
في خضم الديناميكية المتسارعة للإصلاح الضريبي، يحقق المغرب نتائج ملحوظة مع وصول الإيرادات الضريبية إلى مستويات قياسية. وتبدو الآفاق واعدة، مما يشير إلى مستقبل اقتصادي مزدهر، وفقًا لما أكده فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية.
لمياء جباري
يواصل المغرب تحقيق إنجازات كبيرة على الصعيد الضريبي. مع نهاية عام 2024، سجلت البلاد مستوى غير مسبوق من الإيرادات الضريبية. وتشير توقعات فوزي لقجع، إلى آفاق أكثر إشراقًا. الوزير المنتدب المكلف بالميزانية صرح خلال الجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفوية التي عُقدت يوم الثلاثاء الماضي في مجلس المستشارين بأن “نفس الاتجاه سيستمر حتى نهاية يناير 2025″، بل وذهب إلى حد القول إنه إذا استمرت هذه الديناميكية، فقد يشهد هذا العهد بداية مضاعفة الإيرادات الضريبية.
وقال فوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية إن الإصلاح الجبائي مكن من تسجيل تطور مستمر وكبير للمداخيل الجبائية، حيث انتقلت من 199 مليار درهم سنة 2020، إلى 300 مليار درهم سنة 2024. وأضاف أن المنحى نفسه تسير به المداخيل الضريبية إلى نهاية شهر يناير 2025، مما يعني أن المداخيل الضريبية تطورت بحوالي 100 مليار درهم، دون الرفع من الضغط الضريبي، الذي انخفض من 23 إلى أقل من 21.2 بالمائة.
واعتبر لقجع أن هذا يدل على الدينامية الاقتصادية التي يعرفها المغرب، وعلى فعالية الإجراءات المتخذة ومنها الضريبة على الشركات التي انتقلت من 51 إلى 57 مليار درهم بين سنتي 2020 و2024، والضريبة على القيمة المضافة التي انتقلت من 90.5 مليار درهم إلى أكثر من 147 مليار درهم في نفس الفترة.
وسجل أنه مع نهاية الولاية الحكومية ستتضاعف المداخيل الجبائية، لافتا إلى أن حصيلة الضريبة على الدخل ارتفعت هي الأخرى من 42 مليار درهم سنة 2020 إلى أكثر من 64 مليار درهم سنة 2024. وتطرق لقجع أيضا لموضوع التسوية الطوعية، موضحا أنه بغض النظر عن الأرقام وعن مجموعها الذي وصل 125 مليار درهم، فهي تعني أن المالكين لهذه الأموال من المواطنين المغاربة لديهم ثقة تامة في من يدبر شؤونهم الإدارية والجبائيين، وفي المسؤولين والحكومة.
وتابع أن “هذه المبالغ هي أموال الناس ونحن حددنا في قانون المالية أن نأخذ منها 5 في المائة كمبلغ للتسوية، لأنه لو أخضعناها للضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات سنكون أمام أرقام أخرى هي 20 أو 35 في المائة”.
واعتبر أن هذا الإجراء سيعيد الثقة الكاملة للمواطنين في التعامل مع الإدارة والتزاماتها، وهذه الثقة هي التي ستمكن المغرب من أكثر من 10 نقاط من الناتج الداخلي الخام، تضخ في الاقتصاد الوطني، وفي مختلف مسارات الاستثمارات.
125 مليار درهم نتائج التسوية الطوعية
أحد أبرز الإصلاحات التي شملت الضريبة على الدخل تمثلت في الإعفاء الكلي لـ80 في المائة من الدخول، بما في ذلك الأجور التي تقل عن 6000 درهم. واعتبر لقجع أن هذا يمثل تقدمًا كبيرًا تحقق بفضل التعاون الفعّال بين الحكومة والبرلمان، استجابةً لمطلب ملح من المتقاعدين. ومع ذلك، فإن هذا الإصلاح سيكلف الدولة ما يقدر بـ8.6 مليارات درهم، موزعة بين مختلف الفئات، بما في ذلك العمال والمتقاعدين.
وترافق هذه الإجراءات مبادرات تهدف إلى إدماج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، مع التركيز بشكل خاص على مكافحة التهرب الضريبي. وفي هذا السياق، تطرق لقجع أيضًا إلى نتائج عملية التسوية الطوعية، التي أسفرت عن تحصيل 125 مليار درهم.
وأكد قائلاً: “المغاربة هم أصحاب هذه الأموال، ولديهم ثقة كاملة في من يدير شؤونهم”، مشددًا على الأهمية البالغة لاستعادة هذه الثقة في الإدارة الضريبية والحكومية.
Bas du formulaire
تقدم في مجال شفافية النفقات الضريبية
حقق المغرب تقدماً ملحوظاً في مجال شفافية النفقات الضريبية، حيث احتل المرتبة 28 عالمياً من بين 105 دول تم تقييمها، محققاً 55.7 نقطة من أصل 100، وفقاً لأحدث إصدار لمؤشر الشفافية العالمية للنفقات الضريبية. تم إعداد هذا التقرير من قبل مركز السياسات الاقتصادية (CEP) بالتعاون مع المعهد الألماني للتنمية والاستدامة (IDOS)، ويقوم بتقييم الدول بناءً على جودة وكمال تقاريرها حول النفقات الضريبية عبر خمس أبعاد أساسية.
ويعد مؤشر GTETI أول تقييم مقارن لشفافية التقارير الخاصة بالنفقات الضريبية على المستوى العالمي، حيث يوفر إطاراً منهجياً لتصنيف الدول وفقاً لمدى انتظام التقارير وجودتها وشموليتها.
وبحسب نتائج التقرير، فقد سجل المغرب 55.7 نقطة، ليحتل المرتبة 28 عالمياً، خلف بلغاريا وقبل كوستاريكا. أما فيما يخص تصنيفه عبر الأبعاد المختلفة، فقد أظهرت النتائج تبايناً يعكس الجهود المبذولة في تعزيز شفافية النفقات الضريبية.
في البعد الأول، المتعلق بـ “الإتاحة العامة“، حصل المغرب على 13.2 من أصل 20، وهو مؤشر على وصول الجمهور العام إلى التقارير الخاصة بالنفقات الضريبية.
ويعكس هذا الرقم وصولاً متوسطاً نسبياً، آخذاً في الاعتبار عوامل مثل انتظام نشر التقارير، وسرعة توفير المعلومات، وسهولة الوصول إليها عبر الإنترنت، ووضوح الوثائق.
أما البعد الثاني، “الإطار المؤسسي“، الذي يقيس قدرة المؤسسات على تعزيز الشفافية والمساءلة في إعداد السياسات الضريبية، فقد حصل فيه المغرب على 12 من 20.
وفي ما يتعلق بالبعد الثالث “المنهجية ونطاق التطبيق“، سجل المغرب 9.8 من 20، مما يشير إلى وجود بعض أوجه القصور في شمولية التقارير حول النفقات الضريبية على المستوى الوطني. كما يفحص هذا البعد دقة الأنظمة المرجعية المستخدمة لتقييم الإيرادات غير المحصلة، وطرق حسابها، حيث يُظهر التقرير ضعفاً في الصرامة المنهجية المتبعة.
وحقق المغرب أداءً أفضل في البعد الرابع، “البيانات الوصفية للنفقات الضريبية“، حيث حصل على 15 من 20. يقيس هذا المؤشر جودة المعلومات الواردة في التقارير، ومدى توضيحها للأهداف السياسية المرتبطة بكل بند من بنود النفقات الضريبية، إلى جانب توفر بيانات حول أنواع هذه النفقات والمستفيدين منها والإطار القانوني الذي يحكمها.
أما في البعد الخامس “تقييم النفقات الضريبية“، فقد حصل المغرب على أدنى درجاته، حيث لم يتجاوز 5.6 من 20. ويشير التقرير إلى أن هذا يعكس غياب تقديرات دقيقة للإيرادات المفقودة، بالإضافة إلى نقص المعلومات المتعلقة بأطر التقييم المعتمدة.