![](https://www.alakhbar.press.ma/wp-content/uploads/2022/11/hassanelbasri-750x470-1.jpg)
حسن البصري
فوجئت أثناء حضوري بمقر إقامة المنتخب المغربي بمدينة عجمان الإماراتية، خلال بطولة العالم للناشئين في أكتوبر 2013، بوجود لاعبي الفريق الوطني في بهو الفندق وهم غارقون في مكالمات هاتفية أو مبحرون في الفضاء الأزرق لا يبالون بمن حولهم، أما الراسخون منهم في الرزانة فاختاروا التقاط صور للذكرى.
في لحظة مر أمامنا طابور من لاعبي المنتخب الياباني “مثنى مثنى”، توجهوا صوب قاعة في مدخل الفندق، قال موظف الاستقبال المغربي بصوت مسموع، “هاذو غادين يقراو”. وحين اقتربت منه أكد لي أن الفريق الياباني يرافقه مدرس مهمته تأمين “التوصيلات” المعرفية للاعبين قدر لهم أن يخوضوا منافسات رياضية خارج بلدهم في بداية الموسم الدراسي، اعتمادا على تعليم عن بعد.
سألت إداري المنتخب المغربي عن الوضع الدراسي للاعبين، فقال إن غالبيتهم تدبروا الأمر مع مؤسساتهم التعليمية ومنهم من اعتزل الدراسة حين اختار المسار الكروي.
الغريب أن لاعبا كان موجودا مع المنتخب المغربي في هذه البطولة، اسمه يونس بن مرزوق، هو الأكثر حرصا على تتبع دراسته بموازاة مع تداريبه فرماه زملاؤه بلقب “المجتهد”. والأغرب أن يعلن ذات اللاعب أمس على صفحته الفايسبوكية إصابته بفيروس كورونا ويطالب متابعيه بالدعاء له.
اختفى هذا اللاعب من ذاكرة المنتخبات الوطنية، بعد أن اختار الانضمام للمنتخب الفرنسي للشبان قبل أن يغيب عن دائرة الضوء بسبب إصراره على الجمع بين الكرة والتحصيل وهو أمر مستحيل.
سبقنا اليابانيون إلى التعليم عن بعد، لأنهم يؤمنون بجدوى المعرفة، كان مشهدهم وهم يعبرون أمامنا متأبطين لوحاتهم الإلكترونية يستفزنا، بينما يردد كثير من المدربين المغاربة على مسامع الناشئين عبارة: “إلى مجابها القلم يجيبها القدم”، وحين يدير العلم والكرة سويا ظهريهما للاعب يجتمع فيه الجهل والفشل.
سابقا أعادنا وباء الفيروس المرعب كورونا، إلى الدراسة عن بعد والتعلم عن بعد والتخاطب عن بعد، وتساءل رجال التربية والتعليم: كيف يمكن إنقاذ ما تبقى من السنة الدراسية؟ وطرح المدربون نفس السؤال: ماذا يمكن إجراؤه لكي يتواصل اللاعبون مع مؤطريهم ويتلقوا تدريباتهم دون الحاجة للتنقل إلى الملعب؟
ولأن الحاجة أم الاختراع فقد ابتكر مدربون متطوعون حصصا أون لاين دون الحاجة إلى اللمس والهمس والآهات والزحمة، ودخل أطباء الفرق على الخط، فزودوا اللاعبين المصابين بالتعليمات وتقنيات التدليك الذاتي لأجسادهم دون الحاجة لأيادي ناعمة، ومع عامل توصيل تصلهم آليات لمكافحة الذهنيات التي تنتعش في العطل والمناسبات.
أنشأت فرق من قسم الهواة صفحات على الفايسبوك، لإتاحة الفرصة للتواصل بين لاعبيها، وعبر الفيديو قدموا دروسا جاهزة للتدريب الانفرادي. لكن اللاعبين طالبوا رئيس الفريق بأنترنيت مجاني حتى يسايروا المستجد، ومنهم من طالب بصرف المتأخرات المالية المعطلة، وبعد يومين قرر الرئيس في اجتماع طارئ مع نفسه في بيته إغلاق الحساب، وكتب عبارة مستفزة: “العبوا البلاي ستايشن في بيوتكم فهي مباريات افتراضية ترفع من اليقظة والتنافسية”، ثم انسحب.
نظام دراسة ورياضة ينهي العمل بالقول المأثور “إلى مجابها القلم يجيبها القدم”، بعض المدربين اقترحوا على قناة الرياضية بث حصص تعليمية مادام اللاعبون يفضلون متابعة القنوات الرياضية وآخرون طلبوا من لاعبيهم توسيع مداركهم في علوم الحياة والأرض بإطلالة على قنوات أخرى، واستغلال الوقت الثالث في تعلم اللغات الأجنبية ولو من خلال كتاب الجيب “كيف تتعلم اللغة الإنجليزية في خمسة أيام دون معلم”.