شوف تشوف

الرأيالرئيسية

المهنة: رئيس

حسن البصري

 

في غمرة الجدل القائم بين الإعلاميين الرياضيين المصريين ونظرائهم المغاربة، على أنقاض المباراة النهائية لكأس عصبة الأبطال الإفريقية، واستمرار التراشق بين الدار البيضاء والقاهرة حول مباراة في كرة القدم أسقط فيها الوداد الأهلي نتيجة وأداء، تمسك المغاربة بالتاريخ. ومن باب ذكر فإن الذكرى تنفع الأهلاويين، أعادوا إلى أذهان المحللين قصة المغربي الذي كان وراء تأسيس الأهلي.

قال إعلامي أهلاوي إن مصر أم الدنيا في الحضارة والكرة، قبل أن يتلقى مكالمة على الهواء مباشرة تحمل إليه قصة تأسيس الأهلي من طرف رجل القانون عمر لطفي، وتبشر المتتبعين بالأصول المغربية لهذا الرجل الذي هاجر والده إلى الإسكندرية واستقر بها بعدما أصبح قائما بأعمال المغرب في هذا البلد.

ابتلع الإعلامي لسانه وألقى خوذته ورمى ببيانات الأهلي في سلة المهملات، وفي اليوم الموالي تأكد من علاقة الدم التي تربط المغرب بالأهلي، فألقى خطبة بنبرة هادئة وقال: «يا إخواننا لا يمكن للهزيمة في ملاعب الكرة أن تأخذ أكثر من حجمها، فما أن يستحم اللاعبون ويجففوا أبدانهم من عرق المباراة حتى تزول الخيبة والحسرة والغضب». سبحان مغير الأحوال والأقوال.

شكرا لعمر لطفي مغربي الأصول الذي جعل للمغاربة سهما في «شركة الأهلي»، وتمكن من إخماد معارك دارت رحاها في بلاطوهات التحليل لمجرد خسارة في ملعب الكرة.

لا تسلم مباريات الكرة من الأذى حتى يراق على جوانبها الدم، إذ كلما خسر فريق أو منتخب جزائري أمام المغاربة، إلا وبحث معدو برامج الكرة في الأرشيف عن ملامح مباراة تاسع دجنبر 1979 هزم فيها منتخبنا بخماسية أمام الجزائريين.

لكن حين علموا أن مدرب المنتخب الجزائري في تلك المباراة، مغربي المولد والنشأة، وهو محيي الدين خالف ابن مدينة بلقصيري الذي درس في مدارس الغرب ولعب للنادي القنيطري ودرب العديد من الفرق المغربية، وما زال يعيش بين تيزي وزو والدار البيضاء، سكتوا عن الكلام المتاح.

ومن غرائب الصدف أن يكون كي كليزو، مدرب المنتخب المغربي في تلك المباراة، جزائري المولد والنشأة، حيث عاش طفولته في وهران، قبل أن يحل بالمغرب رفقة والده، ويصبح مدربا كامل الأوصاف.

وفي ملاعب السياسة أيضا زعماء يحكمون بلدانا أخرى يفخرون بأصولهم المغربية، كأحمد بن بلة أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال، وإدريس السنوسي ملك ليبيا المطاح به من طرف معمر القذافي.

علينا أن نعترف أيضا بأن الكثير من الأندية في تلمسان وبشار ووهران وضع لبناتها الأولى مغاربة أو جزائريون من أصول مغربية، بالمقابل أسس الرجاء ومولودية وجدة على يد جزائريين، في زمن كان تأسيس جمعية رياضية بوابة للنضال ضد المستعمر.

اليوم تغيرت الأحوال وأصبح الناس يتصارعون حول منصب «رئيس النادي»، رغم أنه، على الورق، منصب تطوعي، لا يحصل فيه صاحبه على أي مقابل مادي.

ولأن هذا المنصب تطوعي، فمن المنطقي أن الرجل الذي يتولى رئاسة أي نادى يكون له عمل آخر خاص به يعيل به أسرته ويتصدق بجزء منه على النادي، لكن ما يحصل اليوم شيء آخر.

في مصر، لكي تكون رئيسا لناد كروي عليك ألا تخرج عن هذا الثالوث، وأن تكون مهنتك إما مهندسا أو رجل أعمال أو لواء في الجيش، قبل أن يخترق نواب الشعب مجال الكرة ويحولون المنصب إلى «بريستيج» ويجعلون من الكرسي منصة خطابة نهارا وأريكة لقضاء المصالح ليلا.

في زمن مضى، كان على رأس الوداد وزراء وسفراء، وكان للرجاء وزراء وزعماء نقابيين، وللجيش جنرالات وللكوكب خدام دولة وللمغرب الفاسي أطباء وللنهضة السطاتية وزير دولة وللجديدة رجال قانون وهلم جرا. قبل أن نبتلى بانتهازيين جدد يركبون صهوة الكرة ثم يهرولون نحو السياسة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى