شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

الرياح لا تخدم إسرائيل

د. خالد فتحي

 

لقد جن جنون إسرائيل، وسقط قناعها بالكامل، فقصفها لمستشفى يدل على أن لجوءها المفرط للقوة ليس إلا دليلا على الضعف والارتباك وضيق الخيارات أمامها.

إسرائيل بدأت تفقد بهذا الخبط العشوائي صفة المظلومية، التي تذرعت بها منذ اندلاع طوفان 7 أكتوبر.

بدأ بالفعل العد العكسي كي يرى العالم الغربي معصوب العينين بعصابة عقدة «الهولوكوست» الحقيقة في كل أبعادها، لتنتهي حكوماته حتما إلى تعديل موقفها، وإن لم تفعل، فستجبرها شعوبها على أن تكف عن هذا الكيل بمكيالين، لأن ثمن الاستمرار في هذا الإنكار سيكون باهظا جدا. وسواء شاء محللو هذا الغرب أم أبوا، فطوفان الأقصى قد أحيا القضية الفلسطينية من جديد، وأعاد التوازن بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لقد جرف الفكرة الصهيونية التي كانت تضمن أمن ودوام إسرائيل من خلال التفوق العسكري الإسرائيلي، الذي كان يشكل لوحده بشقيه الواقعي والافتراضي رادعا نفسيا لكل من يطلب رأسها.

هذه المرة لا تسير رياح التحولات الاستراتيجية في ركاب إسرائيل، فهي تائهة جدا، ولسان حربها يقول ذلك، لأنها بوغتت، ولم تختر توقيت عدوانها على غزة الذي يشطر ويشرخ العالم، والوجهة لا قدر الله حروب دينية وحضارية.

هي لا تعرف هل الأولوية للثأر، وشن حرب خاطفة، لإعادة السكينة للمواطن الإسرائيلي، أم تخوض حربا طويلة تعطيها نصرا استراتيجيا يعيد هيبة الدولة ككل، وهذا لا يعني شيئا آخر سوى قضم أراض جديدة في طريق تحقيق حلم إسرائيل الكبرى. لكن هذا السيناريو محض خيال، فهي تعرف قبل غيرها أنه صعب جدا، ولن يجود عليها به السياق الدولي الحالي.

الدعم الأمريكي ليس شيكا على بياض ولا مضمونا إلى ما لا نهاية، فالحرب جاءت في وقت غير مناسب لأمريكا نفسها، التي كانت تتمنى لو لم تقع إسرائيل في هذا الفخ خلال هذا الظرف العصيب بالذات، هو عبء قد لا تطيقه لا معنويا ولا اقتصاديا ولا استراتيجيا، إلى جانب حرب أوكرانيا الدائرة، فإسرائيل تعيد أمريكا قسرا إلى مربع الشرق الأوسط، في وقت كانت توجه فيه عيونها نحو الصين، غريمتها المعلنة التي تنازعها المرتبة الأولى عالميا، التي اكتشفت أن اشتغالها بحروب أفغانستان والعراق هو ما منح الفرصة للصين وروسيا للصعود اقتصاديا. ألا تفضل أن تحشد كل قوتها لأجل أن تتفرغ لجنوب شرق آسيا دون تشويش؟

هذه المعطيات تفسر لماذا لا تريد أمريكا حربا إقليمية في الشرق الأوسط، ولمَ تطمئن إيران بأنها لا تملك عليها أدلة تثبت تورطها في دعم حماس خلال هذه العملية.

على العرب والمسلمين أن يقوموا بقراءة صحيحة للمشهد، لاتخاذ الموقف الصحيح، ذلك أن عدم تمدد الحرب يجنب الشرق الأوسط كوارث وشرورا وأهوالا كثيرة إضافية، لكن يجب أن لا يكون ثمنه شيئا آخر غير وقف الحرب وشروع أمريكا في فرض حل الدولتين على الطرفين.

وهذا ما يقتضي الكثير من الصبر والحزم ونفاذ البصيرة في التفاوض من طرف القادة العرب والمسلمين، وخصوصا قادة دول الطوق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى