![](https://www.alakhbar.press.ma/wp-content/uploads/2022/03/abdelatif-miraoui-750x470.jpg)
النظام الحالي تم تمريره بإرضاءات مالية «سخية» لفئة تسيطر على نقابة التعليم العالي
المصطفى مورادي
مرت أكثر من أربع سنوات منذ أن شرعت وزارة التعليم العالي رسميا في مراجعة نظام الأساتذة الباحثين، هذا النظام الذي تم العمل به قبل 25 سنة، وحمل معه امتيازات مالية وإدارية لبعض فئات أساتذة التعليم العالي. ففي الوقت الذي تصر الوزارة الوصية ونقابة التعليم العالي على التستر على مضامين الصيغة النهائية للنظام الجديد، تعالت أصوات كثيرة لفئات «مستقلة» تنتمي للتعليم العالي، تتخوف من تكرار سيناريو تمرير النظام المعمول به حاليا وأيضا قانون 001، حيث لعبت التسويات الفئوية السرية دورا حاسما في تمريرهما.
الوزارة والنقابة تتكتمان
اتفق عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والنقابة الوطنية للتعليم العالي، على الصيغة النهائية لمرسوم نظام الأساتذة الباحثين، وهو مرسوم متعلق بتغيير الإطار من إطار «أستاذ مؤهل» إلى إطار «أستاذ التعليم العالي»، بما يتيح إمكانية الحصول على شهادة الدكتوراه بالنسبة للأساتذة المؤهلين الحاصلين على دبلوم الدراسات العليا أو ما يعادله في أقرب الآجال. الاتفاق النهائي يتضمن تقليص الفئات الثلاث للأساتذة الباحثين إلى فئتين فقط، الأولى هي «أستاذ محاضر» والثانية هي «أستاذ التعليم العالي»، أي إلغاء تصنيف «أستاذ التعليم العالي مساعد»، وهذه الفئة في حد ذاتها تجتاز مرحلتين، هما مرحلة التدريب بالنسبة للأساتذة الجدد الذين لم يسبق لهم التدريس، وترسيم فوري بالنسبة للأساتذة المساعدين الذين مارسوا التدريس في إحدى مؤسسات تكوين الأطر.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه وزير القطاع ونقابة التعليم العالي على إخراج المرسوم المتعلق برفع الاستثناء عن الأساتذة الباحثين حملة الدكتوراه الفرنسية في أقرب الآجال، وكذا تقديم النقابة لاقتراحاتها في شأن مشروع القانون المنظم للتعليم العالي قبل نهاية شهر فبراير، فإن موافقة النقابة الوصية على عرض مشروع المرسوم المتعلق بالنظام الأساسي الجديد لهيئة الأساتذة الباحثين على مسطرة المصادقة، جعلت فئات كثيرة في هيئة الأساتذة الباحثين تتساءل عن خلفيات تكتم الوزارة والنقابة عن مضامين هذا النظام الجديد، خصوصا وأن منهجية اعتماد النظام المعمول به حاليا اتجهت لإرضاء فئات في الهيئة تحتل كلها مناصب ومهاما قيادية في نقابة التعليم العالي.
كان هذا سنة 1997، عندما اختارت الوزارة حينها تقديم عروض زيادات سخية جدا تجاوزت 8 آلاف درهم شهرية لفئة التعليم العالي وهي الفئة الثالثة لتمرير هذا النظام خصوصا، وفهم هذا الإجراء حينها على أنه إرضاء لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان ومايزال يسيطر على النقابة الوطنية للتعليم العالي. وفي الوقت نفسه إهمال الفئتين الأولى والثانية. وفي سنة 2022، تصر الوزارة الوصية على التستر بالاتفاق مع النقابة الممثلة للأساتذة الباحثين.
بمعنى أن النظام الحالي تم تبنيه كجزء من صفقة بين حزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان ومايزال يسيطر على نقابة التعليم العالي والنظام، وفيه تم منح زيادات سخية لفئة تسيطر على النقابة تجاوزت 8 آلاف درهم.
التخوف من تكرار سيناريو 1997
كل الأنظمة الأساسية في القطاعات التعليمية الثلاثة تخضع دوما لتوافقات مع النقابات التمثيلية. شاهدنا هذا في نظام وزارة التربية الوطنية سنة 2003، والذي استفادت منه فئات تعليمية ذات طابع إداري، سمحت للمستفيدين بالوصول لمناصب في المسؤوليات الإدارية لم يكن بإمكانهم بلوغها لولا هذا النظام. الأمر نفسه حدث في نظام الأساتذة الباحثين، وهذا ما ظهر في بيانات صادرة من تنسيقيات تمثل فئات في قطاع التعليم العالي.
وأكد بيان للمكتب الوطني لتنسيقية الكرامة المستقلة للأساتذة الباحثين أنه يتابع بقلق شديد مستجدات الساحة الجامعية، وخاصة ما يتعلق بمشروع النظام الأساسي الخاص بهيئة الأساتذة الباحثين، بعد التصريحات الأخيرة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والبلاغات الأخيرة للنقابتين التي تشير إلى اتفاق حول هذا المشروع.
وفي هذا الإطار، ذكر المكتب الوطني للتنسيقية، في بيان له، بـ«مضامين البيانات والبلاغات التي أصدرها منذ تأسيس التنسيقية، والمحطات النضالية التي خاضها مناضلوها، والمرتبطة بصون وضمان كرامة الأستاذ الباحث عبر الزيادة في الأجر الذي ظل جامدا لأكثر من اثنتين وعشرين سنة؛ علاوة على ما طاله من اقتطاعات خلال السنوات الأخيرة، جعلت وضعية الأستاذ الباحث تتقهقر اجتماعيا وماديا».
وأكد المكتب الوطني لتنسيقية الكرامة «إدانته الشديدة للتعتيم الذي تضربه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار على مشروع النظام الأساسي ونصوصه التطبيقية، وعدم إشراك الجسم الأستاذي في نقاشها، مع تذكيره في هذا الشأن بـ«المقتضيات الدستورية ومقتضيات القانون رقم 13ـ31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، التي تضمن لكل المواطنين الحق في الوصول إلى المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العمومية».
كما سجل المكتب ذاته «استنكاره صمت النقابة الوطنية للتعليم العالي، وانسحابها من النقاش الجامعي حول الوضعية المادية والمعنوية للأستاذ الباحث والنضال الميداني، وعدم تقاسمها مع الأساتذة الباحثين، بصفة رسمية وليس عن طريق تسريبات لا تعرف مصادرها ولا خلفياتها ولا نواياها، مشروع النظام الأساسي الجديد ونصوصه التطبيقية».
ودعا البلاغ «الوزارة والنقابتين إلى تدارك التعتيم الحاصل عبر نشر كل مضامين مشروع النظام الأساسي الجديد ونصوصه التطبيقية، لتمكين الأساتذة الباحثين من ممارسة حقهم في الاطلاع عليه ومناقشته وإبداء الرأي فيه»، مبديا، في الوقت ذاته، «رفضه للمقاربة الفئوية والتمييزية التي يتم نهجها في التعاطي مع الملف المطلبي للأساتذة الباحثين، واستعداد تنسيقية الكرامة للتصدي لأي مشروع لا يستجيب لطموحاتهم وانتظاراتهم».
يأتي هذا الجدل في وقت تراجعت فيه وزارة ميراوي عن نظام الباشلر الذي تبناه سلفه أمزازي لإصلاح النظام البيداغوجي للمؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح، حيث جددت تبنيها للنظام المعمول به حاليا دون تغيير