شوف تشوف

الرئيسيةسياسيةمجتمع

جمعيات “مشبوهة” تحت مجهر الداخلية

أموال مجهولة المصدر تضخ في حسابات جمعيات و”الاستخبارات المالية” تضع لائحة سوداء

 

 

محمد اليوبي

علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن وزارة الداخلية، بتنسيق مع الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، وضعت مجموعة من الجمعيات «المشبوهة» تحت مجهر المراقبة، بعد رصد حركية غير عادية في حساباتها المالية، وتلقيها أموالا من مصادر مجهولة، قد تستعمل في جرائم غسل الأموال أو تمويل الإرهاب.

وحسب المصادر ذاتها ، فإن وزارة الداخلية توصلت بمعلومات دقيقة حول الأنشطة المالية للجمعيات خلال السنوات الأخيرة، وقامت بتصنيف الجمعيات إلى ثلاث فئات «عالية المخاطر»، و«متوسطة المخاطر»، و«ضعيفة المخاطر»، فيما تحتفظ الهيئة الوطنية للمعلومات المالية بقائمة تضم أسماء الجمعيات المصنفة في فئة «عالية المخاطر»، وتم تضمينها في نظام المعلومات الخاص بها (goAML)، لمتابعة ومراقبة أي معاملات مالية مشبوهة. وبالإضافة إلى ذلك تتوفر وزارة الداخلية على قاعدة معطيات مفصلة، تتضمن البيانات والمعطيات الكاملة عن جميع الجمعيات، ويتم تحديثها بشكل مستمر، حيث يوجد تنسيق وثيق بين الوزارة المذكورة ومختلف الوحدات الإدارية التابعة لها، كما أن هناك تنسيقا بين المتدخلين وعلى رأسهم الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، التي تقوم بدور المنسق الرئيسي لدى السلطات الوطنية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتتولى جمع ومعالجة وطلب المعلومات المرتبطة بأفعال يشتبه في أن لها علاقة بغسل الأموال أو تمويل الإرهاب، واتخاذ القرار بشأن مآل القضايا المعروضة عليها، بما في ذلك أي حالات تتعلق بالأموال التي تتصرف فيها الجمعيات المدنية.

وتأتي هذه الإجراءات في إطار التزامات المغرب الدولية، وتنفيذا للتوصيات الواردة في تقرير التقييم المتبادل الصادر عن مجموعة العمل المالي الدولي. ورصد التقرير المذكور مجموعة من الثغرات والنقائص في آليات الرقابة والإشراف المطبقة على الجمعيات المدنية، وسجل التقرير أن السلطات لم تتبن المنهج القائم على المخاطر، ولم تحدد المجموعة الفرعية للمنظمات وفقا لتعريف مجموعة العمل المالي، كما لم تحدد سمات هذه المنظمات وأنواعها والتهديدات التي تشكلها المجموعات الإرهابية عليها. كما لا تتم مراجعة كافة الإجراءات بما يشمل القوانين، لمواجهة مخاطر استغلال هذه الجمعيات من الإرهابيين أو المجموعات الإرهابية. كما لم يتم تقييم مخاطر هذا القطاع لتحديد نقاط ضعفه. وتطرق التقرير إلى غياب سياسات تعزيز النزاهة لإدارة هذه المنظمات، وغياب برامج التوعية حول مخاطر تمويل الإرهاب للمنظمات وللمانحين، والعمل معها لتطوير أفضل الممارسات، وتشجيعها على استخدام القنوات المنظمة في تعاملاتها المالية. كما لا تتم الرقابة والإشراف على هذا القطاع استنادا إلى مخاطر تمويل الإرهاب، ولا توجد نصوص قانونية لفرض عقوبات على المنظمات المخالفة.

وسجل التقرير أيضا غياب آليات تعاون بين السلطات المعنية، والتي لديها معلومات عن المنظمات غير الهادفة للربح، وخبراتها وقدراتها على إجراء تحقيق حول هذه المنظمات، والآلية المتعلقة بالتبادل الفوري للمعلومات. كما لم تحدد السلطات المغربية نقاط الاتصال المسؤولة عن استقبال الطلبات الدولية حول المنظمات، عند وجود شبهة علاقتها بتمويل الإرهاب.

ولمعالجة أوجه القصور، قامت وزارة الداخلية بإعداد دراسة حول مخاطر استغلال الجمعيات المدنية في عمليات تمويل الإرهاب في شتنبر 2019، وقد حددت الدراسة أن المنظمات المعنية هي «كل شخص اعتباري يهدف إلى جمع والتصرف في أموال لأهداف خيرية ودينية واجتماعية وثقافية وتربوية، بشتى الطرق الموجودة». وغطت الدراسة كذلك، جمعيات «الوقف» وتوصلت إلى أنها لا تمثل مخاطر لوجود ضوابط وترتيبات تنظيمية شاملة، وأن مؤسسات الدولة هي التي تسهر على إدارة الأوقاف، وبالتالي ليس هناك مجال لاستغلالها لأغراض تمويل الإرهاب. وتم تصنيف الجمعيات ضمن ثلاث فئات «عالية»، و«متوسطة» و«ضعيفة» المخاطر، مع الأخذ بعين الاعتبار العديد من الخصائص مثل مصادر ووجهة الأموال، حجم القطاع (عدد المنظمات/ مساحة تحركاتها: وطنية أم إقليمية أو محلية)، والموقع الجغرافي لأنشطتها (وفقا لكل منطقة أو إقليم أو وفقا لنشاطها).

وتم بموجب هذه الدراسة، والتي تعتبر الثانية من نوعها، تحديد جملة من التهديدات التي من الممكن أن تشكلها الكيانات الإرهابية على الجمعيات المعرضة للخطر، وفق منهجية اعتمدت على خبرة الجهات المعنية في المجال في ظل عدم استغلال القطاع مسبقا من قبل الإرهابيين. وبحسب الدراسة فإن الجمعيات ذات المخاطر العالية والمتوسطة لا تتوفر على أنشطة خارجية، مما يعني أنها في منأى عن أي تهديدات محتملة. وحسب الدراسة أيضا، فقد تم إجراء مراجعة شاملة لمدى ملاءمة وضعية الجمعيات، بما يشمل الإطار التشريعي والتنظيمي المنظم للقطاع والأحكام الخاصة بمراقبة تمويل الجمعيات.

وحسب التقرير، فقد أفادت وزارة الداخلية بأنها تعمل على مراقبة أنشطة الجمعيات بشكل يومي، وجمع كل المعلومات الخاصة بها، بما في ذلك المعلومات المالية، كما تخضع الجمعيات لتتبع حركة الأموال في حساباتها من خلال إجراءات اليقظة من قبل وحدة معالجة المعلومات المالية، والبنك المركزي وجميع المؤسسات المالية الخاضعة لإشرافه. وقامت الوزارة بالتنسيق مع الجهات الأخرى بتبني برنامج لتعزيز عدد عمليات التفتيش الميدانية، كلما ارتفعت المبالغ المالية التي تتلقاها الجمعيات، أو كلما تلقت معلومات حول وجود شبهة، أو معلومات استخباراتية أو غيرها من المعلومات، حيث تم إجراء 224 مهمة رقابية، من أصل 1005 جمعيات تصنف ضمن الجمعيات «عالية المخاطر».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى