شوف تشوف

الافتتاحية

تعرية صحية

في دراسة مسحية حديثة، قدمت المندوبية السامية للتخطيط صورة صادمة وكارثية عن الخصاص المهول في التغطية الصحية للمغاربة، إذ إن أزيد من 18 مليونا من دافعي الضرائب لا يتوفرون على أي شكل من أشكال التغطية الصحية.
وأظهرت الدراسة ذاتها، أن 16.2 مليونا يتمتعون بالتغطية الصحية، وهو ما يعادل نسبة 46.6 في المائة من الساكنة. وزادت الدراسة لتؤكد أن الفوارق تتسع كثيرا بين ساكنة الوسط القروي وساكنة الوسط الحضري، وأن نسبة 53.4 في المائة محرومون من التغطية الصحية.
بدون شك، أن هذا التقرير الأسود كفيل لوحده بإدانة كل الأحزاب والنقابات وكل الحكومات والبرلمانات والسياسات الاجتماعية الكاذبة، وكل المحطات الانتخابية التي تستغلها الأحزاب لإطلاق وعودها الكاذبة. فأن لا يجد نصف المغاربة نظاما يغطي حاجاتهم لشراء الأدوية والخضوع للفحوصات والتحاليل، فهذا يعني أننا أمام غياب الحد الأدنى من الخدمات المفروضة على الدولة الحامية تجاه مواطنيها.
وحتى برامج الحماية الصحية التي تتباهى بها الحكومات، مثل نظام «راميد» الذي كان يعول عليه لحماية 12 مليون مواطن، ونظام التغطية الصحية للمهن الحرة الذي يعد بتغطية 6 ملايين من الحرفيين، دون الحديث عن تعطيل مجلس المستشارين المصادقة على برنامج التغطية الصحية للوالدين، والذي كان يتوخى حماية أكثر من 100 ألف أب وأم، ونظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالطلبة، لفائدة حوالي 300 ألف طالب، ونظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يكفل 17.6 في المائة من المؤمنين، وصندوق منظمات الاحتياط الاجتماعي الذي يتحمل التأمين الصحي لـ8.9 في المائة من المغاربة، كل هاته البرامج والأنظمة لم تعط نتائج ملموسة، ولم تجد نفعا للحد من تفاقم العجز في خدمات الدعم الصحي وتدهور قيمة التغطية الصحية.
اليوم تضرب المندوبية السامية للتخطيط ناقوس الخطر تجاه بقاء أكثر من نصف المغاربة خارج حقهم في التغطية، الذي يكفله الدستور في فصله 31، الذي فرض على الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب الاستفادة من الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية. وعلى الحكومة أن تعي أن مهامها الدستورية والسياسية المستعجلة تفرض عليها اتخاذ كل ما من شأنه أن يضمن الدعم الصحي للمغاربة، فهي ليست مخيرة في أمرها فالوضع الصحي خطير ولا يبعث على الارتياح، بل أصبح من الأسباب الرئيسية التي تدفع المواطنين للخروج للشارع، وتفجر الغضب في العديد من المناطق. والمؤكد أن تخصيص ميزانية للصحة لا تتعدى 6 في المائة من الميزانية العامة، لن يساهم سوى في المزيد من الاحتقان والسير نحو المجهول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى