حسن البصري
نشرت الملاكمة المغربية أميمة بلحبيب، على منصة تواصل اجتماعي، «نداء» تلتمس فيه من الرياضيين المغاربة مساعدتها ماديا لاستكمال تحضيراتها الرياضية والدراسية في باريس، استعدادا للألعاب الأولمبية التي ستحتضنها العاصمة الفرنسية الصيف المقبل.
التمست البطلة المغربية، من القلوب التي يسكنها حب الرياضة، المساهمة في صندوق لدعم مسارها الرياضي والدراسي في بلاد الغربة، وتأمين مصاريف الاستعداد في الحلبة ومدرج الجامعة، حتى تمثل المغرب خير تمثيل في الاستحقاقات المقبلة.
في غربتها الاضطرارية، كشفت أميمة عن احتياجاتها: إيجار شقة ومصاريف الانخراط في قاعة للتداريب وتعويضات مدرب ومعالج وأدوية وتغذية وبحوث دراسية وتنقلات، فضلا عن الاحتياجات الخاصة لبطلة في الغربة.
نداء البطلة المغربية هو الأول في تاريخ استعدادات أبطال المنتخبات الوطنية، لكن هذا النوع من الملتمسات الرقمية وارد في أوروبا، حيث عمد كثير من الأبطال الفرنسيين إلى «الصينية» للبحث عن السيولة المالية الكفيلة برفع درجة الاستعداد والتأهب للمنافسات الكبرى.
غضبت الجامعة الملكية المغربية للملاكمة من الملاكمة الأولمبية أميمة بلحبيب، واعتبرت جمع التبرعات أشبه بلكمة مباشرة في وجه الرياضة المغربية، خاصة وأن أميمة ليست مجرد ملاكمة عادية، فهي تحمل لقب سفيرة الكونفدرالية الإفريقية للملاكمة لدى الاتحاد الدولي، وهو لقب فخري يجعل من أميمة قدوة للرياضيات المغربيات.
سيمتد إعصار الغضب إلى اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، التي منحتها شرف حمل علم الوفد المغربي رفقة راكب الأمواج رمزي، في الألعاب الأولمبية الصيفية بطوكيو سنة 2020.
وسيغضب النداء مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين، على اعتبار أميمة عضوا كامل العضوية بهذه المؤسسة التي تعنى بالأبطال الرياضيين، والتي تصرف للبطلة تعويضا شهريا عن إيجار شقة.
سيعتبر كثير من الرياضيين طلب الدعم توجها جديدا لضم الرياضيين إلى منظومة السجل الاجتماعي، وسيصنفه آخرون في خانة أخرى، وسينال «الصندوق الرقمي» نصيبه من سوء الفهم أيضا.
بالمقابل، نقدر للبطلة جهودها في حلبة العلم والتحصيل، وهي التي تمكنت من التوفيق بين القفاز والكتاب، بين اللكم والتحصيل، منذ أن كانت طالبة في المعهد الملكي للرياضات إلى أن ركبت صهوة العلم، أملا في الحصول على دكتوراه في مجال تخصصها الرياضي، كيف لا وهي التي بدأت مشوارها القتالي من فريق فاسي يحمل اسم المجد.
مثل هذه النداءات، يجري بها العمل في أوساط الأبطال الأوربيين والأمريكيين، بل إن وكلاء أعمالهم يبحثون ليل نهار عن سبل دعم جديدة، عبر رعاة ومستشهرين يمكنهم الاستثمار في بطل، بل إن بطلا فرنسيا في منتخب أصحاب الهمم اعترف بأن حساب الدعم هو سبيل نجاحه.
وبالرغم من الجدل القائم حول «نداء» أميمة، فإن تصنيفه في خانة «خدش» صورة الرياضة المغربية مرفوض، لاعتبارات قانونية وإنسانية، إذ لا يوجد عقد يربط البطلة بالمنتخب يحدد مساحة تحركها. ولا يوجد قانون يجرم هذا النوع من الدعم، لأنه فردي ولا يحتاج لخاصية «المنفعة العامة» كما هو حال الجمعيات.
ثم كيف نسمح لفرق مغربية بإطلاق نداءات الاستغاثة وجمع الدعم المالي من جمهورها، ولا نرضاه لأبطالنا؟
في طفولتنا الشقية، كنا نلجأ إلى «الصينية» ونردد نداء «عاون الفريق» أمام عابري الدرب، حيث نضع في زاوية بالزقاق الرئيسي لحينا «صينية» ملفوفة بقميص ونشرع في استجداء الدعم لفريق الحي، وغالبا ما نتفادى القميص الأحمر أو الأخضر حتى لا نسقط في حساسية صراع الرجاء والوداد، وحين تتقلص الحركة نحصي مداخيل التبرعات، ونسلمها لمن لا يسأله والداه «من أين لك هذا»؟
لكن المغاربة يرددون عبارة «الحمد لله ما عندناش وما خصناش»، وكثير منهم يقوم بتنزيل لازمة «جوعي فكرشي وعنايتي فراسي» التي تعد من أركان «تامغرابيت».