شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الربح الفاحش

على الرغم من تحرير الأسعار بالسوق المغربية وخضوعها لمبدأ العرض والطلب كما هو معمول به في دول العالم، فإنه من الضرورة كبح جماح الربح الفاحش الذي تسعى إليه لوبيات متحكمة باستغلالها الذروة التجارية في مناسبات دينية مثل شهر رمضان الكريم وعيد الأضحى.. وضرورة مراجعة وتتبع سلاسل الإنتاج والوساطة في بيع المنتوجات، ومحاربة الاحتكار بطرق ملتوية والتحايل على القوانين باستغلال انتشار فيروس الفساد.

لا يمكن للمُنتج تسويق منتوجه بدون وساطة ضرورية بينه والتاجر، لكن يجب أن يخضع الأمر لتقييم دقيق للتوازن في الأرباح الموزعة بين الأطراف، لأنه لا يعقل أن يكدح المُنتج وتقوم الدولة بدعم القطاعات المعنية، ويأتي في الأخير سماسرة ليقوموا في لمح البصر بالتلاعب بالأسعار ورفعها وتحقيق أرباح خيالية على حساب القدرة الشرائية للمواطن، وتضرر الفئات الهشة والفقيرة واضطرارها للغرق في الديون من أجل توفير الحاجيات الأساسية للحياة.

إذا كان هناك تباين محدود ومقبول بين الأسعار التي يبيع بها الفلاح منتوجه، وتلك التي تباع بها المنتوجات بأسواق الجملة، فإن نار الأسعار غير مقبولة عند وصول المنتوجات للمستهلك، حيث نجدها في الكثير من الأحيان تقفز إلى مستويات قياسية، ما يمنح مؤشرا واضحا على أن أرباح الوسطاء يجب أن تخضع لمعايير صارمة، تتلاءم وإجراءات الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، والتدابير التي تقوم بها القطاعات الحكومية للتخفيف من نار الغلاء.

لقد تطرق تقرير مجلس المنافسة حول أسواق الجملة للخضر والفواكه إلى أن هناك فجوة كبيرة بين الأسعار التي يبيع بها الفلاحون والمنتجون، والأسعار التي يدفعها المستهلك، حيث يذهب أكثر من 50 في المائة من القيمة إلى الوسطاء، وهو الشيء الذي يتطلب المزيد من المراقبة وزجر المضاربات والغش في المعاملات المالية، وصنع اختلالات في العرض ليرتفع الطلب وترتفع معه الأسعار.

هناك حاجة ماسة لردع المخالفين لقوانين المنافسة الشريفة، والصرامة في محاربة الاحتكار والعمل على تتبع حالات التخزين السري للمواد الغذائية الأساسية في انتظار ارتفاع سعرها في السوق أو تلك المغشوشة التي يتم تزوير صلاحيتها، فضلا عن وقف المضاربة باستغلال الذروة التجارية والعادات الغذائية للمغاربة في المناسبات الدينية.

هناك الملايير التي تقدمها الدولة لدعم قطاعات مثل الفلاحة وتربية المواشي، وكذا المواد الغذائية الأساسية في موائد المغاربة، لذلك لابد أن يجد المستهلك أثر ذلك على قفته اليومية، وتتم حماية القدرة الشرائية بواسطة إجراءات ناجعة فيها الفعل أكثر من الكلام، سيما في ظل موجة الغلاء التي ظهرت مباشرة بعد جائحة كوفيد وتستمر تبعاتها الكارثية في تدمير الطبقة المتوسطة وتعميق معاناة الطبقة الفقيرة، بالإضافة إلى التأثير السلبي للحروب وصراعات المصالح الكبرى بين الدول العظمى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى