![](https://www.alakhbar.press.ma/wp-content/uploads/2025/02/476097566_968625412035207_9168604235962987210_n-750x470.jpg)
أعطيت، الأربعاء الماضي، بمدينة أكادير إشارة الانطلاقة الرسمية لفعاليات الدورة السابعة من معرض “أليوتيس” الدولي، تحت شعار “البحث والابتكار من أجل صيد بحري مستدام”، المنظمة تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، من طرف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بحضور وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، وكاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، ووالي جهة سوس ماسة عامل عمالة أكادير إداوتنان، سعيد أمزازي، فضلا عن ممثلي وفود أجنبية.
لمياء جباري
تمتد فعاليات هذه الدورة من 6 إلى 9 فبراير الجاري بفضاء المعارض في أكادير، مستضيفةً فرنسا ضيفة شرف؛ فيما تستضيف 523 عارضا يمثلون 54 دولة، من بينها 4 دول تشارك لأول مرة، وهي كوريا الجنوبية، والمملكة المتحدة، والهند وسلطنة عُمان. وتأتي هذه الدورة في سياق يتسم بالجفاف والتغير المناخي وارتفاع ملحوظ في أسعار الأسماك.
سمك السردين متوفر
قال أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إن النقص في إنتاج كميات السمك يعود بالأساس إلى تأثره بالجفاف. وأكد البواري، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، يوم الاثنين 20 يناير، أنه في فصل الشتاء، يختفي السمك بكل أنواعه إلى أماكن بعيدة يصعب الصيد فيها وفي بعض الأحيان تكون مفيدة له. وأوضح وزير الفلاحة أن الحكومة بذلت مجهودات كبيرة لضمان تزويد مستمر ومتواصل للأسواق وللتحكم في استقرار أسعار المواد الغذائية الأساسية، وذلك لمواجهة التحديات التي عرفتها بلادنا في السنوات الماضية نتيجة التغيرات العالمية المركبة.
وقالت زكية درويش، التي تم تعيينها أخيرًا كاتبة دولة لدى وزير الفلاحة والتنمية القروية والمياه والغابات، المكلفة بالصيد البحري، خلال مشاركتها في الدورة السابعة لمعرض «اليوتيس»، إن قطاع الصيد البحري يشهد تطورًا إيجابيًا ويحقق نتائج واعدة، موضحة أن جهودًا كبيرة بُذلت لتعزيز هذا القطاع الحيوي، بهدف تحويله إلى محرك للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز الأمن الغذائي وخلق فرص عمل جديدة. وأشارت الدريوش إلى أن المؤشرات الحالية تعكس تفاؤلًا بمستقبل القطاع، حيث بلغ الإنتاج البحري الوطني عام 2024 حوالي 1.42 مليون طن، محققًا قيمة تقارب 16.3 مليار درهم.
ويعود هذا النجاح إلى الإدارة الفعالة للموارد البحرية، من خلال تنفيذ 30 خطة لتدبير المصايد تغطي أهم مناطق الصيد، بهدف تحقيق استغلال مستدام يضمن استمرارية الإنتاج. وأكدت الدريوش أن الصيد التقليدي يمثل 8% من إجمالي المصيد، في حين يكمل الصيد الساحلي والصيد الصناعي باقي الإنتاج، ما يساهم في تحقيق توازن يحافظ على التنوع البيولوجي البحري، مع تلبية احتياجات الأسواق المحلية والدولية.
وقالت الدرويش، خلال لقاء صحفي عقدته، أول أمس الخميس، على هامش الدورة السابعة من المعرض، إن “قطاع الصيد البحري مازال يحتفظ بدور حيوي في الاقتصاد والتنمية السوسيو-اقتصادية بالمغرب، مع مساهمته بحوالي 1,1% من الناتج الداخلي الإجمالي».
وتسعى الجهات المختصة لضمان توفر كميات كافية من سمك السردين خلال شهر رمضان، رغم تزامنه مع فترة الراحة البيولوجية التي تمتد خلال شهور يناير وفبراير ومارس، والتي عادةً ما تؤدي إلى نقص المعروض.
وفي هذا السياق، أوضحت المسؤولة المعنية، ردًا على سؤال حول الموضوع خلال الندوة الصحفية، أن فترة الراحة البيولوجية ستنتهي في 15 فبراير الجاري، وأكدت أن الجهود متواصلة لإعادة إطلاق مبادرة «الحوت بثمن معقول» في نسختها السابعة، وذلك قبل حلول رمضان بعشرة أيام، بهدف توفير السمك المجمد المُحمّل على بواخر الصيد في أعالي البحار وإتاحته للمستهلك المغربي بأسعار مناسبة.
وأشارت المسؤولة إلى تزايد ثقة المغاربة في هذا النوع من المنتجات البحرية، موضحةً أن المبادرة، منذ إطلاقها، شهدت بيع حوالي 3 آلاف طن من الأسماك خلال عام 2023. وكشفت الدريوش عن خطط لتوسيع نطاقها هذا العام لتشمل 35 مدينة بدلًا من 22، ما سيؤدي إلى ارتفاع عدد نقاط البيع من 660 إلى 700 نقطة، بهدف تعزيز وصول المستهلكين إلى هذه المنتجات.
31 مليار درهم من المنتجات البحرية
في ما يتعلق بصناعة تحويل المنتجات البحرية، أوضحت الدرويش أن المغرب يتمتع ببنية تحتية متطورة تشمل 518 وحدة تثمين على اليابسة و311 وحدة تجميد في البحر، ما يعزز مكانته كفاعل رئيسي في هذا المجال.
وتُمكن هذه المنشآت من معالجة حوالي 60% من المصيد الساحلي، وإنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات مثل المصبرات، وأنصاف المصبرات، والمنتجات الطازجة، والأسماك المجمدة والمملحة، بالإضافة إلى زيوت الأسماك ودقيق السمك.
وأشارت الدريوش إلى أن هذه المنتجات تلبي معايير جودة عالية، ما يسمح بتصديرها إلى 138 سوقًا دوليًا، وهو ما يعزز مكانة المغرب كقطب إقليمي في هذا القطاع، إلى جانب مساهمتها في خلق فرص عمل وزيادة القيمة المضافة للصناعة البحرية.
وعلى مستوى الصادرات، سجلت المنتجات البحرية المغربية عام 2023 رقمًا قياسيًا بلغ 31 مليار درهم، ما يمثل 37% من إجمالي الصادرات الغذائية الزراعية، مؤكدة بذلك التنافسية القوية للمنتجات المغربية في الأسواق العالمية.
وتشمل الصادرات الرئيسية مصبرات السردين، والأسماك، والرخويات والقشريات المجمدة، وهو ما يعكس الجمع بين الخبرة العريقة والاستثمار المستمر في تحسين الجودة وتنويع العرض.
أما الاستثمارات الخاصة في قطاع تثمين المنتجات البحرية وتحويلها، فشهدت تطورًا ملحوظًا في عام 2023، حيث تجاوزت 930 مليون درهم، مسجلة نموًا بنسبة 26% مقارنة بعام 2022.
وتم توجيه هذه الاستثمارات نحو تحديث البنية التحتية، واعتماد تقنيات متقدمة في وحدات التحويل، ودعم المشاريع المبتكرة، ما يعزز تنافسية القطاع ويساهم في تحقيق تنمية مستدامة.
دعم بقيمة 1.6 مليار درهم للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري
أشارت الدريوش إلى أن الدولة قدّمت دعمًا بقيمة 1.6 مليار درهم للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، بهدف تطوير وتأهيل البنية التحتية البحرية واللوجستية، بالإضافة إلى توفير المعدات الحديثة وسفن مزودة بأحدث التقنيات. ورغم ذلك، شددت كاتبة الدولة على أن هذا الدعم لا يزال غير كافٍ، إذ يتطلب القطاع موارد مادية وبشرية إضافية، نظرًا لاتساع وطول السواحل المغربية.
وأكدت المسؤولة أن البحث والابتكار العلميين يشكلان ركيزة أساسية في الاستراتيجية الوطنية لتنمية قطاع الصيد البحري، وهو محور نقاشات هذه الدورة السابعة. واستعرضت الجهود المبذولة لتعزيز القدرات العلمية والتقنية للمغرب، بهدف فهم الديناميات البحرية بشكل أعمق واستباق التحديات البيئية والمناخية.
وشملت استثمارات البحث اقتناء السفينة العلمية «الحسن المراكشي» بقيمة 462 مليون درهم، وتشغيل قارب «الباحث» (19 مليون درهم)، إضافة إلى السفينة «ابن سينا 2» (34 مليون درهم)، ما عزز قدرة المغرب على تحليل النظم البيئية البحرية وتقييم مخزونات الصيد بدقة، ليصل إجمالي أسطول الأبحاث إلى خمس سفن نشطة.
إلى جانب ذلك، تم إنشاء مراكز بحث إقليمية في طنجة وأمسا والداخلة، باستثمارات بلغت 240 مليون درهم، تضمنت مختبرات متطورة ومفرخات تجريبية. وأوضحت الدريوش أن تتبع الموارد البحرية يتم عبر شبكة لمراقبة النظم البيئية الساحلية والبحرية، لضمان استدامة المصايد الاستراتيجية، في إطار 30 مخططًا لإدارة المصايد، تستند إلى بيانات علمية محدثة. كما يُوظَّف الذكاء الاصطناعي في مراقبة مخزونات الصيد البحري لحظيًا والتنبؤ بآثار التغيرات المناخية، بالإضافة إلى تطوير معدات صيد مبتكرة مصنوعة من مواد قابلة للتحلل الحيوي للحد من التلوث البحري.
الإنتاج البحري بلغ 1.42 مليون طن
وفقًا للمعطيات والبيانات التي قدّمتها المسؤولة الحكومية عن قطاع الصيد البحري، سجل المغرب عام 2024 إنتاجًا بحريًا بلغ حوالي 1.42 مليون طن، بقيمة مالية تقارب 16.3 مليار درهم، ما يمثل نموًا سنويًا بنسبة 6.6% خلال الفترة الممتدة بين 2010 و2024.
ويؤكد هذا الإنجاز نجاح استراتيجية «أليوتيس»، التي أطلقها الملك محمد السادس من أكادير، والهادفة إلى تطوير قطاع الصيد البحري عبر ثلاثة محاور رئيسية: استدامة الموارد، تحسين كفاءة سلاسل الإنتاج وتعزيز التنافسية في الأسواق الدولية.
وأشارت كاتبة الدولة إلى أن قطاع الصيد البحري يُعدّ من المصادر المهمة للعملة الصعبة، حيث بلغت قيمة صادراته نحو 27.4 مليار درهم بحلول نهاية عام 2024، بعد تحقيق رقم معاملات قياسي بلغ حوالي 31 مليار درهم عام 2023. وتسلط البيانات الرسمية الضوء، أيضا، على الأثر الاجتماعي والاقتصادي الكبير لهذا القطاع، إذ يوفر أكثر من 260 ألف فرصة عمل مباشرة، من بينها 113,845 وظيفة في عرض البحر وفق إحصاءات عام 2023.
وأضافت الدريوش أنه “رغم رفع الإنتاج السمكي الوطني، فإن العمل مستمر لتطوير الصيد البحري وتربية الأحياء المائية في المغرب ومواجهة تحديات ورهانات التطوير، خاصة مع تغيرات المناخ المتسارعة (تزايد حرارة مياه المحيطات، ظاهرة النينيو، الاستدامة والتنوع البيولوجي…)”، وتابعت «بفضل التدبير الدقيق لمخزونات الأسماك، بعد وضع وتنفيذ 30 مخطط تهيئة لمصايد الأسماك السطحية، تغطي المناطق الرئيسية للصيد البحري على طول أزيد 3000 كيلومتر من السواحل، تستمر جهود تعزيز المراقبة من طرف 4 فاعلين، بما يشمل الوزارة الوصية بمعية الملكية البحرية والدرك الملكي لرصد المخالفات وتغريم مخالفي القوانين المنظمة”؛ وبينما شددت على “أهمية المخططات لضمان استغلال مستدام للموارد مع الحفاظ على مستويات إنتاج مثلى”، أكدت الدريوش أن “الصناعة التحويلية للمنتجات البحرية تجعل المغرب فاعلا رئيسياً يتوفر حاليا على 518 وحدة لتحويل المنتجات في البَـرّ و311 وحدة للتجميد في البحر”.