شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقارير

تردد غير مفهوم

أعاد الجواب البرلماني لعبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، موضوع السجل الاجتماعي إلى واجهة النقاش العمومي، بعدما اعتقد الكثيرون أنه أصبح من السياسات العمومية مجهولة المصير وما أكثرها. ما يفهم بشكل واضح من جواب لفتيت أن دخول السجل الاجتماعي حيز النفاذ قرار لا تراجع عنه وأنه سيكون ابتداء من السنة المقبلة وأن النموذج التجريبي بجهة الرباط القنيطرة يسير بطريقة جيدة خلافا للانطباعات السائدة.

والحقيقة أن هذا الملف شهد ترددا عموميا غير مفهوم وهدرا للزمن في تنزيل هذا الورش الملكي الاستراتيجي بالنسبة للاستقرار الاجتماعي، فمنذ خطاب الملك في 29 يوليوز 2018 الذي حث فيه حكومة سعد الدين العثماني على إعطاء دفعة قوية ودينامية متجددة لنظام الدعم الاجتماعي الذي بدأ يتآكل بل ينتج نتائج عكسية، ظل هذا الورش الملكي يسير ببطء وتثاقل، حيث مرت أربع سنوات من التردد والتوجس من اقتراب الحكومات من هذا الملف الحارق، الذي يعني عمليا إلغاء صندوق المقاصة وتحرير باقي المواد التي لا زال يدعمها. ولو طبق هذا القانون منذ اعتماده في البرلمان لكنا أمام نتائج اجتماعية أقل ضررا مما نعيشه اليوم جراء جائحة كوفيد 19 وتداعيات الصراعات الجيوستراتيجية والتقلبات المناخية.

ما ينبغي أن يفهمه الشعبويون أن السجل الاجتماعي ليس تهربا للدولة من مسؤوليتها الاجتماعية، بل بالعكس تماما السجل والوكالة الوطنية وتحديد الفئات المستهدفة هو الحل الوحيد والأوحد للتخفيف من حدة الأزمات الاجتماعية المتتالية والصدمات الاقتصادية والمالية المستوردة، وهو الضمانة لدفع مال دافعي الضرائب لمن يستحق، فليس من المنطقي أن تستفيد شركات كبرى وذات أرباح رهيبة من ملايير دراهم الدعم المخصص للسكر وغاز البوطان والدقيق بينما المواطن البسيط يستفيد من دراهم معدودات بمناسبة شرائه لقنينة غاز وعلبة من السكر وكيس من الدقيق شهريا.

لذلك فلا يعقل أن تترك ملايين الأسر الهشة عرضة لقانون السوق وشبح البطالة والإقصاء الاجتماعي، دون تحرك جاد وعميق، والسياق السياسي والاجتماعي الذي نعيشه يفرض على الدولة أن تتحمل في أقرب الأوقات جزءا من مسؤوليتها الاجتماعية في ضمان الحماية لمن لا دخل له، هذا هو المعنى الحقيقي للدولة الاجتماعية التي يتغنى بها الفاعلون السياسيون في انتظار أن يتحول إلى برنامج عملي. ويبقى الرهان الأكبر ليس هو تحرير مواد الدعم بل اتخاذ الإجراءات الاستباقية والمصاحبة لكي لا يتحول ورش استراتيجي للدولة إلى قرار لتفقير الطبقة المتوسطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى