شوف تشوف

شوف تشوف

الهروب إلى الأمام

في الأوقات الصعبة يجب الاستماع إلى نصائح العلماء.
الحكومة عندنا قررت اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، ربما تقترض حوالي 50 مليار درهم. البعض سيعتبر هذا مغامرة، لكن الحقيقة أن هذا هو الحل الأمثل لإنقاذ الاقتصاد الوطني من الشلل.
وهذا ليس رأيي بل هو نصيحة للحاصلة سنة 2019 على جائزة نوبل للاقتصاد إيستر ديفلو Esther Duflo والذي عبرت عنه على أمواج فرانس أنتير.
حسب هذه الاقتصادية المتخصصة فالحل بالنسبة للدول التي تجابه جائحة كورونا ليس في تخفيض الإنفاق العمومي بل في فتح قنوات الإنفاق على مصراعيها وعدم التخوف من الفاتورة.
عندما يرتفع الطلب كما يحدث الآن فيجب ضخ ما يكفي من الموارد في الاقتصاد. مما يعني بالنسبة لكثير من الدول الاقتراض بشكل مكثف وإنعاش دورة الاقتصاد بأكبر قدر ممكن.
الدولة التي تقترض وتنفق اليوم الموارد الضرورية بسخاء لمنع الاقتصاد من السقوط في حالة الغيبوبة هي في الحقيقة دولة توفر المال. لأنها إذا ما قررت قطع الموارد عن دورة الاقتصاد فإنها تقوده حتما إلى السكتة القلبية التي ستكون نتائجها مكلفة جدا، بحيث يمر الاقتصاد من حالة الكساد إلى حالة الركود الحاد.
لحسن الحظ أن الدول اليوم يمكنها الاقتراض بنسب فائدة منخفضة، كما أن إمكانيات تأجيل الدفع متوفرة. ولا ننسى هنا أن هناك لاعبا جديدا هو الصين، فهي دولة لديها إمكانيات لإقراض جميع الدول الراغبة في ذلك، وهذا سيكسر سيطرة صندوق النقد الدولي الذي تم إحداثه بعد الحرب العالمية الثانية بهدف منح قروض للدول الخارجة من دمار الحروب لإعادة بناء اقتصاداتها، وهو النظام الاقتصادي المسمى بريتون وودز وهو المؤتمر الذي نتج عنه تأسيس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
الشيء نفسه يمكن أن تصنعه الصين الآن مع الدول الخارجة من الحرب العالمية الثالثة ضد كورونا، فبعدما اشترت الصين الديون الداخلية لعدة دول بما فيها أمريكا ها هي اليوم على وشك إطلاق صندوق النقد الصيني.
علينا أن نتذكر كيف أن الصين خلال الأزمة الاقتصادية العالمية سنة 2008-2009، قامت بضخ 560 مليار دولار في اقتصادها واقتصاديات دول أخرى عبر استثمارات متنوعة، ولولا هذه العملية لما استطاع الاقتصاد العالمي استعادة عافيته والخروج من حالة الركود.
الإشكالية اليوم بالنسبة للاقتصاد المغربي هي كيف يمكن تمويل الحرب على كورونا وفي الوقت نفسه ضمان عيش المواطنين الأكثر فقرًا؟
الجواب بالنسبة لهذه الباحثة هو أن تمويل ذلك سيأتي من فرض الضرائب على ذوي الدخل المرتفع.
وبالنسبة لنا في المغرب فقد حان الوقت لكي يساهم أصحاب المداخيل المرتفعة في الجهد الحربي l’effort de guerre الذي تبذله الدولة في مواجهة هذه الجائحة. فالأزمنة الصعبة التي يعيشها اقتصادنا تتطلب مساهمة الجميع خصوصًا أولئك الذين استفادوا من تسهيلات الدولة والامتيازات الضريبية وحتى من اقتصاد الريع.
وأعتقد أنه لا يجب فقط التعويل على سخاء الأغنياء وانتظار مساهماتهم الطوعية، بل يجب جعل الجميع يفهم أن مساهمته بجزء من ثروته في هذه الظروف الصعبة واجب وطني.
وعندما نفكر في المسألة جيدا نجد أنه ليس لدينا اختيار، فهذا هو الحل الوحيد لكي ينجو الجميع وترسو سفينة المغرب بسلام بجميع ركابها. وإلا لماذا تصلح الأموال المكدسة وماذا تفيد الممتلكات إذا كنا سنغرق جميعا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى