شوف تشوف

الرئيسيةتعليمسياسية

امتحانات الطلبة والذكاء الاصطناعي

كيف يمكن التمييز بين الاجتهاد الطبيعي والغش؟

أمام تزايد حالات الغش في الامتحانات اعتماداً على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أرست وزارات التعليم في مختلف الدول العربية عديداً من الضوابط في قاعات الامتحانات ومنع إدخال الهواتف وكثرت كاميرات المراقبة في الصفوف. وكأن طلاب المدارس كانت تنقصهم وسيلة ابتكارية حديثة لتسهيل الغش في الاختبارات والفروض والامتحانات قبل أن تحمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي البشري لهم على طبق من تكنولوجيا لتدغدغ مخيلة وألاعيب بعض الطلاب، وليلتبس على الأساتذة والمعلمين في المدارس والجامعات.

عبد اللطيف مجدوب: كاتب وباحث

 

يمكن القول؛ تبعا لمناخ التكنولوجيا الرقمية الحديثة، وتحديدا تكنولوجيا المعرفة؛ إن العقل البشري حاليا أصبح يواجه تحديات كبرى أمام عمليات اتخاذ القرارات الصائبة، كالتصفيف والتجميع والترتيب والتحليل.. مثل هذه العمليات تستلزم وقتا يمتد أو يقصر تبعا لنوعية العمليات، ما إن كانت بسيطة أو مركبة؛ أخذا في الاعتبار عقل صاحبها إن كان بطيء أو سريع الفهم والاستيعاب. لكن؛ وأمام الانفجار المعرفي الذي يغزو العالم، ظهر إلى الساحة مارد الكتروني جبار؛ قادر على استيعاب المليارات من المعطيات الضخمة « Big Data» ، وقراءتها في زمن قياسي قد لا تتجاوز في أعقد الحالات بضع ثوان، وبمعنى آخر وكمقايسة بالعقلين الطبيعي والاصطناعي، إذا كان الإنسان بالأمس يقضي في عملية تحليل نص لغوي، من حيث الأفكار واللغة ما متوسطه ساعة وبضع دقائق، فإن العقل الاصطناعي أو بالأحرى الذكاء الاصطناعي « «Artificial Intelligence (AI) وأمام نفس المعطى؛ تحليل نص لغوي، لا يتجاوز بضع ثوان! ولتصور مدى قدراته «الخارقة» نكتفي بعرض الحالة التالية:

بالأمس كان طالب الدكتوراه -مثلا- يمضي ما بين خمس إلى ست سنوات في التنقيب عن مصادره ومرجعياته وتبويبها ودراستها وتحليلها ومراجعتها والبت فيها.. بينما أصبح بإمكان هذا الطالب المزود بأداة (AI) أن يعد أطروحته في بضع ساعات، وبالمواصفات التي يرغب فيها هو ومؤطره، طبعا وفي جميع الحقول المعرفية أدبية كانت أو أكاديمية، ومهما كانت معقدة وعصية، وباللغة التي يبحث بها، وأحيانا يزوده هذا العقل الاصطناعي بتوجيهات وإرشادات؛ قد لا تخطر على بال المؤطر “البشري”.

لنخلص إلى القول بأننا أصبحنا إزاء ثورة معلوماتية ذكية Intelligent Informative Revolution   قد تقلب مفاهيمنا رأسا على عقب ، كطرح التساؤل عن مفهوم “الامتحانات”، كيف سيغدو في ضوء هذا الماسح المعرفي العملاق Big Knowledge Scanner؟

أدوات الذكاء الاصطناعي باتت في متناول العموم، بمن فيهم فئة الطلاب، وتتساءل العديد من التقارير والدراسات عن مستقبل الروائز أو بالأحرى الاختبارات والامتحانات التعليمية، والكتابية منها خاصة؟ بعض المعاهد والمؤسسات التعليمية؛ ومنها المغرب؛ تعمد إلى حظر وتجريد الطلاب من هواتفهم، وعدم السماح باستعمالها داخل الحجرات الدراسية، لكن ثبت بالتجربة والمعاينة أن الأجوبة لمواد الامتحانات يتم تسريبها، وتغدو محل ضجة واستنكارات بين فئات المجتمع، تصحبها مطالب بإعادة صياغة مواد الامتحانات.. والبطل؛ وسط هذه الضجة والاحتجاجات؛ هو برنامج ذكي؛ سمح صاحبه بتعميم الإجابات ونشرها.

وتطرح هنا قضية الغش المدعوم بالذكاء الاصطناعي، كيف ينبغي مكافحتها؟ وكيف سيغدو تعامل الطلاب مع هذه الأداة؟ هل سيقصيها من اهتمامه أم يستأنس بها إلى حين؟ أو يتخذها؛ في نهاية المطاف؛ محكا لاجتهاداته وأدائه التعليمي؟

حتى الآن لا توجد أجوبة شافية، ومازالت المواقف تجاه هذا “الأنيس الذكي” غامضة وأحيانا حائرة، والقضية؛ في مجملها؛ تطرح إشكالية التربية والتأهيل المهني والعلمي! كيف يمكن التمييز بين عمل جاد دؤوب وبين عمل آخر “مصطنع”؟ أو بعبارة: هل سيكون من المحتم؛ لتلافي الاحتيال الذكي؛ إيجاد إجراءات تقييمية عملياتية، يتحتم على الطالب الخضوع لها قبل تبني أجوبته والبت فيها.

//////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى