شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

حصيلة هزيلة

مع مرور نصف الولاية الانتخابية بالمجالس الجماعية، لم تجد جل الأغلبيات المسيرة ما تقدمه للناخبين من مشاريع تنموية حقيقية، سوى بعض التدابير الروتينية لحملات النظافة أو تغيير مصابيح الإنارة العمومية بتوجيه من وزارة الداخلية للاقتصاد في استهلاك الطاقة، أو حتى عرض عدد التراخيص التجارية الممنوحة، وأشغال التشوير وبعض التدخلات الترقيعية التي لا ترقى لتُقدم كحصيلة.

مقالات ذات صلة

جل المجالس الجماعية استنجدت بوزارة الداخلية، واستفادت من الدعم المالي لتجاوز الغرق في ملايير الديون المتراكمة، والعجز الذي ظلت تعاني منه الميزانية لسنوات طويلة، كما أن مشاريع إعادة الهيكلة الشاملة للأحياء ناقصة التجهيز ستمول من قروض صندوق التجهيز الجماعي وسط استمرار رؤساء الجماعات المعنيين في المطالبة بدعم قطاعات حكومية ومجالس الجهات، في مشاريع واختصاصات هي من صميم مهام الجماعات الترابية طبقا للقانون التنظيمي 113/14.

إننا للأسف أمام مجالس جماعية فاشلة بكل المقاييس، في مواجهة تراكمات ديون بالملايير وتضخم أرقام الباقي استخلاصه، وتبعات غياب تنزيل برامج العمل، والتخبط في صراعات وتصفية حسابات على حساب الصالح العام، والعجز عن تجويد الخدمات والتخلف عن مواكبة التوسع العمراني حتى أصبحت هوامش المدن تعيش بدون شبكات التطهير السائل والطرق والكهرباء والماء وكأننا بمناطق جبلية نائية وليس داخل المجال الحضري.

ومع التحديات التي رفعها المغرب لتنظيم تظاهرات قارية وعالمية، ومونديال 2030 وما يرتبط به من مشاريع تجهيز البنيات التحتية، والرفع من جودة الخدمات وتطويرها لتلائم المعايير العالمية المعمول بها، لا بد لنا من مجالس جماعية قوية بمكوناتها وسهرها على تنفيذ الالتزامات والمساهمة في التنمية، والوفاء بتمويل المشاريع المطروحة في برامج العمل وواقعيتها وتوفير الأرضية المناسبة لتنزيلها خارج المزايدات الانتخابوية وبيع الوهم للناخب.

إن حجم الفساد الذي ظهر داخل المجالس الجماعية، والملفات القضائية المتعلقة بالمنتخبين وتورطهم في قضايا نهب المال العام وجرائم النصب والاحتيال والتزوير والابتزاز والاختلاسات، يضعنا أمام مسؤولية كبيرة لتصحيح الاختلالات ومساهمة الجميع في تخليق الحياة السياسية، والشفافية والنزاهة في تزكية والتصويت على الأشخاص الذين يمكنهم منح قيمة مضافة لتسيير الشأن العام المحلي، بدل تدوير الوجوه المستهلكة التي تم تجريبها أكثر من مرة دون جدوى.

لقد عاين الجميع كيف تحولت دورات واجتماعات العديد من المجالس الجماعية إلى حلبات للملاكمة وتبادل الاتهامات بالرشوة والفساد والسب والقذف والطعن في الأعراض، وتمييع دور مؤسسة الجماعة، والصراع حول الامتيازات وسيارات الدولة وبونات المحروقات والتفويضات، بحيث ما لم تتم معالجة الأسباب العميقة لأعطاب المجالس ستبقى عجلة التنمية متوقفة وتهدر معها الفرص المتكررة لمستقبل أفضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى