شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

تعثر التشريع

من أبرز التحديات الحقيقية التي تعرقل تقدم المغرب، في مجالات متعددة، نجد بطء وتعثر التشريعات القانونية وعدم مواكبة التحولات الاقتصادية والمجتمعية المتسارعة، والركون دوما إلى عدم التغيير وطرح تخوفات تكون أحيانا مبالغا فيها وغير مبررة بشكل واضح، فضلا عن التجاذبات التي تقع بين التيارات التقليدية والحداثية، دون أن يكون لذلك أثر إيجابي على مستوى تطوير ناعورة التشريع والرفع من جودة وجدوى النقاش العمومي.

مقالات ذات صلة

في ظل الحصيلة الهزيلة للتشريع بالبرلمان، تُطرح مُشكلة تزكية برلمانيين يعانون الأمية ويجهلون تقدير المنصب الذي يشغلونه، وهي مسؤولية ثابتة تتحملها الأحزاب المعنية التي تلهث خلف الكم في تشكيل الفرق البرلمانية وليس الكيف، حيث استحالة مساهمة من يفشل في قراءة تعقيب أو سؤال برلماني، في تطوير التشريع ومناقشة القضايا المستجدة داخل المجتمع، والحاجة لتطوير الاقتصاد وإصلاح التعليم والصحة ومواجهة لوبيات الفساد التي تتحور وتتأقلم لتستمر في الحياة وتحصد الملايير على حساب المال العام.

إن تأخر التشريعات القانونية المواكبة للتحولات المجتمعية والاقتصادية، لاشك يعرقل التنمية المنشودة، ويجعل القوانين لا تتوافق والواقع المعيش، ويربك تنزيل التوجهات الكبرى والاستراتيجيات الحديثة للدولة، لغياب الأرضية المناسبة والتباين بين القانون والواقع، لأن التشريع مثل الآلة التي تتطلب التحرك باستمرار لإنتاج القوانين المواكبة لتطور المجتمع في جميع المجالات.

هناك العديد من القوانين التي تحتاج التطوير والتحيين، وهناك ما تحتاج مراجعة شاملة لتواكب تطورات العصر، وذلك في ظل الثوابت الدينية والوطنية، والاستثمار الجيد في الاستقرار المؤسساتي وتنزيل بنود دستور المملكة الذي يعتبر من الدساتير الحديثة التي تحمل كل مقومات الدولة القوية بضمانات الحقوق والحريات والتعايش السلمي والانفتاح والوسطية والاعتدال.

الانتخابات التشريعية لسنة 2026 على الأبواب، وهي تسائل جميع المتدخلين في العملية السياسية، من أجل تقديم شخصيات تمكنها المساهمة في تطوير التشريع بالمغرب، ومنح قيمة مضافة داخل البرلمان، ومناقشة القضايا والتحولات المجتمعية والاقتصادية عن دراية كافية بالمحيط وتقلباته، والإلمام بالحاجة لتجديد القوانين كي لا يتجاوزها الزمن وتصبح فصولا على الورق يصعب تنزيلها في غياب الأرضية المناسبة.

يقول المثل إنه من الحمق تكرار الأفعال نفسها وانتظار نتائج مغايرة، والانطلاق في تحسين وتسريع التشريع القانوني يبدأ من مدخل التزكيات والحرص على منحها لمن يستحقها ويُقدر حرمة المؤسسة التشريعية ودورها في حماية حقوق المواطن والصالح العام، عوض تحويل الجلسات البرلمانية إلى ما يشبه خشبة المسرح والمزايدات الفارغة وصراخ ممثلي الأمة وغياب أدب الحوار بينهم وكأنهم داخل سوق أسبوعي للأسف.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى