شوف تشوف

الرأي

امتياز وتمييز

لا ندري صحة ما يشاع عن فرانسوا هولاند والوزير الأول الفرنسي مانويل فالس، من كونهما يأخذان المشورة في القضايا الساخنة، وبالأخص في ما يتعلق بالإسلام، العلمانية، الراديكالية، سياسة الشرق الأوسط،.. من المجلس الفرنسي للديانة اليهودية. المؤكد أنهما يفتحان آذانا مصغية لهذه الهيئة التي لها سلطة صنع والإطاحة بالملوك. وعليه، فإن هولاند وفالس يبقيان إلى جانب مسؤولين فرنسيين آخرين، من أبطال سياسة تفضيل اليهود على سواهم والعمل بسياسة الكيل بمكيالين. ويندرج هذا الميل في نطاق الوعي الشقي تجاه اليهود من مسألة المحرقة والولاء لإسرائيل. فحسب موقع «ميديابار» الإلكتروني الذي أورد الخبر، أعطى قصر «الإيليزيه» الضوء الأخضر لتنظيم وبطريقة سرية دورات امتحان خاصة لفائدة طلبة يهود يهيئون مباريات لولوج المدارس الكبرى، بسبب توافق تواريخ الامتحانات مع عيد الفصح اليهودي. وتمثلت هذه الدورات السرية في الإعداد لمباريات ولوج مدرسة المعادن والجسور، «بون إيشوسي» الشهيرة، ومباراة المدرسة المركزية والمدرسة العليا للكهرباء لفائدة عشرات من الطلبة اليهود. وصادف أن توافقت أجندة الامتحانات في 20 و26 من أبريل الماضي مع عيد الفصح اليهودي.
هكذا، وفي الوقت الذي خاض فيه 13000 مرشح غمار الامتحانات ابتداء من الثامنة صباحا، تم عزل عشرات من المرشحين اليهود ليبقوا تحت المراقبة إلى غاية المساء كي لا يعرفوا شيئا عن مواد الامتحانات، ليشرعوا بعدها في إجراء الامتحانات ابتداء من العاشرة ليلا إلى غاية الثانية صباحا.
لا نعتقد أن «الإيليزيه» قادر على منح الطلبة المسلمين الذين يتقدمون للامتحانات في شهر رمضان أو أيام الأعياد، مثل هذا الامتياز. وبررت رئيسة اتحاد طلبة يهود فرنسا هذا الإجراء بكون الطلبة، البالغ عددهم 10 وجدوا أنفسهم في وضعية صعبة وبين اختيارين: الرغبة في الاحتفال بعيد الفصح وفي نفس الوقت خوض المباراة. وبما أن هؤلاء الطلبة متشبثون بممارسة الشعائر الدينية اليهودية (أصوليون)، فإن شعائر هذا العيد تتعارض مع متطلبات حياة الشغل، بل وحتى أخذ القلم يعتبر حراما. لذا ابتدع «الإليزيه» على مقاصهم توقيتا خاصا لإجراء الامتحانات يومي 20 و26 أبريل. والمعروف أن مباريات المدارس الكبرى تخضع لقوانين تنظيمية وتحدد تواريخ المباريات تبعا لأجندة دينية مرتبة مسبقا، وقد استثنيت تواريخ 20 و26 أبريل من هذه الأجندة. المشكل أن منح هذا الامتياز لا يمس القوانين التنظيمية وحسب، بل يطرح مسألة التجاوزات واختراق مبادئ «العلمانية والمساواة بين المرشحين»، خصوصا أن رئيس الدولة أكد غير ما مرة حرصه على الإبقاء على التوازن بين كافة المجموعات الدينية والاثنية. أما وزارة التعليم، فقد أشارت إلى أن الأمر يتعلق بخطأ لحظة برمجة «التواريخ الدينية المحمية»، حيث تم نسيان عيد الفصح اليهودي. لكن، وباعترافات بعض المسؤولين بوزارة التعليم، ليس هناك أي خلل. بزغت هذه الفكرة في ذهن فرانسوا هولاند وهو معتكف على إعداد النقاش في موضوع العلمانية.
وفي معالجتها لنفس الموضوع، أشارت أسبوعية «لوبوان» إلى أن الحاخام حاييم كورسيا، الذي عمل مرشدا دينيا بالقرب من الجنود من أصل يهودي العاملين بالقوات الجوية الفرنسية، هو من تقدم بهذا الطلب، وسانده في ذلك وبتدخل قوي نيكولا ساركوزي. ويشار إلى أن الحاخام حاييم كورسيا، وهو من مواليد وهران، سبق أن تورط في سرقات أدبية لما أصدر كتابه «أن تكون يهوديا»، والذي استنسخ فيه مقاطع كاملة من كتب أخرى.
واعتبر «ميديابار» أن خطوة منح الطلبة اليهود المتشبثين بالشعائر الدينية وبشكل أصولي، إجراء خطير في وقت تتبجح فيه الأغلبية بالدفاع عن العلمانية ولا تكف عن شيطنة الشعائر والشعارات الدينية الإسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى