النعمان اليعلاوي
أصدرت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مذكرة رسمية، موجهة إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديرين الإقليميين، تدعوهم إلى تنفيذ إجراءات صارمة لمواجهة تفشي مرض الحصبة المعروف بــ«بوحمرون»، داخل الوسط المدرسي، وذلك بالتنسيق مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية. مشيرة إلى أن هذه التدابير تأتي في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى حماية صحة التلاميذ وضمان سلامتهم، عبر تكثيف جهود التلقيح للأطفال غير الملقحين، وتعزيز المراقبة الصحية داخل المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى استبعاد الحالات المصابة إلى حين تعافيها التام.
وأكدت الوزارة في مذكرتها على إمكانية إغلاق المؤسسات التعليمية التي تسجل تفشيا واسعا للمرض، مع ضمان استمرارية التعليم عن بُعد، حفاظا على السير العادي للدراسة. كما دعت الوزارة الأطر التربوية والإدارية إلى التطبيق الصارم والفوري لهذه الإجراءات الوقائية، حرصا على سلامة التلاميذ واستقرار الدراسة، مشددة على ضرورة التنسيق الوثيق مع وزارة الصحة، لضمان استجابة سريعة وفعالة، للحد من انتشار الأمراض المعدية في المدارس.
وكانت وزارة التربية الوطنية قد أصدرت في وقت سابق دورية مشتركة مع وزارة الصحة، تهدف إلى تعزيز الجهود الوقائية داخل المؤسسات التعليمية، من خلال إجراءات استباقية تضمن بيئة تعليمية آمنة وصحية، وتؤكد على أهمية التعاون بين قطاعي التعليم والصحة، لحماية التلاميذ والأطر التعليمية من الأخطار الصحية المحتملة.
في السياق ذاته، كشف الطيب حمضي، باحث في السياسات والنظم الصحية، عن الإجراءات التي يجب اتباعها لمحاربة داء الحصبة، وقال حمضي في تصريح لـ«الأخبار» إنه بعد السفر والتنقلات بين مختلف جهات المغرب خلال العطلة المدرسية، يزداد خطر انتشار وباء الحصبة أو «بوحمرون»، مؤكدا أنه بعد انتهاء العطلة المدرسية واستئناف الدراسة، سيساهم تلاميذ المدارس في نقل المرض إلى أسرهم ومجموعات أخرى من السكان، بسبب الاختلاط الاجتماعي الناتج عن السفر والرحلات والاجتماعات العائلية، خلال العطلة المدرسية.
وأضاف الباحث أنه ما دام مستوى المناعة أقل من 95 في المائة، ضد مرض الحصبة، فإن المرض يستمر في الانتشار في شكل أوبئة، وسيتم تحقيق هذا المعدل من المناعة إما من خلال التطعيم وإنقاذ الأرواح، أو من خلال المرض، مع التضحية بالأرواح المفقودة والإعاقات مدى الحياة والحياة التعليمية والاجتماعية والاقتصادية المعطلة، وقال حمضي إن الإجراءات المتخذة على مستوى المدرسة مهمة وضرورية وجوهرية وحيوية، ولكنها ما زالت غير كافية، بحيث يجب تنفيذ حملات تطعيم استدراكية لجميع التلاميذ والأطفال دون سن 18 عاما، لتحقيق معدل مناعة سكانية ضد مرض الحصبة بنسبة 95 في المائة.
ودعا حمضي إلى إجراء دراسات وتحقيقات لمعرفة سبب التراخي في تقديم التطعيم من جانب المراكز والمصالح المعنية والعاملين في المجال الصحي، ونقص الموارد البشرية، والإضرابات المتكررة والتوقف عن العمل، وانعدام التحفيزات لدى المهنيين، كلها عوامل مسؤولة. التحقيق لفهم ما حدث، وتصحيح الوضع، ومنع تكرار الوضع نفسه مرة أخرى، مؤكدا أنه يجب معرفة سبب تراخي المراقبة الوبائية لأمراض الطفولة، وهو الوضع الذي سمح بظهور حالات الحصبة على نطاق واسع دون اكتشاف عودتها في الوقت المناسب، وكيف انخفضت معدلات التطعيم إلى هذا الحد دون وجود مراقبة لمعدلات التطعيم على المستويين الجهوي والوطني، والتي من شأنها تقديم التحذيرات الضرورية في الوقت المناسب للتعويض، قبل تفشي الأوبئة.