شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسيةوطنية

ثورة في مجال الصحة

ليس من باب المبالغة القول بأن مشروع قانون الإطار الذي أشر عليه الملك محمد السادس خلال المجلس الوزاري الذي انعقد أول أمس، هو بمثابة ثورة في مجال إصلاح منظومة الصحة المعتلة منذ عقود. فهذا المشروع إذا حسن تنزيله سيكون في مستوى تطلعات ملك البلاد وعشرات الملايين المغاربة وسيجيب على تحديات ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي أمر به جلالة الملك في أجل أقصاه 2026.

فهذا المشروع اهتم بكل التفاصيل التي كانت تحول دون نهوض منظومتنا الصحية، سواء ما تعلق منها بتعزيز الحكامة الاستشفائية والتخطيط الترابي للعرض الصحي، مرورا بإحداث الهيئة العليا للصحة وإحداث وكالة الأدوية والمنتجات الصحية وإحداث وكالة للدم ومشتقاته؛ ومراجعة مهام ووظائف وهيكلة الإدارة المركزية؛ وإحداث المجموعات الصحية الترابية، التي ستتولى على الخصوص إعداد وتنفيذ البرنامج الوطني الجهوي، وتقوية آليات التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وصولا إلى تقليص الخصاص الحالي في الموارد البشرية وإصلاح اعتماد نظام جديد للتكوين؛ وكذا الانفتاح على الكفاءات الطبية الأجنبية، وتحفيز الأطر الطبية المغربية المقيمة بالخارج وحثها على العودة إلى أرض الوطن.

لذلك لا أحد من العقلاء يمكن أن يعارض المقاصد والأهداف التي تضمنها المشروع الذي حصل على المباركة الملكية، لكن التحدي اليوم هو ضمان حسن التنزيل وهنا بالضبط يسكن الشيطان، فكم من قوانين إطار تم اعتمادها لكنها وضعت في الرفوف في مكاتب الوزراء، وخير دليل على ذلك قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين وقانون الإطار المتعلق بالإعاقة وغيرها..

وما يثير التوجس في نفوس المغاربة هو أن تتحول هاته الحماسة القانونية والرغبة السياسية في الإصلاح إلى سراب بسبب مقاومة خصوم الإصلاح واللوبيات المستفيدة من الوضع الحالي. صحيح أننا أمام ضمانات ملكية قوية لن تقبل بالتلاعب والتحايل على إصلاح جذري لمنظومة الصحة بإصلاحات ترقيعية لن تفي بالغرض المتمثل في تعميم التغطية الصحية،  لكن مع ذلك فنحن أمام مفترق الطرق فإما أن ننهض بالمنظومة الصحية نحو النجاعة والفعالية والعدالة المجالية والطبقية أو نترك تلك المنظومة  تغرق وتخضع لقدر الموت البطيء مع ما قد يترتب على ذلك من مخاطر وتهديدات اجتماعية.

إن هذا المشروع الذي يشكل مرجعية لعدد من القوانين يبقى هو الحل الوحيد لإنقاذ التأمين الصحي والحماية الاجتماعية. قد لا يكون لوحده كافيا لعلاج قطاع الصحة، لكنه الوحيد الذي بإمكانه إنقاذ الخدمات الصحية من الانهيار تحت وطأة التوسع المطرد للطلب الاجتماعي على الصحة مع استمرار الهدر والترهل ونقص التمويل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى