محمد اليوبي
وجه كل من وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ووزير الفلاحة والصيد البحري، محمد صديقي، ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، دورية مشتركة إلى المسؤولين الجهويين للقطاعات الوزارية الثلاثة، من أجل تحصين السيادة العقارية على الأراضي الفلاحية، بضرورة اشتراط الحصول على شهادة «عدم الصبغة الفلاحية»، بالنسبة للأجانب الراغبين في اقتناء عقارات خارج المناطق الحضرية.
وأوضحت الدورية الموجهة إلى ولاة الجهات، ومديري المراكز الجهوية للاستثمار، ومديري الوكالات الحضرية، والمفتشين الجهويين للتعمير والهندسة المعمارية وإعداد التراب الوطني، والمديرين الجهويين للفلاحة، أنه رغبة من المشرع المغربي في تحقيق متطلبات السيادة العقارية على الأراضي الفلاحية، فقد قيد تملك الأجانب للعقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة خارج الدوائر الحضرية بمجموعة من الشروط والقيود الإجرائية، والتي ضمنها في مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية، تتمثل أساسا في الظهير الشريف بشأن مراقبة العمليات العقارية الواجب إنجازها من طرف بعض الأشخاص والمتعلقة بالأملاك الفلاحية القروية، والذي اشترط ضرورة التوفر على رخصة إدارية كمستند رئيسي من أجل توثيق عملیات کراء أو اقتناء العقارات الفلاحية المعدة للفلاحة الواقعة خارج الدوائر الحضرية إذا كان أحد طرفي العقد أجنبيا.
ولأجل الغاية نفسها، وترسيخا للسيادة العقارية، تم إصدار ظهير شريف يتعلق بتحديد الشروط التي تسترجع الدولة بموجبها أراضي الاستعمار، والظهير الشريف بمثابة قانون الصادر بتاريخ 2 مارس 1973 ، الذي تنقل بموجبه إلى الدولة ملكية العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة التي يملكها أشخاص ذاتيون أجانب أو أشخاص معنويون، كما يعتبر الظهير الشريف بمثابة قانون الصادر بتاريخ 23 أبريل 1975 المتعلق باقتناء العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة خارج الدوائر الحضرية، النص القانوني الرئيسي الذي يحصر صراحة اقتناء العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة الكائنة كلا أو بعضا خارج الدوائر الحضرية على الأشخاص الذاتيين أو المعنويين المغاربة مستثنيا بذلك الأجانب والشركات ذات الأسهم.
وأشارت الدورية إلى أنه بحكم الحركية التي عرفها مجال الاستثمار بالمغرب وما استتبعها من وجوب مواءمة المنظومة القانونية وأهداف الجذب والحفز الاستثماري، صدر مرسوم بتاريخ 29 دجنبر 2004، يتعلق باللجنة الجهوية المكلفة ببعض العمليات العقارية، والذي نص على إمكانية اقتناء الأشخاص الذاتيين الأجانب أو الشركات بالأسهم أو شركات يكون مجموع رأسمالها أو جزء منه بيد أشخاص أجانب للعقارات المذكورة، وذلك قصد إنجاز مشاريع استثمارية غير فلاحية شريطة الحصول على شهادة عدم الصبغة الفلاحية، وهو الاختصاص الذي أضحى منوطا باللجن الجهوية الموحدة للاستثمار المحدثة بموجب القانون رقم 47.18 الصادر بتاريخ 13 فبراير 2019.
وأكدت الدورية أنه في إطار الدينامية المتسارعة التي يعرفها قطاع الاستثمار، صدر بتاريخ 22 يوليوز 2021، القانون رقم 62.19 يتعلق بسن مقتضيات خاصة تتعلق بإمكانية اقتناء شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم عقارات فلاحية أو قابلة للفلاحة خارج الدوائر الحضرية، وقد تضمنت المقتضيات الواردة به تعديلات مهمة تمت بموجبها إضافة شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم الخاضعين للتشريع المغربي إلى قائمة الأشخاص الاعتباريين الذين يجوز لهم اقتناء عقارات فلاحية أو قابلة للفلاحة الواقعة خارج الدوائر الحضرية، من أجل إنجاز استثمارات فلاحية، مع حصول الشركة المعنية على الموافقة المسبقة بالاقتناء، من اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار.
وحسب الدورية، فقد أفضى تعدد المنظومة التشريعية والتنظيمية والإجرائية المرتبطة بموضوع السيادة العقارية، إلى اختلاف في التفسير بين عدم حجية ومنطقية مطالبة الأشخاص الأجانب بالإدلاء بشهادة عدم الصبغة الفلاحية بالنسبة للعقارات الموجودة بمناطق مشمولة بوثيقة تعمير تنزع عنها الصبغة الفلاحية، أو بتجزئات عقارية مفرزة الرسوم أو مشاريع مندمجة مرخصة، ووجوب مطالبة الأجانب، عند طلب اقتناء العقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة الواقعة كلا أو جزءا خارج المدار الحضري، بالحصول في جميع الحالات، على شهادة عدم الصبغة الفلاحية، وذلك في تقيد صارم بالمقتضيات القانونية الجاري بها العمل.
ولهذا، تضمنت الدورية توضيحات حول الإجراءات الواجب اتخاذها في هذا الإطار، وأكدت أنه استحضارا لوجوب إقرار التوازن بين توفير حد معقول من السيادة العقارية وكذا حفز وتشجيع الاستثمار، يجب الاستمرار في اشتراط حصول الأجانب على شهادة عدم الصبغة الفلاحية مع تسلمها التلقائي عند طلب اقتناء الأجانب للعقارات الواقعة خارج المجال الحضري، والناتجة عن تجزئات سكنية مرخصة ومسلمة ومفرزة الرسوم العقارية أو عند طلب اقتناء بنايات مندرجة في إطار مجموعات سكنية مرخصة ومسلمة ومفرزة الرسوم العقارية.
وبالنسبة للعقارات الواقعة خارج المدار الحضري وغير المندرجة في الحالات المذكورة سابقا، دعت الدورية إلى التقيد الصارم بالشروط الواجبة لأجل منح شهادة عدم الصبغة الفلاحية، وتتجلى في ضرورة اقتران تسليم الشهادة المذكورة بوجوب إقامة مشروع استثماري غير فلاحي، وعدم تسليم الشهادة بالمناطق ذات المؤهلات الفلاحية العالية، والتأكد من أن العقار لا يوجد داخل المناطق المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الخاصة، ولا سيما قطاعات الضم ودوائر الري، وبأن العقار لم يتم تسليمه في إطار الإصلاح الزراعي، والحرص على إقرار التناسب بين المساحة اللازمة لإنجاز المشروع الاستثماري والمساحة الإجمالية للعقار موضوع الاستفادة من الشهادة المذكورة، بالإضافة إلى تقييم الأهمية الاقتصادية والاجتماعية للمشروع المراد إنجازه، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار للخصوصية المجالية للمنطقة، والحرص على إنجاز المستثمر لمشروعه في الأجل المحدد، وذلك تحت طائلة اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.