محمد اليوبي
صادق مجلس النواب في جلسة تشريعية عمومية عقدها صباح أمس الأربعاء، بالأغلبية على القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وذلك في إطار القراءة الثانية للقانون كما صادق عليه مجلس المستشارين، وتزامنت جلسة التصويت التي حضرها 104 نائبا برلمانيا من أصل 395 عضوا يتشكل منهم المجلس، مع دعوة النقابات لخوض إضراب وطني.
وصوت على مشروع القانون 84 برلمانيا من الأغلبية المكونة من أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال، بالإضافة إلى حزبي الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية، فيما عارضه 20 نائبا برلمانيا يمثلون أحزاب الاتحاد الاشتراكي، والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية، بالإضافة إلى النائبتين فاطمة التامني عن فدرالية اليسار، وريم شباط عن جبهة القوى الديمقراطية.
وأكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والتشغيل، في كلمة ألقاها لتقديم المشروع في صيغته النهائية، أن الحكومة تفاعلت إيجابيا مع مقترحات الفرق البرلمانية والمنظمات النقابية، حيث تم إدخال تعديلات جوهرية على المشروع لإخراجه في صيغة توافقية تضمن حقوق ممارسة الإضراب في إطار احترام حقوق المضربين وأرباب العمل والمجتمع، وأوضح السكوري أن هذا القانون يتضمن مقتضيات تنص على تسهيل شروط ممارسة حق الإضراب، وألغاء العقوبات الزجرية التي كان تتضمنها النسخة الأولى من المشروع، مع منح مهلة كافية للتفاوض قبل اللجوء إلى الإضراب لتحقيق الملفات المطلبية.
وشدد السكوري على رغبته في إخراج قانون متوازن يضمن حقوق الجميع، العمال وأرباب الشغل وكذلك المجتمع، وأوضح الوزير أن الحكومة وضعت إجراءات ضمن القانون لضمان ممارسة حق الإضراب، وحذف الإجراءات الانتقامية، متحدثا عن ضمان ثلاثة ثوابت في هذا القانون، أولها ضمان حق الإضراب وحماية حقوق المضربين، وفي نفس الوقت حماية حقوق المشغلين وكذلك حقوق العمال غير المضربين مع ضمان حرية العمل، وأضاف الوزير أن التنصيص على حقوق المشغلين وغير المضربين جاء لكي يشعروا أنهم جزء من القانون، والهدف كذلك هو تشجيع التفاوض ومنح ضمانات قوية لكي يصبح الإضراب هو آخر الخيارات، وأفاد الوزير أن الترسانة القانونية الحالية لا تشجع على المفاوضات، وهو ما يفسر كثرة اللجوء إلى الإضرابات بالعديد من القطاعات، وأكد الوزير أن النقابات دائما تفسر لجوءها إلى ممارسة الإضراب بغياب الرغبة لدى المشغلين في التفاوض حول الملفات المطلبية.
وأما الثابت الثالث الذي يضمنه هذا القانون، يضيف السكوري، هو ضمان حقوق المجتمع، من توفير الحد الأدنى من الخدمة، وقال الوزير “لا يجب معاقبة المجتمع بسبب ذنب لم يرتكبه”، ولذلك فإن القانون ينص على ضرورة توفير الحد الأدنى من الخدمة بالمرافق الحيوية في العديد من القطاعات، دون المس بحقوق العمال والمستخدمين في ممارسة حقهم في الإضراب، وبخصوص العقوبات، أكد السكوري على أنه سيتم حذف هذه الكلمة نهائيا من القانون، وتعويضها بالجزاءات، وذلك لضمان التوازن بين كل الأطراف.
وتتجلى أبرز التعديات المصادق عليها من طرف البرلمان في إدراج العاملات والعمال المنزليين ضمن الفئات المعنية بالإضراب، وتعريف الإضراب على أنه “كل توقف إرادي جماعي عن ممارسة المهنة أو أداء العمل من لدن المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء والعاملات والعمال المنزليين، لمدة محددة، من أجل الدفاع عن حق من الحقوق أو مصلحة من المصالح المرتبطة بتحسين ظروفهم المهنية”.
وصادق البرلمان على تعديلات أخرى مهمة، من قبيل سحب منع الإضراب لأسباب سياسية، والإضراب التضامني، والإضراب بالتناوب، فضلا عن تقليص المدد الزمنية للتفاوض ومدد الإخطار بالاضراب، وتعزيز حقوق المضربين، بحيث أصبح ممنوعا على المشغل أن يطرد مضربا أو أن يقوم بإجراء تمييزي ضده، كما تم تمكين المهنيين والعمال غير الأجراء والأشخاص الذين يزاولون مهنا خاصة من الحق في الإضراب، وتوسيع الجهات الداعية لممارسة حق الإضراب، إذ لم تعد تقتصر على النقابات الأكثر تمثيلية، بل تم توسيعها لتشمل كل النقابات ذات التمثيلية، وتيسير شروط “الجمع العام” بحيث أصبح أكثر سهولة، وكذا حذف جميع العقوبات الجنائية المتضمنة في النص الأصلي أو الإحالة عليها، وكذلك حذف العقوبة الحبسية، وإجراء تعديل جوهري يتمثل في حذف مسطرة التسخير.
وشدد الوزير أن العقوبات المفروضة على المشغل لا ينبغي أن تكون مماثلة لتلك التي تفرض على النقابات، في حال الإخلال بهذا القانون، وذلك للحد من لجوء المشغل إلى أداء العقوبات المالية مقابل عدم أدائه حقوق العمال، وأشار المسؤول الحكومي إلى أن من بين التعديلات التي عرفها النص، والتي تهدف إلى تعزيز حقوق المضربين، تم منع المشغل من اتخاذ إجراءات تعسفية ضدهم، كالطرد أو النقل التعسفي، طالما أن الإضراب تم وفق القانون.