بلاغات حاطب ليل
![](https://www.alakhbar.press.ma/wp-content/uploads/2022/04/Sans-titre-800x450-1.jpg)
يطل علينا، بين الحين والآخر، حزب العدالة والتنمية بما تجود به عليه قريحته من بلاغات حاطب الليل الذي يجمع كل ما يجد أمامه من الوقائع السياسية في وقت تنعدم فيه الرؤية والتحقق مما يجمع. ورغم ما صادف ولايته لعشر سنوات من فشل ذريع نؤدي ثمنه غاليا إلى اليوم، يحاول الحزب الحاكم طيلة العقد الأخير نزع غبار الصدمة ورفع طي النسيان للظهور بمظهر المدافع عن الشعب ضد اللوبيات. لكن حزب بنكيران ينسى أن المغاربة لا يعانون من مرض فقدان الذاكرة حتى تنطلي عليهم إطلالة المصباح على المشهد السياسي بحلة الذائد عن المواطن وقدرته الشرائية، وهو الحزب الذي فعل كل شيء ليأخذ من جيوب من يستحق ويدفعها لمن لا يستحق.
إن حزب الاسلاميين هو أول من يعرف مصير بلاغاته التي لم يعد لها وقع سياسي إلا في خياله المصاب بمرض نكران الواقع، فكيف يمكن أن يصدق المغاربة أن الحزب الذي رفع جميع الأسعار عندما كان في الحكومة، يعطي الدروس اليوم عن ارتفاع الأسعار ويحذر من تبعاتها؟ وكيف للحزب الذي حرر أسعار المحروقات دون إجراءات موازية تحمي المستهلك ورمى بالمواطنين بين فكي شركات المحروقات، أن ينتقد اليوم جشع أرباب الشركات؟ وكيف للحزب الذي لم يكلف نفسه طيلة عشر سنوات من حكمه أن يوفر للمغرب احتياطيا استراتيجيا من المحروقات أو الأمن المائي أو الطاقي، أن يتحدث اليوم عن السيادة الطاقية؟
من حق بنكيران وحوارييه أن يتوهموا أن المغاربة نسوا كوارثهم وقراراتهم الفاشلة بعد شهور فقط من خروجهم صاغرين من المشهد الانتخابي، ومن حقهم التحول إلى ناصحي زمانهم ويطرحوا ويشرحوا وينتقدوا ويتساءلوا ويحللوا المشهد السياسي ويتهموا الحكومة، في إطار المزايدات السياسية، بعدم القيام بالواجب في حماية المواطن. لكن لا أحد سيصدق كلامهم، فالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، وذاكرة المغاربة ليست مثل ذاكرة السمكة التي تنمحي بسرعة فائقة ما يجعلها تعود ثانية إلى المكان ذاته الذي كانت فيه وأفلتت من الصنارة لتقع فيها بعد ثوان معدودات.
صحيح أن المغاربة يعانون هاته الأيام من صدمات الأسعار نتيجة أزمات الطبيعة والبشر، الجفاف والحروب والأوبئة، وهذا ليس مبررا لأي تقاعس أو قدرية من الحكومة، لكن حزب العدالة والتنمية آخر من يحق له الحديث عن نتائج قراراته التي اتخذها زمن الشعبوية. فكيف لحزب ركب موجة الربيع العربي ترك البلد أمس مكبلا بقوانين تحرير الأسعار وقوانين السوق ثم ينهض ويثور اليوم على ما فعلت سياساته وقراراته؟