جزائرية هاربة من الاجتياح الفرنسي تحجز مكانة في قلب الشيخ عبد السلام بن ريسون
حسن البصري
يتحدث الباحث محمد بن عزوز حكيم، في كتابه «تطاونيات»، عن جرأة زوجة الشيخ عبد السلام بن ريسون: «كانت بلا شك المرأة المغربية الوحيدة التي وجهت رسالة إلى السلطان مولاي الحسن الأول عند زيارته لتطوان، ولقد أجابها جلالته برسالة مؤرخة في 6 شتنبر 1889». يتبين، من خلال هذه الشهادة، أن فاطمة تنتمي إلى عائلة الشاوش ذات الأصل الجزائري، والتي هاجرت إلى تطوان إثر الاحتلال الفرنسي لمدينة الجزائر التي كانت تقطن بها رفقة أسرتها سنة 1830. ورغم أن المقال لم يتحدث عن مضمون الرسالة ومكان تسليمها، إلا أنه يرصد جانبا من شخصية سيدة الزاوية.
وأشار الباحث السوسيولوجي الفرنسي ميشو بلير، في بحثه عن القصر الكبير، إلى أن أفراد هذه العائلة انتقلوا من تطوان إلى القصر الكبير، منهم عبد السلام بن محمد الشاوش، الذي توفي بالمدينة سنة 1893. ما يؤكد انتشار عائلة الشاوش في شمال المملكة، وتوجد لها، أيضا، امتدادات في الشرق المغربي.
ويبدو أن فاطمة المذكورة هي أخت عبد السلام الشاوش الجزائري الأصل، وأنها تزوجت في تطوان من القطب سيدي عبد السلام بن ريسون، حيث سكنت معه في داره بحومة باب السفلي القريبة من حومة الصياغيين بتطوان، والتي توجد بها الزاوية الريسونية، المعروفة بأهميتها الدينية والسياسية في المدينة والنواحي.
كانت فاطمة بنت محمد الشاوش الزوجة الأخيرة للشريف، وهي المرأة التي ساهمت في إعطاء بيت السيد ما يليق به بوصفه بيتا أرستقراطيا مجيدا، ووفرت للسيد زوجها الراحة والنظام والوقت اللازم لخلواته ومجالسه، بسهرها على تدبير شؤون بيتها تدبيرا يتفق مع تربيتها النبيلة وحضارتها العريقة.
وصفها الباحث محمد داوود، في تاريخه، بأنها «كانت فريدة في جمالها وحسن أخلاقها»، مضيفا: «لقد أخبرها والدها المرحوم الفقيه سيدي أحمد بن عبد السلام الشاوش المتوفي سنة 1950 بانطباعاته عن بيت السيد حيث كان يزور عمته وهو طفل، فيجد عمته كأميرة في بيت أمير، وكانت تتحفه بعلب من الحلويات الممتازة التي لم تكن معروفة في تطوان».
وجاء في مجلة «دعوة الحق»: «كان جدنا المجاهد الحاج محمد الشاوش المتوفي سنة 1875، يتمتع بعطف السيد ورضاه الشريف، وقد توج هذا الرضا والعطف بزواج السيد الشريف بالسيدة فاطمة بنت محمد الشاوش، فكانت نعم الزوجة لنعم الزوج، أخلصت له وأخلص لها إلى أن اختاره الله لجواره سنة 1882 وبقيت على العهد والوفاء لبيته وأسرته، إلى أن لحقت به سنة 1890، وطبيعي أن يكون هذا الحفيد الكاتب وفيا لجده الراقد بالزاوية الريسونية العامرة، ووفيا لعمة والده التي كرست حياتها على خدمة السيد زوجها وزاويته حيا وميتا، ووفيا لولده الذي كان يجد في الزاوية الريسونية الشريفة خير بيت يلجأ إليه كلما شعر بالحاجة إلى الراحة النفسية والهروب من متاعب الحياة وصخبها الى رحاب الله الفسيحة في الزاوية الريسونية، وكأنه بذلك يصل رحما كانت الدوافع النفسية الأصيلة ترفعه إلى وصله».
وفي مدينة القصر الكبير يوجد حي اسمه غرسة الشاوش.