شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسري للغايةسياسية

«الغوتي» كبر في المغرب وأصبح «غولا» في جيش الجزائر

يونس جنوحي

لن تكتمل فسيفساء قلب «الآلة» التي تحرك قرارات الجيش الجزائري، دون التعرف على شخصية علي التونسي، الذي لعب دورا كبيرا من موقعه العسكري في إطفاء بعض الملفات الحارقة وإشعال أخرى.

عُرف بأنه صديق حميم للجنرال خالد نزار، لكن هشام عبود يضيف أن علاقتهما أعمق من الصداقة التي تبدو للعموم.

فالتونسي ابن عسكري متقاعد من الجيش الفرنسي، وهي نقطة مشتركة بينه وبين خالد نزار الذي تقاعد والده هو الآخر من الجيش الفرنسي. عاشا معا طفولة عصيبة بحكم أن الوطنيين الجزائريين في الأربعينيات والخمسينيات كانوا يرون في أبناء الجزائريين متقاعدي الجيش الفرنسي، نسلا من الخونة الذين حملوا السلاح وقاتلوا من أجل فرنسا وعادوا إلى الجزائر مُنهكي القوى.

 

«الماكينة»

آلة من الحقد ضد جيل من مؤسسي الجيش الجزائري أنتجت لنا الجنرال علي التونسي الذي كان ينتمي إلى جيل ثلاثينيات القرن الماضي.

لكن ما يميز هذا الجنرال عن أصدقائه، أنه قضى جزءا من طفولته في مكناس بالمغرب. لكن ليس مع الوطنيين الجزائريين الهاربين، وإنما رافق والده الذي كان يعمل في الجيش الفرنسي، وأقام في ثكنة فرنسية حيث كان والده يشارك في عمليات القتل والتصفية ضد الوطنيين المغاربة. وهو ما جعل وطنية علي التونسي، بعد انضمامه إلى جيش التحرير الوطني، على المحك. وبهذا الخصوص يقول هشام عبود في مذكراته، متحدثا عن علي التونسي: «مسار علي التونسي خلال حرب تحرير الجزائر كان مضطربا. كان دائما لا يفضل الحديث عنه».

هذه العبارة كفيلة بشرح الغموض الذي كان يحيط بهذه الشخصية العسكرية التي تورطت في أحداث 1983 و1995. حيث كان مديرا للأمن الوطني في عز الغليان الشعبي ضد الفقر وغلاء المعيشة خلال فترة هيمنة الجيش الجزائري، أو «مافيا الجنرالات» لكي نكون أكثر دقة، ليواجه تلك المظاهرات السلمية بالرصاص تارة وبالاختطاف تارة أخرى. ولتجفيف منابع المعارضة، كان علي التونسي أحد مهندسي عمليات الاغتيال والمطاردات التي طالت أعضاء جبهة الإنقاذ الإسلامية، والذين فر بعضهم إلى المغرب خوفا من التصفية الجسدية على يد الفرق الخاصة والسرية التي أطلقها الجنرالات لمطاردتهم.

 

على خطى الأب

سار، إذن، علي التونسي، أو «الغوتي» كما كان يُلقب سرا من طرف الذين كانوا يعرفون حقيقة العمليات التي باشرها في الجيش، على خطى والده. إذ فتح «الرشاش» في وجه أبناء بلده وكان مشرفا على عمليات وثق فيه الجنرال خالد نزار للتكلف بها بعيدا عن الضجيج والأضواء.

قال عنه هشام عبود إنه أحد أكثر الجنرالات غموضا من بين الذين تعامل معهم خلال فترة وجوده في مجمع مكاتب الجنرالات الكبار في مقر الأركان العامة للجيش. كما أن مكتبه كان محميا بشكل مبالغ فيه حتى لا يتسلل إليه أحد من غير الذين كان يثق فيهم الجنرال..، لأن الخطط والاجتماعات التي جرت في مكتبه، إن تسرب مضمونها في ذلك الوقت إلى الصحافة الأجنبية، فإنها، بلا شك، ستكون كافية لإرساله إلى محكمة دولية لحقوق الإنسان.

كان علي التونسي، أو «الغوتي»، مشغولا جدا بملف الفارين من الجيش والمتهمين بالانتماء إلى جبهة الإنقاذ، وكان يبحث عن طريقة لملاحقتهم فوق التراب المغربي، بحكم أن بعضهم تسللوا إلى المغرب خوفا من الاغتيال في الجزائر، لاصطيادهم. ولم تكن هناك أي تعليمات بإحضارهم أحياء إلى الجزائر. كان النظام العسكري يريد التخلص منهم بأي وجه كان. وكان الابن موشكا على إعادة تنفيذ ما بدأه والده قرب ثكنات مكناس عندما كان يطلق الرصاص على الوطنيين المغاربة الذين خرجوا في مظاهرات ضد الاستعمار الفرنسي، وأحيانا أخرى ضد استعمار الجزائر.

وصف هشام عبود الجنرال علي التونسي بأنه كان رجلا محظوظا جدا، بحكم أنه استطاع التوغل في عمق النظام العسكري ووصل نفوذه إلى درجة التأثير على مساعديه، فمنهم من صار سفيرا للجزائر في بلد أوربي، ومنهم من أصبح من مُلاك شركات الاستيراد والتصدير، فقط لأنهم كانوا يظهرون معه ويشيعون أنهم مقربون منه. فما بالك بالامتيازات التي حازها لنفسه؟ لقد كان «الغوتي» لا يقل ثراء عن أصدقائه الذين انتقلوا من الجيش إلى شغل بعض الوزارات مثل وزير الشباب والرياضة، علي اللبيب، الذي كان صديقا حميما له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى