محمد اليوبي
في الوقت الذي أصبحت فيه العديد من المدن مهددة بأزمة العطش، بسبب تأخر التساقطات المطرية واستنزاف الفرشة المائية، يعرف مشروع إنجاز محطة تحلية مياه البحر بمدينة الدار البيضاء تأخرا غير مفهوم، رغم رصد الاعتمادات المالية لهذا المشروع في إطار قانون المالية لسنة 2021.
وأكد مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، والناطق الرسمي باسم الحكومة، في الندوة الصحفية التي عقدها عقب الاجتماع الأخير للمجلس الحكومي، تأخر إنجاز مشروع تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، بينما وحدة أكادير جاهزة ودخلت حيز الخدمة، حيث يذهب جزء من مياهها للسقي وهو ما أدى إلى إنقاذ 10 آلاف هكتار من الأراضي الفلاحية، والجزء الآخر مخصص للشرب، وأضاف أن وحدة الداخلة ستلحق بها بعد أيام، وكلاهما مشروعان أُنجزا بمبادرة من وزارة الفلاحة، وبالمقابل استغرب بايتاس للتأخر الحاصل في وحدة تحلية المياه الموجودة في الدار البيضاء، مبرزا أنه كان من المفروض أن تصل حاليا لمرحلة متقدمة من الأشغال لا تقل عن 50 في المئة، دون أن يعطي سببا لذلك، واكتفى بالقول إن الحكومة لا تدري ما الذي يحصل هناك بالضبط.
وكانت الحكومة السابقة أعلنت عن مشروع لبناء محطة لتحلية المياه في الدار البيضاء هي الأكبر في قارة إفريقيا، ورصدت ميزانية لإنجازها ضمن قانون المالية للسنة الماضية. وحسب معطيات المشروع، ستتكلف المحطة بإنتاج 300 مليون متر مكعب سنويا، وأكدت الحكومة أن المشروع سيكون بالشراكة بين القطاعين العام والخاص ويحتاج إلى استثمارات بقيمة 1.97 مليار درهم، سيخصص نحو 220 مليون درهم لتهيئة البنية التحتية للقطاع الزراعي، والباقي سيذهب إلى تهيئة البنية التحتية لإيصال الماء الصالح للشرب.
وأشار المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بالمغرب عبدالرحيم الحافظي، في وقت سابق، إلى أن المشروع سيوفر 150 ألف متر مكعب يوميا موجها للماء الصالح للشراب، وسيستفيد منه ما يناهز 1.6 مليون نسمة، كما سيعمل على تطوير القطاع الزراعي وكل ما يتعلق بإشكالية الري.
وأعلن نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أخيرا، عن إطلاق مشروع تحلية مياه البحر، من خلال بناء أكبر محطة بمدينة الدار البيضاء، مؤكدا أن المغرب سيواجه في المستقبل ضغطا كبيرا على الإمكانيات المائية بسبب التوسع العمراني والتطور الديمغرافي والاقتصادي والتغيرات المناخية.
وقال بركة، تحت قبة البرلمان، إن الحكومة تراهن على تطوير تحلية مياه البحر لتعبئة إمكانيات إضافية من الماء؛ إذ من المقرر أن يتم إطلاق مشروع لتحلية مياه البحر لفائدة مدينة الدار البيضاء لتعبئة 300 مليون متر مكعب بشراكة مع القطاع الخاص، إضافة إلى مشاريع أخرى في اشتوكة آيت باها وآسفي في أفق تعميم التجربة على الصعيد الوطني.
ولتجاوز تعثر بناء المحطة، يستعد المكتب الوطني للماء والكهرباء للإعلان عن طلبات عروض من أجل المساعدة التقنية، وذلك بعد منح العقود المتعلقة بالشق القانوني والمالي للمشروع، وذلك في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفتح استشارات مع الشركات لتقديم العروض وتعيين المقاولات التي ستشرف على المشروع ومتابعة تنفيذ العقود.
وحسب المكتب، سيتم الإعلان عن طلبات العروض لتحديد المقاولات التي ستتكلف بمتابعة تنفيذ المشروع، بمبلغ يفوق 10 ملايين درهم، وذلك مع مراعاة قواعد الاستشارة ومواصفات الشراكة بين القطاعين العام والخاص على أساس الإطار القانوني الذي يحكم الشراكة بين القطاعين العام والخاص (القانون 86-12 المتعلق بعقد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتتجلى هذه المواصفات بتطوير وتشغيل محطة تحلية مياه البحر المستقبلية في المنطقة.
وستبلغ الطاقة الإنتاجية للمحطة حوالي 200 مليون متر مكعب في السنة، قابلة للتوسيع إلى 300 مليون متر مكعب في السنة، وستقوم المحطة بتلبية حاجيات جهة الدار البيضاء سطات. ووفقًا للمكتب الوطني للكهرباء والماء، يعد استخدام تحلية مياه البحر في المنطقة أمرًا ضروريًا من أجل ضمان وتأمين إمدادات مياه الشرب في المنطقة الأطلسية بين الجديدة والدار البيضاء من ناحية، ومن ناحية أخرى للتخفيف من الضغط على الموارد المائية لحوض أم الربيع، حيث يعاني هذا الأخير من اختلال متزايد في التوازن بين العرض والطلب على المياه، ويضمن هذا الحوض ري محيط تادلة والحوز ودكالة، بالإضافة إلى توفير مياه الشرب لمدن خريبكة والجديدة وآسفي وبني ملال ومراكش والدار البيضاء وسطات وبرشيد والمراكز المجاورة.
هذا، وانتهت أشغال بناء أكبر محطة لتحلية مياه البحر في إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، إذ تجمع محطة تحلية مياه البحر لأكادير بين إنتاج الماء الصالح للشرب ومياه السقي، وتشتغل هذه المحطة بسعة تبلغ في مرحلة أولى 275 ألف متر مكعب في اليوم، منها 150 ألف متر مكعب في اليوم موجه للماء الشروب، كما ستمكن أيضا من استفادة ما يناهز مليونا و600 ألف نسمة من الماء الشروب في جهة أكادير الكبير، كما سيعمل على تطوير الاقتصاد الفلاحي وكل ما يتعلق بإشكالية الري. وهو ما سيسمح بسقي 15 ألف هكتار في أول منطقة للتصدير الفلاحي بالمغرب، كما ستحافظ علي 15 مليون يوم عمل بمنطقة اشتوكة أيت باها.