استضاف الاتحاد العام لمقاولات المغرب المدير العام للمديرية العامة للضرائب، يونس إدريسي قيطوني، حيث تم التداول حول أهم مقتضيات قانون المالية لسنة 2023.
تنفيذ توصيات المناظرة الوطنية للجبايات
أوضح المدير العام للضرائب، يونس إدريسي قيطوني، أن هذا اللقاء يشكل فرصة للحديث عن المستجدات الضريبية وأهداف قانون المالية 2023، مؤكدا التزام المديرية بتعزيز العلاقات مع دافعي الضرائب على أساس العدل والشفافية والأمن والوضوح حتى يتمكنوا من القيام بأنشطتهم في طمأنينة وأمان والمساهمة في تعزيز التنمية بالبلد.
واعتبر قيطوني أن المديرية العامة للضرائب ستواصل تحسين جودة خدماتها وإمكانية الوصول إليها، بالاعتماد على تنظيم قائم على الزبون وتقديم خدمات إلكترونية معززة وعلى المقاس، لافتا إلى أنها ستسهر أيضا على تحسين مستوى الامتثال الضريبي، من خلال تفضيل اللجوء إلى الطرق الودية والشفافة والتواصل القبلي مع دافعي الضرائب، فضلا عن وضع نظام تواصلي عالي الأداء يتيح التوفر على البيانات الضرورية لممارسة المهنة.
وأعرب عن اقتناعه بالقدرة على بناء علاقات دائمة قائمة على الثقة والشراكة، في خدمة تطور النسيج الاقتصادي باعتباره المحرك الرئيسي لتنمية البلد. وفي هذا الإطار، أشار المسؤول إلى أن قانون المالية 2023 يكرس الدينامية التي تبعتها قوانين المالية بدءا من عام 2020، على طريق تنفيذ توصيات المناظرة الوطنية للجبايات لسنة 2019، وكذلك توصيات النموذج التنموي الجديد، لافتا إلى أن قوانين المالية هاته هي ثمرة مقاربة تشاركية جماعية وتوافقية، والتي انبثقت عنها الخطوط العريضة لإصلاح النظام الضريبي الوطني.
وسجل بأن مقتضيات قوانين المالية تعكس تطلعات وتوقعات ممثلي جميع الأطراف المعنية (المواطنون، الفاعلون الاقتصاديون، البرلمانيون، الجمعيات، الجامعات …)، مشيرا إلى أن مناظرات الجبايات شكلت الأرضية الأولى لتحديد نظام ضريبي أكثر إنصافا وأحسن أداء وتنافسية، وأفضل إدماجا للمبادئ الكونية للحكامة الرشيدة، كما حددت المبادئ الضريبية الأولى للعقلانية الاقتصادية والتماسك والشمول.
الإمكانات الضريبية في خدمة التضامن الاجتماعي
يقول إدريسي قيطوني إن النموذج التنموي الجديد سلط الضوء على الحاجة إلى تعبئة الإمكانات الضريبية الكاملة، وجعل الضرائب في خدمة التضامن الاجتماعي، وتمتين عدالة النظام الضريبي، وتعبئة الضرائب لخدمة التنافسية والابتكار والبحث، وإصلاح الجبايات المحلية، مذكرا بأن القانون الإطار لإصلاح النظام الضريبي حدد أولويات خلال تنفيذ السياسة الضريبية، ويتعلق الأمر بتحفيز الاستثمار المنتج، والحد من التفاوتات الاجتماعية، وتعزيز فعالية وكفاءة الإدارة الضريبية، وتوطيد الثقة بين إدارة الضرائب ودافعي الضرائب.
على صعيد آخر، توقف المدير العام للضرائب عند المساهمات الجديدة لقانون المالية 2023، لاسيما الإجراء الرئيسي المتعلق بإحداث المساهمة المهنية الموحدة، والتي تهدف إلى تمكين المهنيين الخاضعين لنظام المساهمة الجزافية بدفع ضريبة واحدة من الآن فصاعدا، والتي ستعوض الضريبة الجزافية على الدخل والضريبة المهنية وضريبة الخدمات الجماعية، وتضمن لهم التغطية الصحية، معرجا على إصلاح الضريبة على الشركات الذي يقوم على تقريب معدلات الضريبة والخفض التدريجي لمعدلات الاقتطاع من المنبع على عائدات الأسهم وعلى الحصص الاجتماعية والعائدات المماثلة، وكذا أساس المساهمة الدنيا.
وشدد على أنه للمرة الأولى سيتم تنفيذ هذه التغييرات وفقا لمنهجية تدريجية على مدى 4 سنوات لتمكين الفاعلين من أقصى قدر من الرؤية والأمن، مشيرا إلى أن القانون المالي رسخ الالتزامات في مجال تقليل العبء الضريبي على رواتب الدخل والمعاشات التقاعدية.
المغرب.. معدلات أكثر جاذبية
أشار المدير العام للضرائب إلى الإجراءات الضريبية الرئيسية الواردة في قانون المالية 2023، خاصة في ما يتعلق بالضريبة على الدخل (IR) والضريبة على الشركات (IS)، والتي سيتم تنسيقها لجميع فئات الشركات بحلول عام 2026. وقال قيطوني «اليوم، نحن فخورون بأن نعلن أن لدينا أحد أكثر معدلات الضريبة على الشركات جاذبية (20 في المئة) حول البحر الأبيض المتوسط. سيسمح هذا المعدل الجديد لبلدنا بجذب عدد كبير من المستثمرين في السنوات المقبلة».
وإضافة إلى ذلك، فإن قانون المالية الجديد قد نص أيضًا على اتخاذ تدابير لصالح إصلاح نظام الضريبة على الدخل، خاصة طبقة الأجراء التي تمثل ما يقرب من 75 في المئة من عائدات هذه الضريبة. في معرض تناوله للتدابير التي اتخذها قانون مالية 2023 في ما يتعلق بوضع المقاول الذاتي، أوضح أن وضع المقاول الذاتي كان موضوع ممارسات لا تتوافق مع الروح الأولية التي حفزت على إنشائه.
«خلال فترة كوفيد-19، لاحظنا أن عددًا كبيرًا من الشركات شجعت أجرائها على المرور إلى وضع مقاول ذاتي، مما يشكل تحايلًا على نظام الأجور ورسومه، سيما مساهمات الضريبة على الدخل بـ38 في المئة المدعومة من الشركة»، يحدد مدير الضرائب، بينما يصر على أن إدارته لم تشكك في أصل هذا النظام، لكنها حاولت فقط التخفيف من هذه الممارسات «غير القانونية».
إصلاحات لم تباشر بعد
بالنسبة لشكيب العلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، هناك بعض الإصلاحات التي لم تباشر بعد. يتعلق الأمر بإصلاح الضريبة على القيمة المضافة والضرائب المحلية، وكذا القطاع غير المهيكل باعتباره ورشا رئيسيا ومحددا للنظام الاقتصادي والمالي، مبرزا أن المقاولات تتطلع إلى هذه الإصلاحات بالنظر إلى أثرها الإيجابي المنتظر في مجال تخفيف العبء الضريبي وملاءمة الضرائب، وكذا من حيث الحيادية.
في المقابل، رحب لعلج بالإجراءات الهادفة إلى الإبقاء على جاذبية المغرب للاستثمارات الأجنبية المباشرة واسعة النطاق، سيما مع تسقيف المعدل في حدود 20 في المئة حتى بالنسبة للمقاولات التي تحقق أزيد من 100 مليون درهم من الأرباح، المشتغلة في مناطق التسريع الصناعي أو بصفة القطب المالي للدار البيضاء. وأضاف أن قانون المالية لسنة 2023 يحمل، أيضا، بعض الحوافز الضريبية المتعلقة بالضريبة على الدخل، على غرار مواصلة الإعفاء من الضريبة على الدخل لمدة 36 شهرا لفائدة المستخدمين الجدد أو مراجعة نسبة الخصم الجزافي للمصاريف المرتبطة بالوظيفة أو العمل. أما في ما يتعلق بتمديد استحقاق الخفض بنسبة 70 في المئة على مكاسب التصرف في الأصول إلى غاية سنة 2025، باستثناء أصول الأراضي والمباني، اعتبر لعلج أن هذا الإجراء سيشجع على إعادة الاستثمار الخاص، وبالتالي خلق فرص الشغل.
من جانبه، شدد إدريسي قيطوني على أهمية توطيد الروابط بين الإدارة الضريبية وشركائها الاستراتيجيين في القطاع الخاص، مذكرا بأن هذا الاجتماع المنعقد مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب يندرج في إطار سلسلة اللقاءات التي تعقدها المديرية العامة للضرائب في مختلف مدن المملكة. وتابع أن دور المديرية العامة للضرائب يتمثل في الانصات لمحيطها من أجل إرساء مناخ آمن، فضلا عن العمل بشكل مشترك مع مختلف الجهات الفاعلة في القطاع الخاص بغية تحسين الامتثال الطوعي.
وأوضح أن هذا الواقع سيسمح في نهاية المطاف بتعبئة الموارد التي تحتاجها البلاد من أجل تمويل تنفيذ أوراشها التنموية الكبرى، من خلال تحسين مناخ الأعمال وتأمين عملية الاستثمار والحرص على الشفافية والإنصاف الضريبي.
لمياء جباري