شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

تجار الدعم

إننا لا نعيش أزمة غياب دعم الدولة لتجاوز الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، وإنما نواجه معضلة تجار الدعم العمومي، الذين يترصدون ميزانيات بملايير الدرهم يتم رصدها للتخفيف من معاناة الفئات الاجتماعية الفقيرة والهشة، ويتقنون فن الركوب على الأزمات الاقتصادية المعقدة، للرفع من أرباحهم ومضاعفة المداخيل، كما يبرعون في قرصنة الدعم العمومي الموجه للسكن وتعميم التغطية الصحية ومعالجة مشاكل مستعصية مثل برامج محو الأمية والسكن غير اللائق وبرامج القضاء على دور الصفيح.

الكل يتابع رصد الدولة الملايير من المال العام، للحفاظ على قفة المواطن والقدرة الشرائية وتوازنها مع الحد الأدنى للأجور، وخفض أثمان اللحوم والأضاحي والمواد الغذائية الأساسية، لكن على أرض الواقع يتبخر كل شيء تقريبا، وتستمر نار الأسعار تلهب جيب المواطن البسيط، وسط تأكيد اللجان الإقليمية على تكثيف المراقبة والمحجوزات والتحذيرات وهو أمر مطلوب، لكن هناك اختلالات أخرى يجب معالجتها من المنبع.

يجب على المصالح الحكومية المعنية، تنزيل إجراءات الصرامة في تتبع الدعم العمومي في مجالات تهدف إلى تخفيض الأسعار واستفادة الفئات الاجتماعية المستهدفة، ومراقبة نجاعة القرارات الاستثنائية في الاستيراد لسد الخصاص وتوازن العرض والطلب بالسوق، لأن الأرقام والشعارات يجب أن يلمسها المستهلك بالأسواق وليس في التصريحات والإحصائيات.

هناك من استفاد من برامج محو الأمية وبقيت أرقامها مرتفعة بشهادة مجلس الحسابات، ومن استفاد من الدعم لتخفيض أسعار الأضاحي واستمر الغلاء واختفت مؤشرات الدعم، ومن فاز بتخفيض رسوم الاستيراد لاستقرار أسعار مواد غذائية أساسية واستمر عجز الأسر عن اقتنائها، ومن نال تراخيص استيراد اللحوم لتخفيض أسعارها وبقيت محلقة في السماء، ومن حصل على دعم القضاء على مدن الصفيح وتوفير السكن اللائق واستمرت العشوائية، لذلك على كل هؤلاء دفع الحساب بشكل دقيق والنظر في مدى تحقيق الأهداف المطلوبة في مجالات دعم متعددة.

على الحكومة القيام بمراجعة شاملة، في ملف الدعم العمومي والتسهيلات والقرارات الاستثنائية لضمان الحفاظ على القدرة الشرائية وحماية قفة المواطن، وذلك من خلال تقديم كل جهة مسؤولة لتقارير رسمية تتضمن مدى تحقيق الأهداف المطلوبة وأثرها على الواقع المعاش، لأن التباين بين التصريحات والواقع والاستغراق في المزايدات الفارغة، من أبرز أسباب زعزعة الثقة بين المواطن ومؤسساته، والمس بالسلم الاجتماعي واستقرار الأسر.

يعتقد البعض أن لوبي الفساد بمجرد ما يتم الهجوم عليه إعلاميا، وتكثيف تقارير التفتيش واللجان الخاصة بالمراقبة سيختفي وينتهي أمره، والحال أن الفساد من الفيروسات المتحورة التي تتكيف مع التلقيح ضدها بالتشريعات القانونية، وتقوم بتطوير نفسها للعيش في أشد البيئات نظافة وديمقراطية، فبالأحرى وسط مؤسسات منتخبة تغرق في المتابعات القضائية، وملفات جرائم الأموال، ومسؤولين راكموا ثروات ضخمة من مناصب أجورها محدودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى