محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادرها، أن الوكيل العام للملك، لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، توصل بنتائج الأبحاث والتحريات التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في قضية الخروقات والتلاعبات التي شابت مشاريع تهيئة الشوارع والطرقات بمدينة الدار البيضاء في عهد العمدة الأسبق، محمد ساجد.
وأفادت المصادر بأنه تم تحريك هذا الملف بناء على الاختلالات التي رصدها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وذلك على إثر الافتحاص الذي قام به قضاة المجلس لبرنامج التأهيل الحضري لمدينة الدار البيضاء الذي تم إنجازه ما بين سنتي 2007 و2010، وحدد له غلاف مالي بمبلغ 3,25 مليارات درهم منها 1,93 مليار درهم رصدت لمشاريع تأهيل الطرقات، أي بما نسبته 60 % من الغلاف الإجمالي للبرنامج، وذلك لتمويل 37 مشروعا.
وسجل قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن هذه المشاريع شابتها العديد من الاختلالات ألحقت أضرارا مالية بجماعة الدار البيضاء. وأكد تقرير المجلس أن النقائص المسجلة في تحديد تكلفة المشاريع وكذا التأخيرات المتكررة في مباشرتها وتنفيذها، علاوة على التغييرات الجذرية التي طرأت عليها، ترتب عنها ارتفاع ملحوظ في الأغلفة المالية الأصلية المرصودة لها.
وتنطبق هذه الملاحظة، مثلا، على مشروع تهيئة الطريق RN11 الذي عرف ارتفاعا ملحوظا في تكلفته التي بلغت 598 مليون درهم عوض 140 مليون درهم المبرمجة مسبقا، وكذا مشروع توسعة المدار الحضري الذي ارتفعت تكلفته من 150 مليون درهم إلى 472 مليون درهم، ومشروع الممر التحت أرضي على مستوى شارع «إميل زولا» وشارع «المقاومة» الذي بُرمج بتكلفة أصلية قدرها 40 مليون درهم فارتفعت إلى 200 مليون درهم ثم مشروع المنشأة الفنية بشارع عبد الرحيم بوعبيد الذي استقرت كلفته في 100 مليون درهم عوض 40 مليون درهم.
ورصد تقرير المجلس أنه في عدة مشاريع يتم تجزيء الأشغال التي تتعلق بنفس المقطع الطرقي على عدة صفقات، والتي تُنجز خلال عدة سنوات، وتترتب عن هذه الممارسة، حسب التقرير، آثار سلبية تتجلى في تعقيد تتبع تسلسل هذه العمليات وتضخم تكلفة الإنتاج وتمديد آجال الإنجاز ومضاعفة التكاليف البنيوية (مصاريف إبرام وتتبع الصفقات)، وكذا حدوث تداخلات سلبية ما بين الصفقات المنجزة بالمكان نفسه.
وتم، كذلك، تسجيل لجوء الجماعة في أغلب الحالات إلى تنفيذ الصفقات في غياب ملفات التنفيذ، وذلك رغم أهميتها البالغة في تحديد الكيفيات التقنية لإنجاز الأشغال موضوع هذه الصفقات، وتشمل هذه الملفات على الخصوص المقاطع الطولية والعرضية للطرقات المبرمجة والتصاميم المستوية وتصاميم الشبكات التحت أرضية.
ولاحظ قضاة المجلس الأعلى للحسابات وجود فوارق في الأثمنة الأحادية لبعض الأشغال، غير مبررة تقنيا، وأوضح التقرير أن الأثمنة الأحادية لبعض الأشغال من النوع ذاته المنجزة في الصفقة نفسها، تعرف أحيانا فوارق غير مبررة كما هو شأن الثمن الأحادي المخصص للخليط الإسمنتي لطبقة السير المحدد في 389 درهما للطن، وثمن الخليط الإسمنتي المخصص لتسوية مستوى الطريق، الذي بلغ 444 درهما للطن في إطار الصفقة رقم 05/47 المتعلقة بأشغال بناء الطرقات، وأنتج هذا التباين في الأثمنة غير المبرر من الناحية التقنية على اعتبار أن الأمر يتعلق بالأشغال نفسها أو بنشر المادة ذاتها، ضررا بالنسبة للجماعة قدره 1.116.847,35 درهما (310.514,11 درهما بالنسبة للصفقة رقم 05/47 و806.333,24 درهما بالنسبة للصفقة رقم 46 /08).
وأدت الجماعة، كذلك، مصاريف إقامة الأوراش الخاصة ببعض الصفقات الطرقية رغم تنصيص دفاتر شروطها الخاصة على كونها جزءا من الأثمنة الأحادية للأشغال المزمع إنجازها، وكان هذا، على سيبل المثال، حال الصفقتين رقم 04/82 ورقم 08/46، مما ترتب عنه ضرر للجماعة قيمته 2,72 مليون درهم، كما أدت الجماعة مبالغ غير مستحقة نتيجة عدم مراجعة الأثمنة لا تفعل الجماعة آلية مراجعة الأثمنة باستثناء الصفقة رقم 09/58 (حصة رقم 1 و3) التي عرفت إصدار كشف الحساب الرابع لتأدية مبلغ مراجعة الأثمنة لصالح نائل الصفقة بطلب منه، وبناء على عينة من سبع صفقات، تم تقييم الضرر الذي تكبدته الجماعة نتيجة عدم مراجعة الأثمنة في مبلغ 16,97 مليون درهم.
وحسب التقرير، فإن الجماعة لم تعمل على تطبيق غرامات التأخير، حيث تبين من المعلومات المتوفرة بجداول المنجزات ومحاضر الورش وتقارير التجارب أن أشغال إصلاح وتهيئة الطرقات تستمر حتى خلال التوقفات المعلنة من لدن الجماعة، وهكذا يكون مجموع المبالغ المؤداة دون وجه حق للمقاولين بسبب عدم تطبيق غرامات التأخير الخاصة بالصفقات رقم 83 /06، و46 /08، و58/ 09 (الحصتين 1 و3)، ورقم 93/ 10 (الحصة رقم 1)، يقدر بـ4,15 مليون درهم.
ورصد تقرير المجلس الأعلى للحسابات وجود أداء مبالغ مالية دون إنجاز الخدمة، ويتضح من خلال المقارنة بين كمية الأشغال المفصلة في جداول المنجزات والكميات الواردة بالكشوفات والمؤداة في إطار الصفقات رقم 5/121 ورقم 23/06 ورقم 07/24 ورقم 08/46 ورقم 09/58، أن الجماعة أدت ما قيمته 14.412.521,40 درهما دون إنجاز أي خدمة، وسجل أيضا أداء مبالغ تهم توريدات الإسفلت الخشن بالنسبة للطبقة الأساس وتشكيل الطريق والإسفلت الناعم بالنسبة لطبقة التكسية موضوع الصفقة رقم 46/ 08، وذلك قبل إنجاز الخدمة المتعلقة بها، ويصل مبلغ هذه المعاملات إلى 525.945,48 درهما.
وقامت الجماعة بأداء مبالغ لتسديد أشغال إضافية عن طريق تشبيهها بأعمال واردة في جدول الأثمان، وبعد التمحيص في الصفقات رقم 05/47 ورقم 05/45 ورقم 07/01 ورقم 08/46 ورقم 08/141 تم الوقوف على إنجاز أشغال إضافية غير مبرمجة سابقا سددت مبالغها على أساس أنها واردة في جدول الأثمان. وأكد تقرير المجلس أن هذه الممارسات، علاوة على كونها تخل بشروط المنافسة ولا تحترم قواعد الالتزام والأمر بصرف النفقات العمومية، تسببت في أداء مبالغ مالية مقابل أشغال غير منجزة قيمتها 120.588,12 درهما.