النشرة الإنذارية

في كل بقاع العالم، تعني نشرة الطقس الإنذارية، التي يتم الإعلان عنها من قبل مصالح الأرصاد الجوية، استنفار كافة المصالح المسؤولة لتوفير شروط السلامة والوقاية من الأخطار، وانتباه المواطنين وأخذهم الحيطة والحذر في تحركاتهم، إلا عندنا نحن حيث يتم التنبيه بواسطة وسائل الإعلام الرسمي وبمنصات التواصل الاجتماعي إلى نشرات طقس من الدرجة الحمراء، ومع ذلك يتم تسجيل خسائر بشرية ومادية جسيمة نتيجة الاستهتار والتهور البشري أو إهمال المجالس الجماعية القيام بأشغال عمومية وغياب الجودة في الخدمات العمومية.
واجب رؤساء الجماعات الترابية هو السهر، ميدانيا، على توفير شروط السلامة بالفضاءات العامة والشوارع، وتفقد البالوعات التي تفتقد للأغطية والنقط السوداء للفيضانات، والعمل على استنفار لجنة اليقظة، ووضع هواتف للاتصال واستنجاد المواطنين أثناء نشرات الطقس الإنذارية، وليس الاكتفاء بالتحذير على الصفحات الرسمية للجماعات، والذهاب للنوم مثل عامة الناس، وتبرير كل الحوادث الأليمة التي تقع بعدها بالقضاء والقدر، دون تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.
الكل عاين تعاطف المغاربة مع التلميذة التي غرقت لسقوطها في بالوعة تفتقد الغطاء ببركان، وكُتبت لوالدها النجاة بأعجوبة، كما جرفت السيول تلميذا بمنطقة قروية بالفقيه بنصالح، وهو الشيء الذي يتطلب تفعيل المحاسبة، بخصوص التعامل مع نشرات الطقس الإنذارية، بتوقيف الدراسة بالمؤسسات التعليمية، وكذا تحمل رؤساء المجالس المسؤولية أمام القضاء لغياب التزامهم بشروط السلامة والوقاية من الأخطار في الفضاءات العامة.
نحن أمام فقر مدقع في ثقافة التعامل مع نشرات الطقس الإنذارية، حيث تجد من يتهور ويسرق بالوعات قنوات تصريف مياه الأمطار لبيعها في المتلاشيات وتحصيل دراهم معدودة، وهؤلاء يجب تشديد العقوبات القانونية في حقهم دون رحمة، كما تجد من سائقي الشاحنات والسيارات والحافلات العمومية من يقطع الوديان الجارفة، ويغامر بأرواح الركاب وسلامتهم، ومن لا يُعير التحذيرات أي اعتبار ولا يأخذ بالحد الأدنى من الاحتياطات اللازمة، كما أن بعض المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة تتأخر أو ترتبك في إعلان توقيف الدراسة، خاصة بالمناطق الجبلية والمدارس التي توجد بنقط سوداء مهددة بالفيضانات، ما يربك تعامل الآباء مع الأمر ويتطلب مستقبلا النجاعة في التواصل.
إن التدابير الاستباقية في معالجة كافة المشاكل والأخطار، لها نتائج جد إيجابية، وعند نشرات الطقس الإنذارية، يجب الرفع من مستوى يقظة وتجنيد المستشارين الجماعيين للقيام بأدوارهم إلى جانب السلطات المختصة، والإشراف على تحريك شركات التدبير المفوض، والتسخير الأمثل لكافة الآليات والمعدات لحماية الأرواح والممتلكات، وضمان شروط السلامة والتفاعل مع الشكايات وفق السرعة والنجاعة المطلوبتين.
في ظل التقلبات المناخية العالمية، أصبح المغرب يواجه تحديات كبرى تتعلق بالفيضانات والسيول الخطيرة بالمناطق الحضرية والقروية، والأمطار الطوفانية التي تتطلب بنيات تحتية بمواصفات ومعايير خاصة للتعامل معها وتخفيف خسائرها، لذلك لا بد لنا من تعميق ثقافة التعامل مع نشرات الطقس الحمراء والبرتقالية، وتفعيل المحاسبة في كل ملفات الإهمال وخرق شروط السلامة والوقاية من الأخطار، وضمان الحفاظ على الأرواح والممتلكات، والتنسيق الدائم للرفع من جودة التدخلات والتزام استراتيجية الاستباقية في كل شيء عوض معالجة النتائج وطرح المبررات والإكراهات.