أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الثلاثاء، أن المغرب يقدم كل أوجه الدعم لليبيا حتى تصبح دولة قوية وديمقراطية بمقدورها المساهمة في الدفع بالاندماج المغاربي.
وشدد بوريطة، في مداخلة له خلال الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن الإفريقي، الذي انعقد عبر تقنية التناظر المرئي، حول المصالحة الوطنية في ليبيا، على أن “موقف المملكة المغربية من القضية الليبية يظل ثابتا وواضحا، قوامه تقديم كل أوجه الدعم حتى تصبح ليبيا دولة قوية وديمقراطية بمقدورها المساهمة في الدفع بالاندماج المغاربي، في إطار من الوحدة والعمل لما فيه مصلحة الشعوب المغاربية الخمسة، إذ تعتبر المملكة المغربية ليبيا شريكا أساسيا في بناء الفضاء المغاربي وتحقيق طموحات الشعوب المغاربية في الاندماج والتنمية”.
وأكد الوزير، في هذه المداخلة التي تلاها بالنيابة عنه مدير المشرق والخليج والمنظمات العربية والإسلامية بالوزارة، فؤاد أخريف، أن “المملكة تجدد دعمها للجهود التي يبذلها المجلس الرئاسي الليبي وفخامة الرئيس السيد دوني ساسو نكيسو، رئيس جمهورية الكونغو، رئيس اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي الخاصة بليبيا، وذلك من أجل عقد مؤتمر المصالحة الوطنية الشاملة في ليبيا”.
وسجل المتحدث ذاته أنه “طبقا للتوجيهات السامية للملك محمد السادس كانت المملكة من السباقين لمواكبة الجهود التي يبذلها الفرقاء الليبيون لتجاوز المرحلة الانتقالية الدقيقة التي تمر بها ليبيا الشقيقة، ولتحقيق تطلعاتها في بناء دولة ديمقراطية متضامنة وموحدة في سيادتها وترابها ولحمتها الوطنية”، مبرزا أنه “منذ بداية الأزمة انخرط المغرب بكل عزم ودينامية في الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى التوفيق بين الفرقاء الليبيين وتيسير مساعيهم لإيجاد حل متوافق بشأنه”، وداعيا على الدوام إلى “تبني مقاربة شمولية، أساسها الحوار والتوافق من أجل بناء دولة المؤسسات”.
وشدد الوزير أيضا على أن “المغرب يقف، ملكا وحكومة وشعبا، إلى جانب الشعب الليبي الشقيق، ويؤكد في كل مناسبة على ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية والترابية لدولة ليبيا، ويعتبر أن اعتماد الحوار الوطني، بمشاركة كافة مكونات الشعب الليبي، هو السبيل الوحيد لتجاوز هذه المرحلة”.
ومن أجل هذا المبتغى، يضيف بوريطة، “عملت المملكة المغربية في إطار جهودها المتواصلة لحل الأزمة الليبية على تقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء الليبيين، من خلال فتح الحوار بينهم وتوفير الأجواء لذلك، والمراهنة على أن الحل لا يمكن أن يكون إلا ليبيا وسياسيا، وأن الصعاب لن يتم تجاوزها إلا بالحوار الهادئ وتغليب المصالح الليبية”.
كما لفت الوزير إلى أن “المغرب، وتعزيزا للتجربة السابقة، التي تمخض عنها اتفاق الصخيرات السياسي منذ سنة 2015، واصل جهوده للمساهمة في حل النزاع الليبي اعتمادا على مقاربته المتمثلة في توفير الفضاء المناسب لليبيين من أجل الحوار والتشاور البناء، حيث كان سباقا لجمع ممثلي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في بوزنيقة وطنجة نهاية 2020، بهدف تحقيق التوافق حول ضوابط وآليات ومعايير تولي المناصب السيادية السبعة، الذي يعد أحد الأمور الأساسية لتوحيد المؤسسات”.
وقال المسؤول الحكومي ذاته إن “المغرب واصل جهوده لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، من خلال استقبال الفاعلين السياسيين والمسؤولين الليبيين، وكذا المبعوث الأممي ومبعوثي الدول والمنظمات المكلفين بالملف الليبي”، مبرزا أن “هذا الملف كان، أيضا، محور مشاورات سياسية للمغرب في إطار لقاءات ثنائية وإقليمية ودولية، سعى فيها إلى الدفع نحو حل الملف سياسيا وإبعاد شبح التدخل العسكري أو الحرب الأهلية”، ومضيفا أن “المغرب جدد خلال استقبال عبد الله باتيلي، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بليبيا، دعمه ومساندته للجهود التي تبذلها البعثة الأممية للتوصل مع الأطراف الليبية لتوافق حول إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية”.
كما ذكر الوزير باحتضان الرباط يوم 21 أكتوبر 2022 لقاء بين عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، وخالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، حول تنفيذ مخرجات مسار بوزنيقة وتوحيد السلطة التنفيذية، مشيرا إلى أن “هذا الاجتماع كان محط إشادة من طرف أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذين اعتبروه خطوة مهمة تساهم في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية”، ومشددا على أن “المملكة ترى أن التوصل إلى إطار تشريعي توافقي وشامل للانتخابات في ليبيا، تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، هو المسلك الوحيد نحو سلام دائم، كما أن إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن هو الكفيل بتشكيل حكومة شرعية منتخبة”، وزاد: “نأمل في هذا الشأن أن يكون مؤتمر المصالحة الوطنية الذي يعتزم الاتحاد الإفريقي والمجلس الرئاسي الليبي عقده، في طرابلس، مناسبة لتعزيز التوافق بين الفرقاء الليبيين”.