![](https://www.alakhbar.press.ma/wp-content/uploads/2025/02/page-24.jpg)
إعداد: بوسيف أبوالعدل
حافظت البطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم على «آفتها» بتغيير غالبية الأندية لأطقمها التقنية، إذ لا يكاد موسم كروي يخلو من هذا المسلسل الذي بات مشكلا يؤرق المسؤولين والجماهير والعصبة الاحترافية بفعل المشاكل المالية التي تطفو على السطح مع كل تغيير وما يتضمنه من مطالب المدربين بمستحقاتهم، التي تصل أصداؤها إلى لجنة النزاعات المحلية والتابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم.
«الأخبار» تقرأ فنجان مسببات هذا «الفيروس» الذي تصيب عدواه الكرة المغربية سنويا، إذ تحتفظ فئة قليلة من الأندية بالمدربين الذين انطلقوا معها خلال فترة التحضيرات الصيفية، فيما الأغلبية لا تجد بدا من التغيير الذي يصل إلى أكثر من مدربين في الموسم الرياضي الواحد.
الرجاء.. خسارة نصف مليار مع خمسة مدربين
لم يكن جمهور الرجاء الرياضي يظن أن الموسم الكروي الحالي، الذي كان مناصرو «النسور» يمنون النفس بالتحليق عاليا في مسابقة عصبة الأبطال الإفريقية بعد ثنائية الموسم الماضي، أن يكون مغايرا لتطلعاتهم الصيفية ويصبح موضوع إقالات المدربين والنتائج السلبية الحدث الأبرز للفريق خلال هذا الموسم، عوض المنافسة على الألقاب القارية والمحلية التي خرج منها زملاء محمد ازريدة خاويي الوفاض مبكرا، على المستوى المحلي بالابتعاد عن فرق المقدمة بأكثر من خمس عشرة نقطة وقاريا بالإقصاء من دور مجموعات عصبة الأبطال، وذلك بعدما تعاقد الفريق مع خمسة مدربين.
وضع الرجاء ثقته، بداية الموسم، في المدرب البوسني روسمير سفيكو، بعد تأق الألماني جوزيف زينباور الموسم الماضي، لكن الرجل لم يستطع إقناع الأنصار والمسؤولين بعد نتائجه السلبية، ما جعل الرجاء يسرع في تغيير قائد السفينة بتعيين مساعده عبد الكريم الجيناني مدربا مؤقتا، ورغم نتائج هذا الأخير الإيجابية، فضل مسؤولو الرجاء تغييره بتعيين البرتغالي ريكاردو سابينتو الذي سار في مسار تواضع البوسني نفسه من حيث النتائج السلبية، مضيعا على الفريق العديد من النقاط في الدوري الوطني الاحترافي ومقربا الفريق من الإقصاء من دور مجموعات عصبة الأبطال الإفريقية.
ومع اقتراب الكارثة قرر مسؤولو الرجاء إقالة المدرب البرتغالي ووضع الثقة في ابن الدار حفيظ عبد الصادق، الذي حقق نتائج محترمة، لكن إقصاء «النسور» من المسابقة القارية عجل برحيله هو الآخر قبل أن يتعاقد الرجاء مع التونسي لسعد جردة الشابي الذي سبق أن حقق نتائج جيدة مع «النسور» قبل ثلاث سنوات، محاولا استرجاع أمجاده مع هذا المدرب التونسي الذي بات خامس مدرب يشرف على الرجاء في أقل من ستة أشهر.
تغيير المدربين جعل الرجاء يخسر أكثر من خمسمائة مليون سنتيم في هذه الصفقات، ناهيك عن صفقة المدرب الشابي الممتدة لسنة ونصف، بعشرين مليونا شهريا وفي حال الانفصال قد تصل مشاكل الرجاء المالية إلى سبعمائة مليون سنتيم في أقل الأضرار.
الجيش.. تغييرات رغم التألق في العصبة
رغم أن إدارة الجيش الملكي تعتبر من أبرز القيادات الكروية في الدوري الوطني، إلا أنها هي الأخرى فشلت في اختيار مدرب قادر على قيادة الفريق العسكري إلى شط الأمان، مع أن النتائج التي حققها «العساكر» خلال الموسم الحالي ليست سلبية بالشكل الكبير مقارنة بالرجاء الرياضي بطل الموسم الماضي، بعد أن استطاع زملاء ربيع حريمات التأهل إلى ربع نهائي مسابقة عصبة الأبطال، ويحتل الفريق الرتبة الثالثة في الدوري الوطني، إلا أن مسؤوليه لم يرحموا لا المدرب الأول البولندي تشيسلاف ميشنيفيتش، الذي لم يدم مقامه داخل القلعة العسكرية سوى أربعة أشهر، وبعده الفرنسي هوبير فيلود، الذي قاد العساكر لثلاثة أشهر في انتظار التعاقد مع مدرب ثالث يكمل مشروع الجيش الباحث عن التتويج القاري وسط دوامة مشاكل وصراعات تعيين المدربين.
ويسعى مسؤولو الجيش الملكي إلى أن تكون الثالثة ثابتة بتعيين مدرب في مستوى تطلعات ما تبقى من الموسم الرياضي للفريق، إذ بات الخطأ ممنوعا والفريق يدخل المواجهات المباشرة في عصبة الأبطال الإفريقية وأي خطأ في الاختيار سيكلف الفريق الإقصاء من «الشامبينسليغ»، خاصة أن ما تبقى من الفرق في هذه المسابقة لا تعرف رحمة ولا شفقة، ما قد يهدد موسم الجيش الغائب عن التتويجات القارية لسنوات.
الوداد وبركان.. هل ينجح المشروع؟
رغم اختلاف الأهداف والطموحات، إلا أن الوداد الرياضي والنهضة البركانية يظلان أبرز الأندية القوية التي تدعم مشاريع مدربيهما، سواء بالنسبة لرولي موكوينا، مدرب النادي الأحمر، أو معين الشعباني، المشرف التقني الأول في النهضة البركانية، الذي يسيطر على المسابقتين التي يشارك فيها الفريق البرتقالي لحدود الآن، إذ يتزعم الدوري الوطني بفارق مريح من النقاط قبل دخول البطولة ثلثها الأخير ويعتبر أبرز المرشحين للفوز بكأس «الكونفدرالية» الإفريقية، وهو الذي تصدر مجموعته بعيدا عن كل مطارديه.
في الجانب الآخر، ورغم صعوبة البدايات وسوء نتائجها، إلا أن مسؤولي الوداد حافظوا على هدوئهم ودعموا المدرب الجنوب إفريقي رولي موكوينا، محافظين على ما حرر في العقد معه الممتد لثلاثة موسم رياضية، وذلك عبر المشروع الرياضي الذي يهدف لتحضير فريق تنافسي لتمثيل جيد، الصيف المقبل، في مسابقة كأس العالم للأندية وبعدها عودة الفريق إلى مكانته في عصبة الأبطال عبر المنافسة على لقب الدوري الوطني أو نيل الرتبة الثانية المؤهلة للمسابقة الأغلى قاريا.
وفي ظل ضغوطات مناصري الوداد، في أكثر من مناسبة، بتغيير المدرب، إلا أن هشام آيت منا، رئيس الفريق الأحمر، حافظ على هدوئه ولم يصغ لغضبة الأنصار مدعما مدربه الذي ظل يؤكد أنه يلزمه الوقت لمنح الوداديين فريقا في مستوى تطلعاتهم واعدا إياهم بتحسين الوضع بعد مرحلة الإياب، خاصة أنه من قاد سوق الانتقالات الشتوية وهو من أشر على اللاعبين الذين تم جلبهم في «الميركاتو» الشتوي عكس سابقه الصيفي الذي وجد فيه أمامه أكثر من عشرين لاعبا جديدا نصفهم رحلوا عن القلعة الحمراء خلال سوق الانتقالات الأخيرة.
«الماص».. تتعدد الأسباب والإقالة واحدة
«فيروس» تغيير المدربين لم يكن متعلقا بالفرق المنافسة على الألقاب خلال هذا الموسم الذي وصل جولته العشرين، بل ضربت عدواه غالبية أندية الدوري الوطني الاحترافي، فالمغرب الفاسي، الذي انطلق مع الإيطالي غولييرمو أرينا، وضع ثقته في لاعبه السابق أكرم الروماني، فيما الدفاع عاد مجددا إلى المدرسة البرتغالية بعد بداية موسمه الحالي مع جورج بيتشاو، وذلك إثر انفصاله الأخير عن زكرياء عبوب، وهو يوقع مع روي ألميدا مدربا جديدا للفريق، فيما سار النادي المكناسي هو الآخر على منوال التغييرات حين عين عبد اللطيف جريندو خلفا للتونسي يحيى بنسلطان، الذي قاد الفريق في غالبية مباريات مرحلة ذهاب الدوري الاحترافي، وهي الخطة نفسها التي اعتمدها المغرب التطواني بإقالة عزيز العامري وتعيين محمد بنشريفة.
الصبر مفتاح الفرج
مع كم التغييرات والإقالات والاستقالات في الدوري الاحترافي لكرة القدم، إلا أن هذه الظاهرة ليست معممة على كل الأندية الوطنية، فهناك عقلاء في صفوف مسيري بعض الأندية الذين يمنحون المدربين وقتا طويلا لفرض أسلوب لعبهم رغم ضغط نتائج المباريات.
ويتصدر الفتح الرياضي قائمة هذه الأندية بعد أن حافظ على مدربه سعيد شيبا، شأنه شأن زميله في المدينة اتحاد اتواركة الذي يواصل مشروعه الرياضي رفقة مدربه عبد الواحد زمرات، فيما ظل شباب الرياضي السالمي وفيا لمكتشف مواهبه وصانع ملحمته رضوان الحيمر.. كل هؤلاء المدربين يحافظون على مكانتهم ضمن الطواقم التقنية لأنديتهم لأن القاسم المشترك بينهم، الذي يعتبر أساسيا في بقائهم في كراسيهم، هو غياب الضغط الجماهيري الذي يكون في العادة أبرز مسببات رحيل أي مدرب بالدوري الوطني.
أما اتحاد طنجة فلم يجد أفضل من منقذه الموسم الماضي، هلال الطاير، لحمل مشروع الموسم الحالي، كيف لا وهو الذي نجح، بأبسط الإمكانيات وفي أصعب الظروف، في تكوين فريق تنافسي في انتظار مرحلة الإياب التي يساعده خلالها مسؤولو الفريق بانتدابات قد تشكل الفارق للنادي للتقدم سريعا في سبورة ترتيب الدوري الوطني.
ضغط الجمهور وسوء النتائج وغياب المشروع
تبقى النتائج السلبية أهم وأبرز الأسباب التي تدفع المسؤولين إلى تغيير المدربين قبل نهاية عقودهم، خاصة أن سوء النتائج تصادفه مباشرة ضغوطات الأنصار، خاصة بالأندية سالفة الذكر التي تجر وراءها جمهورا عريضا ينتظر أن يكون له فريق تنافسي في بطولة القسم الأول وليس الاكتفاء بلاعبين ينشطون بالدوري ويصبحون مهددين في كل مرحلة من الموسم بالاقتراب أكثر من المراكز المؤدية إلى القسم الوطني الثاني. فيما الحديث عن المشاريع الرياضية لأندية الدوري الاحترافي، فيظل رهينا بقوة المسيرين الذين يجدون أنفسهم ينبطحون بسرعة أمام ضغوطات الأنصار، رغم أن العديد منهم يؤكدون، في أكثر من خرجة إعلامية، أن هذه الموضة عالمية ولا تقتصر على الدوري الوطني.
أما الخسائر المالية فلا تحصى مع كل استقالة أو إقالة مدرب من منصبه، وهو الأمر الذي يكبد الأندية خسائر بالملايين إن لم نقل بالملايير إن تم ضمها إلى الملفات التي يضعها اللاعبون الذين يلجؤون إلى لجنة النزاعات بالعصبة الاحترافية أو الاتحاد الدولي لكرة القدم.