
نعيمة لحروري
في عتمة الليل، حين تنام المدن في حضن السكون، هناك رجال ونساء لا يغمض لهم جفن، يسهرون على أمن وطن يبادلون ترابه حبا ووفاء.
وحين تحاول ظلال الشر أن تزحف نحو هذا الوطن، تجد أمامها سدودا منيعة، صنعها الإخلاص والتفاني، ووهبها الله يقظة لا تعرف الغفلة.
لقد تمكنت الأجهزة الأمنية المغربية، وعلى رأسها المكتب المركزي للأبحاث القضائية، من توجيه ضربة استباقية موجعة لمن حاولوا أن يغتالوا الأمن في ربوع البلاد.
عملية نوعية تكشف ليس فقط عن حنكة استخباراتية، بل عن وطنية صادقة تدرك أن حفظ الأرواح أمانة، وأن حراسة السكينة واجب لا يقبل المساومة.
في مدن متعددة، من العيون إلى طنجة، ومن فاس إلى الدار البيضاء، كانت يد العدالة تسبق يد الغدر، تجهض مؤامرات أعداء الحياة، وتقطع أوصال الشر قبل أن يمد جذوره في أرض هذا الوطن.
من المحزن أن نجد بيننا من يخون تربة ولدتهم، ومن يستبدل نور العقل بظلام الفكر المتطرف، لكن الأكثر طمأنينة أن هناك من يقف بالمرصاد، لا يساوم ولا يتردد، يجعل من أمننا عقيدته الأولى.
كيف تسلل هذا الفكر الهدام إلى بعض أبناء الوطن؟ كيف تُسلب العقول بهذا الشكل المخيف، ليصبح القتل والتدمير هدفا مقدسا؟ إنها أسئلة تستدعي التفكير العميق، والمسؤولية المشتركة في اجتثاث منابع هذا السرطان الفكري.
بكل احترافية ودقة، تم تفكيك خلية إرهابية متطرفة، بايعت تنظيم داعش الإرهابي، واستعدت لتنفيذ مشاريع دموية تستهدف استقرار البلاد وأمان العباد. لم تكن المؤامرة مجرد مخطط عابر، بل كان خلفها تمويل ودعم، وأوامر مباشرة من قيادي في تنظيم داعش بمنطقة الساحل، حيث يخطط المجرمون هناك لنقل فوضاهم إلى المغرب. ومع ذلك، كان رجال الأمن على الموعد، تحركوا بحزم ودراية، وأجهضوا المخطط قبل أن يتحول إلى كابوس يدمي القلوب.
حين ننام مطمئنين في بيوتنا، هناك من يقف في الظل، يتحدى الأخطار بصمت، يدفع عنّا شرورا لا ندرك حجمها، ويجعلنا نعيش في سلام دون أن نشعر بثقل الأعباء التي يحملها.
لهم، لأولئك الرجال والنساء، نرفع القبعات احتراما، ونحني هاماتنا تقديرا، ونردد من قلوبنا:
يا حراس الليل، يا من تزرعون الأمان في دروبنا، تحية إجلال لكم، يا من تجعلوننا ننام مطمئنين بينما تسهرون على أمننا. قد لا نراكم، قد لا نعرف أسماءكم، لكننا نعلم أن فضلكم علينا لا يُحصى، وأن صمتكم أبلغ من كل خطب وشعارات.
حمى الله هذا الوطن، وحمى الله من يحرسه.