شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

حروب رقمية

عندما يملك الجميع هاتفا ذكيا، فإن المعادلة تتطلب أن يكون جلهم أذكياء في التعامل مع المواقع الاجتماعية، ولهم القدرة الكافية على تحليل والتعامل مع الأحداث والصور والتصريحات والفيديوهات الأخبار المضللة، وغير ذلك سنكون أمام موجة غباء خطيرة يرتفع عُلوها بتصديق كل ما يُسمع أو يُنشر والتفاعل معه بالعاطفة وليس العقل، ويزداد الخطر في ظل الحروب الرقمية الناعمة والذكاء الاصطناعي، واللهث خلف المال، مقابل القيام بمهام قذرة ولا أخلاقية والنزول إلى بئر بدون قاع.

لقد دفع الصالح العام فاتورة تخويف المواقع الاجتماعية من التلقيح، ما أربك العملية بالغة الأهمية التي تحمي حياة وسلامة الأطفال، كما ندفع يوميا فاتورة تمييع أدوار مؤسسات عمومية وتبعات التساهل مع التشهير والابتزاز الرقمي، الذي لم يسلم منه أي أحد والخلط الواضح بين جريمة التشهير وحرية التعبير، والتغاضي عن التشكيك في استراتيجيات الدولة في ملفات التصالح الضريبي وتدابير الحماية الاجتماعية، ودفع الرواد إلى التفاعل السلبي مع جُل المبادرات الرسمية.

إن خطر ركوب الأحداث والملفات الاجتماعية الحساسة، في إطار الحروب الرقمية والذباب الإلكتروني، والتمويل عبر إرسال الهدايا التي يتم صرفها من قبل المعنيين، يبقى قائما في ظل أرضية خصبة لتنامي الشائعات، كما يمكن للغباء واللهث خلف المال أن يكون مدخلا لخدمة أجندات خطيرة بدغدغة العواطف وتشكيل رأي عام رقمي لا يتوفر على أبسط مقومات التمحيص في ما يستهلكه على الشاشة، وليست له المناعة الكافية لدفع خطر الاستغلال عن بُعد.

تجب الصرامة في معالجة تبعات التساهل مع تمييع دور المؤسسات العمومية بالمواقع الاجتماعية، وردع انتشار تجارة التشهير والابتزاز واستغلالها من قبل جهات لإخراص الأصوات المستقلة، أو تلك التي ترفض الانخراط في ألاعيب شبكات الفساد الذي يتفق الجميع على أنه فيروس خطير، يعرقل التنمية والتشغيل والمصالح الكبرى للمملكة، ومحاربته تتطلب الوقت الكافي والحكمة والحفاظ على السلم الاجتماعي.

في كل الوقائع التي تسببت فيها الصورة في استنفار الدولة، والتحرك على أكثر من مستوى للتعامل مع الأوضاع وضمان تنفيس الاحتقان الاجتماعي، تتضاعف الحاجة الملحة إلى تنظيم النشر بالمواقع الاجتماعية، والتوعية والتحسيس لبناء رأي عام رقمي واع بما يدور حوله ويحاك في كواليس الحروب الرقمية، ومزاحمة التفاهة والتفسخ الأخلاقي بالإبداع المهني وإظهار خطر نشر الأخبار المضللة على الأمن العام واستراتيجيات الدولة.

لا نقول بالتضييق على الحريات بالمواقع الاجتماعية، ولا التراجع والتخلف عن ركب التطور التكنولوجي في التواصل، ولكن الحذر واجب من الحروب الرقمية التي تدار عن بُعد، وجيش الرأي العام الرقمي التائه وسط بحار «السوشيل ميديا» والغارق في التفاهة وأموال الابتزاز والتشهير، وخطر استغلاله دون علمه في ضرب السلم الاجتماعي، وعرقلة استراتيجيات كبرى للدولة وتمييع مشاريع ومبادرات في غاية الأهمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى