغيل

 

تخص المبادرة الثانية تعزيز السياسات النشيطة للتشغيل، وتعميم نظام التدرج المهني، وتهدف هذه المبادرة إلى جعل السياسات النشيطة للتشغيل أكثر إدماجية، من خلال توسيعها لتشمل الأشخاص غير الحاصلين على شهادات إضافة إلى تعميم التدرج المهني ليشمل كافة القطاعات بهدف تعزيز القابلية للتشغيل بالنسبة للمقبلين على الشغل لأول مرة، وكذا مهاراتهم في مجال ريادة الأعمال، ما سيمكن من إحداث 422500 منصب شغل، في أفق سنة 2025.

وفي هذا الإطار، دعا رئيس الحكومة وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات إلى العمل على تحسين السياسات النشيطة للتشغيل (إدماج، تحفيز تأهيل)، من خلال عدة تدابير، من بينها توسيع نطاق السياسات النشيطة للتشغيل لتشمل الأشخاص غير الحاصلين على الشهادات بهدف الرفع من عدد المستفيدين (160.000) مستفيد من برنامج إدماج. 22.500 مستفيد من برنامج تحفيز 30.000 مستفيد من برنامج تأهيل)، وتبسيط المساطر من خلال تحيين دليل الإجراءات ورقمنة الإجراءات، وتقليص مدة التدريب في إطار عقود الإدماج من 24 إلى 12 شهرا، من أجل تسريع عملية إدماج المستفيدين، وتحديد نسبة المستفيدين من عقود الإدماج بالنظر إلى العدد الإجمالي للأجراء من أجل ضمان بلوغ الأهداف المسطرة للبرامج.

ومن بين التدابير، كذلك، تعميم التدرج المهني ليشمل كافة القطاعات بما يمكن من استيعاب 100 ألف مستفيد، والرفع من قيمة الدعم المالي المقدم للمقاولات من 4.000 إلى 5.000 درهم عن كل متدرب بهدف الرفع من جودة التكوين وضمان انخراط المقاولات، وإرساء عقد للتدرج المهني للشباب يزاوج بين التكوين النظري والتطبيقي داخل الوسط المهني، بهدف تعزيز قابليتهم للتشغيل وتمكين المشغلين من تنمية كفاءاتهم الخاصة الملائمة لاحتياجاتهم المهنية، وإرساء منحة للتشغيل لفائدة المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة، تشمل الشركات والمقاولين الذاتيين والأشخاص الخاضعين للضريبة المهنية الموحدة، والأشخاص الذاتيين، وذلك بهدف إحداث 110.000 منصب شغل.

 

تقليص فقدان مناصب الشغل

 

تتعلق المبادرة الثالثة بتقليص وتيرة فقدان مناصب الشغل في القطاع الفلاحي، وتهدف هذه المبادرة إلى تقليص فقدان مناصب الشغل في القطاع الفلاحي، من خلال الرفع من المساحات المزروعة بالحبوب إلى 4 مليون هكتار.

وفي هذا الصدد، دعا رئيس الحكومة وزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات قطاع الفلاحة إلى تقديم وإعمال برنامج عمل من أجل انتقاء المشاريع المحدثة لمناصب الشغل في العالم القروي على مستوى المناطق الأكثر تضررا من الجفاف، وكذا إطلاق منصة إلكترونية من أجل تنسيق العرض والطلب بشأن اليد العاملة الفلاحية.

أما المبادرة الرابعة فتتعلق بإدماج السياسات النشيطة للتشغيل في برنامج موحد للتشغيل، وتهدف هذه المبادرة إلى تحسين استعمال موارد الدولة، من خلال اعتماد نظام موحد يدمج البرامج الفعالة والناجعة، بما يمكن من الرفع من عدد المستفيدين إلى ما بين 400 ألف و500 ألف مستفيد سنويا، وستتولى وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، بدعم من الوكالة الوطنية للتشغيل والكفاءات، تحديد سياسة نشيطة جديدة للتشغيل تدمج السياسات الحالية في برنامج موحد للتشغيل يتوخى تحقيق مجموعة من الأهداف.

ومن بين هذه الأهداف إرساء إطار ميزانياتي موحد عبر صندوق إنعاش تشغيل الشباب من أجل تجميع الاعتمادات المالية المرصودة لمختلف آليات إنعاش التشغيل بما فيها التدابير ذات الطابع الجهوي، وتحديد وتدقيق شروط الاستفادة من البرنامج الموحد بما يمكن من مراقبتها بشكل أكثر فعالية، ومراقبة وتوجيه الأثر على الحد من البطالة لضمان استدامة مناصب الشغل وإنشاء نظام حكامة موحد يعتمد على توزيع واضح للأدوار والمسؤوليات بين مختلف الفاعلين المعنية، والتصويب المستمر حسب الأولويات بناء على المعلومات الميدانية حول معايير البرنامج وشروط الأهلية.

 

 

تعزيز مهام وأدوار وكالة «أنابيك»

 

تتجلى المبادرة الخامسة في تعزيز مهام وأدوار الوكالة الوطنية للتشغيل في رفع وتيرة التشغيل، من خلال إرساء مسار مندمج للوساطة في التشغيل، يبتدئ من مرحلة التعليم المواكبة الباحثين عن العمل وتوجههم بشكل فعال. وفي هذا الإطار، دعا رئيس الحكومة كلا من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، إلى السهر على برامج تعميم المراكز المهنية «career centers» وإعداد إطار تنظيمي يحدد كيفيات عمل هذه المراكز.

الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، يضيف المنشور، مطالبة أيضا، بتنسيق مع وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، بالعمل على بلورة هذا المسار الذي ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار أربعة أبعاد، وهي توسيع عدد المستفيدين ليشمل كافة الراغبين في الشغل، وتنويع خدمات المواكبة من خلال إدماج خدمات رقمية حديثة، بما في ذلك حصيلة الكفاءات المعمقة، ومخططات المواكبة الفردية وبرامج التكوين المستمر أو إعادة التدريب، ودعم ريادة الأعمال، بالإضافة إلى  مواءمة التدريب مع احتياجات سوق الشغل بالتعاون مع مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل ومعاهد التدبير المفوض ومدن المهن والكفاءات، وذلك حسب حاجيات المشغلين ومتطلبات السوق.

وتخص المبادرة السادسة تذليل العوائق أمام النساء الراغبات في الولوج لسوق الشغل، والبالغ عددهن حوالي 700.000، من خلال تحسين عاملين محددين، يتعلقان بالنقل ورعاية الأطفال. وفي هذا الإطار تهدف هذه المبادرة إلى تحسين النقل لفائدة المرأة العاملة، وكذا توسيع شبكة الإنارة العمومية في المناطق شبه الحضرية.

وسيتم، كذلك، على تعزيز الشراكة مع النسيج الجمعوي من أجل الرفع من عدد حضانات الأطفال ومؤسسات التعليم الأولي، على أن يتم العمل مستقبلا على مراجعة الإطار التنظيمي من أجل إرساء نماذج لحضانات الأطفال تأخذ بعين الاعتبار حاجيات الأمهات العاملات.

 

محاربة الهدر المدرسي

 

تهدف المبادرة السابعة إلى محاربة الهدر المدرسي، من خلال تقليص أعداد التلاميذ المنقطعين عن الدراسة من 295 ألفا برسم سنة 2024 إلى 200 ألف تلميذ في أفق سنة 2026. وفي هذا الإطار، دعا رئيس الحكومة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولى والرياضة، إلى اتخاذ التدابير اللازمة من أجل إطلاق برنامج استدراكي مكثف من 6 إلى 8 أسابيع من أجل تدارك جزء من التأخير المتراكم في التحصيل، وتعزيز الدعم المدرسي للتلاميذ الذين يواجهون صعوبات التعلم، وتحسين جاذبية المؤسسات التعليمية من خلال توفير عرض متنوع للأنشطة الموازية والرياضية لتنمية مهاراتهم الإبداعية في مختلف المجالات، وكذا تنظيم ورشات لتنمية ثقتهم في أنفسهم، وضمان تتبع فردي للتلاميذ الذين يواجهون خطر الهدر المدرسي، من خلال إحداث خلايا لليقظة، فضلا عن توسيع مفهوم مدارس الفرصة الثانية ليشمل التلاميذ المنقطعين عن الدراسة في المرحلة الإعدادية، بما يمكن من مضاعفة عدد المستفيدين ليصل إلى 80.000 في أفق سنة 2030، وإحداث 400 مركز مراجعة الإطار القانوني من أجل اعتماد رقم تعريفي موحد بما يمكن من تتبع التلاميذ بشكل فردي، بالإضافة إلى تعميم التعليم الأولي، وتعزيز خدمات الدعم الاجتماعي التعويضات العائلية المشروطة النقل المدرسي والداخليات.

وتتعلق المبادرة الثامنة بتحسين منظومة التكوين، وتقوم هذه المبادرة على ملاءمة مختلف المسارات التكوينية مع حاجيات وانتظارات سوق الشغل. ولبلوغ هذه الغاية، فإن وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار مطالبتان بالعمل وبتنسيق مع كل من مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، من أجل إعداد استراتيجية لتحسين التنسيق بين مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات والقطاعات والمقاولات من أجل جعل المكتب قوة دافعة للتكوين في القطاعات الواعدة وللحد من البطالة، وتحويل التكوين التقني لمدة سنتين إلى إجازة مهنية من ثلاث سنوات، ومراجعة التكوين في التعليم العالي والتكوين المهني لينصب على الشعب المحدثة لمناصب الشغل.

وتهدف هذه المبادرة إلى إرساء جسور بين أسلاك التعليم الثانوي والتكوين المهني (مدارس الفرصة الثانية. المدارس المؤهلة، ومراجعة نظام التحقق من المهارات المهنية)، سيما من أجل استيعاب التلاميذ المنقطعين عن الدراسة، ومضاعفة الجسور بين أسلاك التعليم العالي والتكوين المهني لتسهيل إعادة التكوين، والرفع من أعداد المتدربين في التكوين المهني لاستيعاب التلاميذ المنقطعين من المدارس، خاصة من أولئك المتراوحة أعمارهم بين 15 و18 سنة، مع دراسة إمكانية توسيع قاعدة المستفيدين من التكوين المهني للتلاميذ المنقطعين عن الدراسة، ومراجعة إطار حكامة وتمويل وقيادة التكوين المستمر (تفويض تدبير التكوين المستمر وتوضيح آليات التمويل، وجعل المقاولات ميدانا للتكوين المستمر..).

الحكومة رصدت 14 مليار درهم إضافية لدعم قطاع التشغيل

 

 

في إطار استراتيجيته الرامية إلى تحسين حوكمة التشغيل على المستوى الوطني، أنشأ المغرب ثلاث لجان رئيسية، تلعب كل منها دورا محددا في إدارة ومواكبة سياسات التشغيل، ويتعلق الأمر باللجنة الوزارية للتشغيل التي تأسست بمرسوم ويرأسها رئيس الحكومة، حيث تهدف إلى وضع التوجهات الاستراتيجية الخاصة بسياسات لتشغيل ومواكبة تنفيذها بتشاور مع مختلف الفاعلين، ثم اللجنة التقنية للمتابعة، وهي هيئة داعمة للجنة الوزارية للتشغيل حيث يرأسها الوزير المكلف بقطاع التشغيل، واللجنة الثالثة هي لجنة مراقبة سوق الشغل، التي تتكلف على الخصوص بمتابعة نتائج تنفيذ المخططات القطاعية على مستوى إحداث مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة.

وأفادت المصادر، بأنه استجابة للتحديات التي تواجه سوق الشغل بالمغرب، تم اقتراح ثلاثة مجالات للعمل، تتجلى في تطوير بيئة مواتية لخلق فرص الشغل، ودعم القطاعات الحساسة لتحقيق قدر أكبر من الإدماج، وتسريع خلق فرص الشغل من خلال مقاربة قطاعية. وتتضمن هذه الأولويات تدابير مثل تحسين الحكامة، وتحسين البرامج النشيطة للتشغيل، ودعم المقاولات الصغيرة جدا، والحد من العوائق أمام النساء وأصحاب المشاريع الشباب الذين يبحثون عن فرص الادماج الاقتصادي لأول مرة، وتحديد الفرص القطاعية والمتخصصة لتعزيز القدرة التنافسية وتنويع مصادر التشغيل. وإيلاء اهتمام خاص للجهوية وخلق الفرص في المناطق القروية لتحفيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام.

وهكذا، ترتكز خارطة الطريق الجديدة، المقرر إطلاقها سنة 2025، على ثلاثة محاور رئيسية مدعومة بميزانية إضافية قدرها 14 مليار درهم، ويهدف المحور الأول من خارطة الطريق، المدعوم بمبلغ 12 مليار درهم، إلى تشجيع الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية، مع التركيز بشكل خاص على المشاريع التي تخلق فرص عمل قارة. ويمنح ميثاق الاستثمار، الذي دخل حيز التنفيذ منذ مارس 2023، حوافز أكبر للشركات التي تلتزم بخلق عدد كبير من فرص العمل المباشرة.

وبميزانية قدرها مليار درهم، تتمحور الركيزة الثانية من هذه الخارطة على الحفاظ على فرص العمل في المناطق القروية، التي تضررت بشكل خاص من التغيرات العميقة للقطاع الفلاحي. وتعتزم الحكومة تنفيذ مجموعة من التدابير لدعم الفلاح وإعادة بناء مخزون الثروة الحيوانية، مع التخفيف من آثار الجفاف المتكرر. وتشمل هذه المبادرات إعفاءات ضريبية ودعم أسعار المدخلات الفلاحية.

ويهدف المجال الأخير، المدعوم أيضاً بمليار درهم، إلى تحسين فعالية برامج إنعاش التشغيل الحالية في إطار السياسة الاجتماعية التي تنهجها الدولة، من خلال توسيع نطاق بعض التدابير مثل عقود التكوين من أجل الإدماج وبرنامج” تأهيل”، لتشمل غير حاملي الشهادات لفترة 12 شهرًا غير قابلة للتجديد، والذين غالباً ما يتم تجاهلهم من قبل البرامج الحالية، مع طموح الوصول إلى 212,500 مستفيد بحلول عام 2025، والرفع من عدد المستفيدين من نظام التدرج المهني ليصل الى 100.000 في السنة بدل 25 ألف حاليا.

تقليص البطالة.. الرهان الأول للحكومة في 2025

 

تُعد البطالة إحدى الإشكاليات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي تواجه المغرب، حيث تؤثر بشكل مباشر على استقرار المجتمع وتطوره. وتشير الأرقام إلى أن معدل البطالة في المغرب بلغ 13 في المائة خلال سنة 2024، مع تسجيل نسبة مرتفعة تصل إلى 31.8 في المائة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، وهي نسبة تفوق المعدل الوطني بكثير. ويعاني خريجو الجامعات من صعوبة كبيرة في ولوج سوق الشغل، حيث تصل نسبة البطالة في صفوفهم إلى 19.6 في المائة، ما يعكس فجوة بين التكوين الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل. ويتركز العاطلون عن العمل في المناطق الحضرية، حيث يصل معدل البطالة إلى 16.3 في المائة مقابل 5.7 في المائة فقط في المناطق القروية، وذلك نتيجة عدم توازن التنمية الاقتصادية بين المدن والقرى. وبالرغم من تحسن النمو الاقتصادي، حيث سجل الناتج الداخلي الإجمالي نمواً بنسبة 3.2 في المائة سنة 2023، إلا أن هذا النمو لم يكن كافياً لخلق فرص شغل تتماشى مع عدد الوافدين الجدد إلى سوق العمل.

يرجع تفاقم البطالة إلى عدة أسباب، أبرزها ضعف المواءمة بين التكوين المهني ومتطلبات سوق العمل، إذ إن 61 في المائة من المشغلين يعتبرون أن الخريجين الجدد يفتقرون إلى المهارات اللازمة. بالإضافة إلى ذلك، تواجه المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تعتبر أكبر مشغل في المغرب حيث تمثل 95 في المائة من النسيج الاقتصادي، تحديات كبرى تتعلق بالتمويل والإجراءات الإدارية المعقدة، ما يحد من قدرتها على التوسع وخلق فرص شغل جديدة. ناهيك عن أن التحول التكنولوجي السريع قلص الحاجة إلى بعض الوظائف التقليدية، ما زاد من صعوبة إدماج بعض الفئات في سوق الشغل. أما على المستوى الاجتماعي، فإن البطالة تؤثر بشكل مباشر على المستوى المعيشي للأسر المغربية، حيث إن 70 في المائة من العاطلين يعتمدون على دعم عائلاتهم لتلبية احتياجاتهم اليومية، إلى جانب أن البطالة تساهم في ارتفاع نسب الهجرة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن 46 في المائة من الشباب المغربي يرغبون في الهجرة بحثاً عن فرص أفضل. في سنة 2023، سجل المغرب خروج أكثر من 100 ألف مغربي إلى الخارج سعياً وراء فرص عمل أفضل، ما يعكس حدة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.

ولمعالجة هذه الأزمة، يجب التركيز على تشجيع الاستثمار من خلال توفير تحفيزات ضريبية وجذب الاستثمارات الأجنبية التي من شأنها خلق فرص عمل جديدة، حيث تشير البيانات إلى أن استثمارات القطاع الخاص تسهم بنسبة 60 في المائة من إجمالي فرص العمل المستحدثة سنوياً. وتجب إعادة النظر في منظومة التعليم والتكوين المهني لضمان تكوين يستجيب لحاجيات السوق، خاصة في القطاعات الصاعدة، مثل التكنولوجيا والصناعات التحويلية، التي تمثل حالياً 15 في المائة من فرص الشغل الجديدة، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة يعد كذلك من الحلول الفعالة، إذ يمكن من خلال تسهيل التمويل وتقليل البيروقراطية مساعدة هذه المقاولات على التوسع وتوظيف المزيد من اليد العاملة، دون إغفال أن تعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني يعد من بين الحلول المهمة، إذ يمكن دعم التعاونيات والمشاريع الذاتية لخلق فرص شغل مستدامة، وسجل هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة توفير أكثر من 250 ألف فرصة عمل جديدة، مع إصلاح سوق الشغل عبر سياسات تشغيل فعالة تركز على تشغيل الشباب والنساء، حيث إن نسبة البطالة بين النساء بلغت 17.5 في المائة مقابل 10.1 في المائة لدى الرجال، بالإضافة إلى إدماج القطاع غير المهيكل في الدورة الاقتصادية الرسمية، الذي يمثل حالياً حوالي 30 في المائة من إجمالي الأنشطة الاقتصادية، وسيتيح تحسين أوضاع سوق العمل وتقليص معدلات البطالة، علما أن البطالة ليست مجرد إشكالية اقتصادية، بل هي تحدٍ اجتماعي يتطلب تنسيقاً محكماً بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان حلول مستدامة تساهم في تحقيق تنمية متوازنة وشاملة.

الحكومة ترسم معالم خطتها لمواجهة البطالة ودعم التشغيل

 

تُعدُّ قضية التشغيل من القضايا الجوهرية في السياسات العمومية، نظرًا لدورها المحوري في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن معدل البطالة في البلاد بلغ 11.8% عام 2023، مع ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب إلى 31%. ولمواجهة هذا التحدي، وضعت الحكومة خارطة طريق تهدف إلى تعزيز فرص العمل وتحسين مناخ التشغيل من خلال مجموعة من التدابير والإصلاحات الاستراتيجية.

تعتمد خارطة الطريق على عدة مرتكزات أساسية، تشمل تحفيز الاستثمار، إصلاح سوق الشغل، تعزيز التكوين المهني، ودعم الفئات الهشة. ففيما يتعلق بتحفيز الاستثمار، تعمل الحكومة على تشجيع المقاولات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث تم تخصيص 10 مليارات درهم لدعم ريادة الأعمال، إضافة إلى تقديم تحفيزات ضريبية للمستثمرين في القطاعات ذات الأولوية، مثل الصناعات التحويلية والتكنولوجيا الرقمية. كما تم تسهيل الولوج إلى التمويل عبر إطلاق برامج تمويلية جديدة بالتعاون مع البنوك.

وفي سياق إصلاح سوق الشغل، تتم مراجعة الإطار القانوني للعمل لضمان توازن العلاقة بين المشغلين والأجراء، مع تعزيز آليات الحماية الاجتماعية. وتشير التقارير إلى أن نسبة التغطية الاجتماعية ارتفعت من 45 في المائة  إلى 62 في المائة بين 2019 و2023 بفضل توسيع أنظمة التأمين الصحي والتقاعد. كما تعمل الحكومة على تقوية آليات الرقابة لضمان احترام حقوق العمال، حيث تم تسجيل أكثر من 15 ألف مخالفة مرتبطة بحقوق الشغل خلال العام الماضي.

أما في مجال التكوين والتأهيل المهني، فقد تم إطلاق برامج تستجيب لحاجيات سوق الشغل، حيث تم تدريب أكثر من 200 ألف شاب في مجالات التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي. وتساهم الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تحسين جودة التكوين، إذ تم توقيع 50 اتفاقية جديدة مع مؤسسات اقتصادية كبرى لضمان اندماج الخريجين في سوق العمل.

ولم تغفل خارطة الطريق الفئات الهشة، حيث تم تخصيص برامج لدعم تشغيل الشباب والنساء، مما ساهم في خفض معدل بطالة النساء من 25 في المائة إلى 20 في المائة خلال ثلاث سنوات. كما تم تحسين الإدماج المهني للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة عبر توفير 5 آلاف فرصة عمل جديدة سنويًا، إضافة إلى تطوير مشاريع التشغيل في المناطق القروية للحد من البطالة، خاصة في صفوف الشباب.

ومن بين المبادرات الرئيسية، تعزيز مهام الوكالة الوطنية للتشغيل بهدف الرفع من وتيرة الإدماج المهني، من خلال مسار مندمج للوساطة في التشغيل يمتد منذ مرحلة التعليم، لتوجيه الباحثين عن العمل وتأهيلهم بشكل فعال. كما تسعى الحكومة إلى إزالة العوائق التي تحول دون ولوج النساء إلى سوق الشغل، عبر تحسين ظروف عمل المرأة وتعزيز النقل الخاص بالعاملات، وتوسيع شبكة الإنارة العمومية في المناطق شبه الحضرية، وتوفير مزيد من حضانات الأطفال والتعليم الأولي.

وتتضمن خارطة الطريق أيضًا مبادرة للحد من الهدر المدرسي، عبر تقليص عدد التلاميذ المنقطعين عن الدراسة من 295 ألف تلميذ خلال 2024 إلى 200 ألف تلميذ بحلول 2026. كما سيتم تحسين منظومة التكوين بملاءمة المسارات التكوينية مع حاجيات سوق الشغل، لضمان توفير كفاءات مؤهلة تلبي متطلبات القطاعات الإنتاجية المختلفة.

ولتأمين نجاح تنفيذ هذه المبادرات، تم إرساء نظام حكامة جديد يقوم على إحداث لجنة وزارية للتشغيل تُعنى بتتبع تنزيل البرامج المختلفة، وتقييم أثرها على مؤشرات التشغيل، إلى جانب إحداث وحدة متخصصة في جمع وتحليل المعطيات المرتبطة بسوق العمل، بغية توفير بيانات دقيقة تساعد على اتخاذ القرارات المناسبة وتعزيز نجاعة السياسات العمومية.

ورغم هذه الجهود، لا تزال هناك تحديات تعيق التنفيذ الفعلي لهذه الإصلاحات، من بينها البطء في بعض الإجراءات الإدارية، التفاوتات الجهوية في توزيع فرص العمل، وضعف الاستثمارات الخاصة مقارنة بالاحتياجات المتزايدة. كما أن التأثيرات الاقتصادية العالمية، مثل التضخم وتقلبات الأسواق، قد تحد من قدرة الحكومة على تحقيق أهدافها بشكل كامل.

في المجمل، تمثل خارطة طريق الحكومة في التشغيل خطوة هامة نحو تعزيز فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة. غير أن نجاحها يتطلب تضافر جهود مختلف الفاعلين، بما في ذلك الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني. فمن خلال إصلاحات هيكلية شاملة، يمكن تجاوز العقبات الراهنة وخلق بيئة تشغيل أكثر استقرارًا وإنتاجية، بما يسهم في تحسين مستوى عيش المواطنين وتحقيق النمو الاقتصادي المنشود.

ثلاثة أسئلة لمحمد جدري *:

 

إشكالية التشغيل في المغرب عميقة ومركبة ودقيقة”

 

1- ما الخلفيات التي دفعت الحكومة إلى اعتماد خارطة طريق في مجال التشغيل؟

إن ما يجب توضيحه أولا هو أن البطالة اليوم في المغرب مرتفعة بشكل ملحوظ، حيث بلغ معدلها تقريبا 13.4 في المائة، وبالتالي فمن غير الممكن للاقتصاد الوطني أن يستمر في خضم هذه المعدلات المرتفعة للبطالة، ومن هذا المنطلق يمكن القول إن إشكالية التشغيل في المغرب هي إشكالية عميقة مركبة ودقيقة، وقد وصلت إلى مستويات قياسية بلغت 13 في المائة. وفي تقديري، لمواجهة هذه الإشكالية الحكومة مطالبة بأن تعمل على تقوية قطاع الطاقات المتجددة، وهو الكفيل بخلق فرص شغل بنسبة مهمة، خصوصا إذا علمنا أنه هذه السنة حقق حوالي 250 ألف فرصة شغل ، وأيضا ارتباطه بالقطاع الفلاحي الذي لا يمكن المراهنة عليه وهو الذي لا يتحكم في مياهه وطاقته، والقطاع الفلاحي يعاني أزمة جفاف بنيوية، كما أن هناك فئة مهمة من الشباب غير الحاصلين على دبلومات والذين لا يمارسون أي نشاط، وهو الأمر الذي يدق ناقوس خطر، زيادة على إفلاس عدد من المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة، كما يمكن للحكومة الاعتماد على الاستثمار العمومي، علما أن مؤشر المردودية لهذا لاستثمار في المغرب ضعيف جدا ودون المعدل العالمي، حيث لا يحقق مستويات مهمة في خلق فرص الشغل وخلق الثروة، وهذا راجع إلى عدة عوامل منها الفساد والمحسوبية وغيرها، وبالإضافة إلى كل ما يتعلق بالمقاولات التي هي بحاجة إلى مناخ أعمال يعززه قانون إضراب مدونة شغل، وقانون تقاعد، بالإضافة إلى السهولة في الولوج للتمويلات البنكية.

 

2- ما الأسس التي اعتمدتها الحكومة في هذه الخارطة؟

إن خارطة الطريق الجديدة التي أعلنت عنها الحكومة في إطار التشغيل ومواجهة البطالة تضم بالأساس ثلاثة محاور رئيسية، أولها تخصيص غلاف مالي بقيمة 14 مليار درهم، 12 مليار درهم منها ستكون موجهة من خلال ميثاق الاستثمار الجديد بغرض تمويل المقاولات الصغيرة والمتوسطة في إطار منح ترابية أو منح قطاعية، من أجل الاشتغال بأريحية، حتى تتمكن من الولوج لمجموعة من الصفقات العمومية، وهو الأمر الذي قد يمكنها من الاشتغال على خلق الثروة وبالتالي خلق فرص شغل جديدة، وفي هذا الباب يمكن القول إن مرسوم الاستثمار الجديد الخاص بالمقاولات الصغرى والمتوسطة هو الذي من شأنه تضمين جميع التفاصيل كما نص على ذلك قانون مالية 2005، والذي حدد مبلغ 12 مليار درهم لهذا الغرض من أجل مساعدة هذه المقاولات في التخفيف من البطالة.

العنصر الثاني هو القطاع الفلاحي، والذي يعاني من الكلفة الانتاجية وعدم تشغيل اليد العاملة، وبالتالي وجب دعم الاستغلاليات الفلاحية من أجل الحفاظ على اليد العاملة لديها، وأيضا من أجل تشغيل يد عاملة جديدة، وقد تم تخصيص غلاف مالي لهذا الغرض من أجل دعم الضيعات الفلاحية، والعنصر الثالث هو المرتبط بالقطاعات الصناعية كصناعة السيارات وأجزاء الطائرات، وفي هذا الجانب سيتم تبسيط إمكانية الاستفادة من عقود الأنابيك لدى المقاولات بالنسبة للشباب الذين لا يتوفرون على شهادات تكوين أو أكاديمية، وهنا فقد خصصت الحكومة مبلغ مليار درهم من أجل دعم تشغيل هذه الفئة من الشباب بعد الاستفادة من تكوين الاندماج في سوق الشغل في هذه القطاعات الصناعية التي تساهم في خلق الثروة.

 

3- هل من شأن هذه الخارطة أن تخفف من حدة البطالة في البلاد؟

حتى نكون منصفين، فلا يتوقع من هذه الـ14 مليار درهم، أن تخلق المستحيل بالتقليص بشكل كبير من البطالة، وما يتوقع هو أن يتراجع معدل البطالة بنسبة 0.5 في المائة على أبعد تقدير مع تنزيل هذا البرنامج وخارطة الطريق هذه، غير أن من أجل مجابهة البطالة وجب العمل على عدد من النقاط الأساسية، أولها حل مشكل الماء من أجل تحرير القطاع الفلاحي من الاعتماد على سخاء السماء، وبالتالي توسيع قاعدة اليد العاملة الفلاحية، بالإضافة إلى حل إشكالية الطاقة بغرض التقليص من الكلفة الإنتاجية، خصوصا في القطاع الصناعي مع تفكيك البنية الريعية ومنظومة الفساد وأيضا منظومة المنافسة، بغرض تحسين مناخ الأعمال، وقد حان الوقت لإطلاق مناظرة وطنية للتشغيل، على اعتبار أن آخر مناظرة كانت قبل 20 عاما، وبالتالي وجب فتح حوار وطني اجتماعي من أجل التدارس والتباحث حول الحلول الممكنة التي تتيحها التقنيات الحديثة والذكاء الصناعي والتطور التكنولوجي من أجل تعديد فرص التشغيل، وعلى العموم يمكن القول إن المعدلات العالية للبطالة ستظل ترافقنا لسنوات إن لم تكن إلى حدود سنة 2027 على أحسن تقدير.

 

*خبير ومحلل اقتصادي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى